صراع أجنحة خلف مشروع سحب الثقة من وزير الدفاع الكويتي

"حدس" تستغل الموقف لتحقيق مكاسب سياسية وشعبية.
السبت 2022/01/22
من يريد إقصاء الشيخ جابر العلي؟

يثير طلب سحب الثقة من نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي الصباح جدلا واسعا في الكويت، خصوصا وأن المبررات التي تم الاستناد إليها لتمرير طلب سحب الثقة تبدو ضعيفة الأمر الذي يعزز الموقف القائل بوجود خفايا سياسية خلف ما يحدث.

الكويت - يواجه نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ حمد جابر العلي الصباح الأربعاء المقبل إمكانية سحب الثقة منه في مجلس الأمة، في خطوة لو تحققت ستثير تفاعلات كثيرة على الساحة الكويتية، لاسيما مع حديث متزايد عن دوافع سياسية خلف محاولة إقصاء الوزير.

وأبدى تسعة عشر نائبا حتى الآن تأييدهم لقرار سحب الثقة، فيما ربط عدد من النواب وبينهم نواب الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) موقفهم بجملة من الشروط، من ضمنها تعهد الحكومة بحل قضية الإسكان خلال جلسة خاصة تسبق التصويت، والتزام الشيخ جابر العلي بالفتوى الشرعية في ما يتعلق بالتحاق المرأة بالجيش.

وقالت أوساط سياسية ونيابية في الكويت إن طلب سحب الثقة الذي تقدم به عشرة نواب الأربعاء الماضي على خلفية استجواب كان طرحه النائب حمدان العازمي بحقه لا يخلو من حسابات سياسية في علاقة بصراع أجنحة داخل الأسرة الحاكمة في الكويت.

ولفتت الأوساط إلى أن هناك من داخل الأسرة من كان متحفظا على إعادة تسمية الشيخ جابر العلي لمنصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في الحكومة الجديدة التي أدت اليمين الدستورية في وقت سابق من الشهر الجاري.

الأنظار تتجه حاليا إلى موقف كتلة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وما إذا كانت ستؤيد سحب الثقة من الوزير

وذكرت الأوساط أن حضور الشيخ جابر العلي والكاريزما التي يتحلى بها يشكلان مصدر قلق للكثيرين من بينهم أولئك الذين يريدون الحفاظ على موقعهم في السلطة، والطامحين لتولي رئاسة الوزراء مستقبلا.

وتتقاطع هذه الطموحات مع حسابات ومواقف بعض النواب من الشيخ جابر العلي والذين يرون أن أفكاره ورؤاه تتعارض وطبيعة المجتمع الكويتي المحافظ، من ذلك إقدامه على خطوة إلحاق المرأة بالعمل العسكري.

وأعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الأربعاء عن تقدم عشرة نواب بطلب للتصويت على حجب الثقة عن الشيخ جابر العلي بعد استجوابه من قبل النائب حمدان العازمي.

وتضمن الاستجواب خمسة محاور تتعلق بإقحام المرأة في السلك العسكري، وتجاهل توصيات ديوان المحاسبة حول صفقة يوروفايتر، وعدم التعاون مع الأجهزة الرقابية، وتجاهل الرد على الأسئلة البرلمانية، وعدم إصدار اللوائح التنفيذية لبعض القوانين والتفريط في أراضي الدولة وعدم الالتزام بقرارات مجلس الوزراء والخدمة المدنية بشأن أولوية التعيين وتطبيق سياسة الإحلال.

وحرص وزير الدفاع خلال الاستجواب على الإجابة على جميع الاستفسارات والأسئلة، وقد أكد الشيخ جابر العلي أن قراره إلحاق المرأة بالسلك العسكري والذي كان الدافع الأساسي للاستجواب لم يكن اعتباطيا، حيث أن المرأة الكويتية نجحت في إثبات كفاءتها وتحليها بالانضباط خلال عملها في حرس مجلس الأمة ووزارة الداخلية.

وشدد وزير الدفاع على أن القرار ينص على اقتصار عمل المرأة في الجيش على “هيئة الخدمات الطبية والهندسية والفنية وباقي التخصصات الفنية التي تعمل بها المرأة في الوقت الراهن”، وأنه لن يكون لها أي دور في الأعمال القتالية، كما أنها لن تقيم في معسكرات الجيش.

وكان وزير الدفاع اتخذ في نوفمبر الماضي قرارا بإشراك المرأة في السلك العسكري في خطوة أثارت ضجة واسعة لاسيما في صفوف الإسلاميين الذين اعتبروا أن هذه المشاركة “تتنافى وفطرة المرأة”.

