صراع مناصب بين حكومة الدبيبة ومؤسسة النفط الليبية

بعد قرار وزير النفط إيقافه عن العمل، مصطفى صنع الله يواصل إدارة مؤسسة النفط ويصف خصومه بـ"الناعقين والفاشلين".
الاثنين 2021/08/30
صراع مناصب يهدد نفط ليبيا

طرابلس - دخل قطاع النفط الليبي وإدارة عملياته في دائرة الصراع على المناصب بين حكومة عبدالحميد الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط، بعد قرار إيقاف مصطفى صنع الله عن العمل وإخضاعه للتحقيقات، في خطوة قد يصعب تنفيذها، لاسيما أمام تمسك الأخير بمنصبه.

وقال محمد عون وزير النفط الليبي الأحد في رسالة وجهها إلى جادالله العوكلي، يُكلِّفه فيها للمرة الثانية بتسيير عمل المؤسسة بشكل مؤقت إلى إشعار آخر، "إن صنع الله يخضع للتحقيق وتم وقفه عن العمل".

ويأتي هذا القرار في وقت يواصل صنع الله عقد اجتماعاته بالمقر الرئيسي للمؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، حيث استمع الأحد إلى احتياجات شركة نفوسة للعمليات النفطية، لزيادة الإنتاج، وتنفيذ أعمال الصيانة اللازمة.

وقال صنع الله خلال اللقاء إن "المؤسسة الوطنية للنفط رغم كل الظروف كانت ولا تزال وستكون دائما السبب الرئيسي لوحدة ليبيا واستقرارها، والداعم الرئيسي والوحيد لاقتصادها".

وأضاف أن "مؤسسة النفط من أعرق المؤسسات بليبيا، وأنها واجهت تحديات كبيرة وتغلبت عليها كلها بفضل الله ثم بفضل التفاف العاملين حولها"، مشددا على أن مؤسسة النفط لن يثنيها عن رسالتها الوطنية من وصفهم بـ"الناعقين والفاشلين".

وطفا على السطح خلاف بين صنع الله ووزير النفط، حيث وجّه الأخير رسالة أيضا في الرابع عشر من أغسطس الجاري إلى الدبيبة يدعوه فيها إلى استبدال مجلس إدارة المؤسسة التي يديرها صنع الله، بسبب عدم تعاونه مع وزارة النفط، واقترح تشكيل مجلس إدارة جديد للمؤسسة يتكون من 6 أعضاء.

وقال عون حينها إن التغيير مطلوب في أسرع وقت ممكن، لأن المجلس الحالي لمؤسسة النفط تم تشكيله بطريقة تتعارض مع قوانين الدول الأعضاء في أوبك.

وشغل صنع الله منصب رئيس مجلس الإدارة لمدة سبع سنوات وأدار قطاع الطاقة بشكل فعال، بما في ذلك تمثيل ليبيا في اجتماعات منظمة البلدان المصدرة للبترول، حتى تم تعيين عون في مارس كأول وزير نفط في البلاد منذ عام 2014، فيما كانت المؤسسة الوطنية للنفط واحدة من المؤسسات القليلة القادرة على العمل عبر الانقسامات السياسية في ليبيا.

وبعدها، وجّه صنع الله رسالة إلى رئيس الحكومة قال فيها "إن المؤسسة يجب أن تظل بعيدة عن التجاذبات السياسية وأن تكون عنوانا للمهنية والانضباط والكفاءة والشفافية والنزاهة".

وفي الرابع والعشرين من الشهر الجاري، تولى وزير النفط تكليف العوكلي بمهام رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، نظرا لغياب صنع الله عن العمل وتواجده خارج البلاد، إلا أن العوكلي أكدّ في خطاب وجهه الخميس إلى الوزير عون أنه لم يُمكّن من مهام المنصب الموكل إليه، مشيرا إلى أن صنع الله "رغم علمه بالتكليف أبلغ مدير مكتبه بأنه مستمر في ممارسة عمله بصورة اعتيادية من مكان تواجده خارج البلاد".

ودخل الدبيبة على خط الأزمة بين وزير النفط ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، وقال إنه لم "يدرس بعد اقتراح وزير النفط بتغيير مجلس الإدارة"، مضيفا أن "صنع الله قد يتغير وقد لا يتغير، كل شيء ممكن"، موضحا أنه ستكون هناك بعض التغييرات، "لكن ليس بالشكل الذي طلبه الوزير".

وتجد مطالب وزير النفط بتغيير إدارة المؤسسة معارضة كذلك من داخل الوزارة، حيث أكد وكيل وزارة النفط والغاز لشؤون الإنتاج رفعت العبار رفضه لهذا المقترح، وأبلغ الدبيبة في كتاب بتحفظه على طلب التغيير، موصيا باستمرار أعضاء مجلس الإدارة الحالي "لما يملكونه من خبرة وكفاءة في تسيير القطاع".

وفي ظل هذا الصراع على القيادة، ينتظر قطاع النفط في ليبيا مأزقا كبيرا، قد يصل إلى حدّ توقيف الإنتاج، بسبب تراكم المديونية وأزمة الميزانية، وهو ما يهدّد بخسائر مالية جديدة، ستنعكس سلبا على الاقتصاد الليبي الذي بدأ يشهد تعافيا نسبيا بعد الازدهار النفطي وتحقيق معدلات إنتاج قياسية نتج عنها تدفق كبير للإيرادات.