واضطر وزير الدفاع تحت وقع الضغوط إلى إيقاف أول دورة تدريبية للنساء الأسبوع الماضي، بانتظار صدور فتوى شرعية من وزارة الأوقاف الإسلامية، بيد أن ذلك لم يشفع له لدى النواب لمساءلته حول القرار في الاستجواب المقدم والذي تم إدراج جملة من القضايا الأخرى ضمنه، فيما بدا أن هناك حرصا على تمرير سحب الثقة منه.

ودافع الشيخ جابر العلي خلال رده على الاستجواب على موقفه في ما يتعلق بصفقة يوروفايتر الإيطالية، مؤكدا أنه أحال جميع التوصيات والملاحظات التي أوردتها لجنة التحقيق التي تشكلت في عهد وزير الدفاع الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد “نزاهة”، مشيرا إلى أن الاتهامات الواردة بشأن التفريط في أراضي الدولة غير صحيحة، حيث “لا يحق للوزارة أو الوزير التنازل عنها لأفراد”.

19

نائبا أبدوا تأييدهم لقرار سحب الثقة، فيما ربط نواب "حدس" موقفهم بجملة من الشروط

وتفجرت قضية صفقة يوروفايتر في العام 2019، وقام وزير الدفاع الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد بتشكيل لجنة للنظر في شبهات فساد طالتها، وكانت الكويت وقعت مع إيطاليا في العام 2015 صفقة لشراء ثمانية وعشرين طائرة من طراز يوروفايتر مقابل تسعة مليارات دولار.

ويرى مراقبون أن الدوافع التي استند إليها النواب العشرة في طرح مشروع سحب الثقة من وزير الدفاع تبدو ضعيفة، لا بل أن بعضها يدين مجلس الأمة حيث أنه لم يقم بدوره الرقابي طيلة السنوات الماضية ومنها قضية يوروفايتر.

ويشير المراقبون إلى أن الأنظار متجهة حاليا إلى موقف عدد من الكتل وبينها كتلة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، لجهة ما إذا كانوا سيدعمون سحب الثقة، وهو أمر إن حصل سيؤكد الشكوك في أن دوافع الطلب ذات مسحة سياسية.

ويحشد النواب المؤيدون لسحب الثقة لإنجاح التصويت، وقد أثار موقف نواب الحركة الدستورية الإسلامية غضب هؤلاء الذين اعتبروا أن “حدس” تسعى لاستغلال الوضع لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية.

وربط النواب أسامة الشاهين وعبدالعزيز الصقعبي وحمد المطر ومحمد الحويلة موقفهم من التصويت على طرح الثقة بالتزام الوزير بالفتوى الشرعية بشأن التحاق المرأة بالجيش، إضافة إلى تعاون الحكومة في حل قضية الإسكان في جلسة خاصة الثلاثاء المقبل.

ويعتبر موقف نواب “حدس” مصيريا بالنسبة إلى وزير الدفاع خصوصا وأن هناك تسعة عشر نائبا أبدوا تأييدا لسحب الثقة، فيما يتطلب نجاح تمرير المشروع موافقة أربعة وعشرين نائبا.

وكان موقف “حدس” أثار ضجة واسعة بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال خالد خليفة الدرويش على حسابه على تويتر “لا أعلم ما هو الرابط بين قضية الإسكان ومحاور الاستجواب! فإما أن يكون الاستجواب مستحقا فيطرح في الوزير الثقة وإما ألا يكون مستحقا فيمنح الوزير الثقة، فضلاً عن ذلك فإن المعضلة السكنية ليست لها علاقة بوزير الدفاع لا من قريب ولا من بعيد!”.

ودشن عدد من الناشطات حملة مساندة لوزير الدفاع معتبرات أن خطوة الشيخ جابر العلي بإقرار حق المرأة في المشاركة في الجيش لا يمكن إلا أن تثمن وليس أن تطرح عنه الثقة، داعيات المجتمع المدني ولاسيما المنظمات النسوية إلى التحرك ومساندته.

وقالت الإعلامية فجر السعيد في تغريدة على تويتر “أنا مستاءة جداً من نساء الكويت، ترا أنتن أولى المستفيدات من قرار وزير الدفاع، وين صوتكن، وين شعاراتكن، ليش ما (لماذا لا) تقودون حراك عالأقل عالعالم الافتراضي لدعم الوزير بالذات عضوات الجمعيات النسائية والناشطات وحتى الفاشنستات اللي متابعينهم بالملايين؟”.

وغردت الدكتورة فريدة الحبيب قائلة “أطلق من هذا المنبر نداء إلى نساء الكويت الفاضلات ورجال الكويت الأفاضل وكل إنسان يدعمنا في مواجهة مع قوى التخلّف والظلام التي أبت أن تعامل المرأة كإنسان كامل الحقوق والواجبات”.

3