صديق دمشقي: الأزمات الاقتصادية غيرت الألحان الموسيقية

أخرجت سوريا على مر عقود العشرات من المطربين، الذين نجحوا جراء تعاونهم مع شعراء وملحنين مهمين. وحتى الآن لا تزال الساحة الفنية تزخر بالعديد من المواهب والقدرات الموسيقية، منها الملحن صديق دمشقي الذي يحاول الحفاظ على أصالة ألحانه مع مواكبة التطور في الموسيقى العالمية.
دمشق - السوري صديق دمشقي مبدع في اللحن والموسيقى عرف كل أنماط التلحين وحافظ على الانتماء والأصالة الدمشقية والموشحات، وواكب الحداثة بأسلوب معرفي دون التخلي عن الماضي.
ومنذ العام 1984 حين سجل أول ألحانه في إذاعة دمشق للمطرب جهاد سمعان واعتُمد منذ ذلك الحين ملحنا لدى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري، لم يتخل دمشقي عن التلحين محافظا على هويته الشامية، وتأثره بالموسيقى العربية. لكنه لم يعد غزير الإنتاج إذ يرى أن الأزمات الاقتصادية أثرت بشكل كبير في الألحان العربية هذه السنوات.
وقال دمشقي “في مدينة دمشق، وضمن بيت يتنسم برائحة الإبداع الموسيقي نشأت، والدي كان يحب الموسيقى ويعزف على آلتي العود والقانون، وجدي صوته جميل ويجيد أداء الأدوار والموشحات والقصائد القديمة. منذ طفولتي كنت محبا للفن والموسيقى، تعلمت العزف على آلة الأكورديون، شاركت بالحفلات الفنية المدرسية وكانت لي محاولات بأن ألحن الأناشيد التي تحفظ للطلاب في المدرسة دون أن أعلم أن هذا الشيء اسمه تلحين”.
دمشقي لحن لمعظم المطربين والمطربات السوريين، وقام بالتوزيع والتنفيذ الموسيقي للعديد من الأعمال الغنائية
وأضاف “في مصر كان شغفي بالموسيقى أكبر بعد لقائي المباشر مع كبار عمالقة الفن والموسيقى، رغم أني كنت بعيدا عن الممارسة الحقيقية للعزف بحكم انشغالي مع والدي في إدارة أعماله”.
وتابع الملحن “حين عدت إلى سوريا لأداء خدمة العلم (الخدمة العسكرية) لم أجد رفاقي كما تركتهم بل إن بعضهم تقدم وتفوق في الفن، حال أصدقائي لم يكن موضع إحباط لي بل على العكس، فقد شجعوني كثيرا على دراسة الموسيقى والعودة إلى المجال الفني، وعدت إلى دراسة الموسيقى والتمرين على العزف ودراسة المقامات الموسيقية العربية من خلال التعليم الذاتي عبر كتب الموسيقى وكل ما يتعلق بها من مقامات وإيقاعات، لأني كنت قد تجاوزت سن الانتساب إلى المعهد الموسيقي”.
وأوضح دمشقي “بعد ذلك انتسبت لنقابة الفنانين وشكل ذلك حافزا جديدا شجعني أكثر على مواصلة بذل الجهد في سبيل تطوير إمكانياتي الموسيقية من الناحيتين النظرية والتقنية وعملت مع عدة فرق موسيقية، منها مع الأستاذ سليم سروه عازف القانون، والأستاذ أمين الخياط في فرقة ‘الفجر’ الموسيقية ومع فرقة الإذاعة والتلفزيون بقيادة عازف الكمان صبحي جارور وفرقة الفنانين المتحدين بقيادة الأستاذ نزار موره لي ومع فرقة النجوم بقيادة هادي بقدونس”.
وأضاف “كنت أول موسيقي يخطو بإنشاء أستوديو للتسجيلات الموسيقية ولحنت لمعظم المطربين والمطربات السوريين، وقمت بالتوزيع والتنفيذ الموسيقي للعديد من الأعمال الغنائية في إذاعة دمشق والأستوديو الخاص بي”.
هناك ظاهرة جيدة وهي إعادة غناء الأغاني الطربية، من ناحية التذكير بها، ولكنها سيئة لأن اللحن يشوه والأداء غير مطابق لها
وأوضح الملحن دمشقي أن من ألحانه التي ما زالت في الذاكرة الفنية رغم تعدد اتجاهات وأساليب التلحين والتي قدمها لمطربين مع بداية مشوارهم الفني أغنية “ارجعلي يا حبيبي” للفنانة كنانة القصير، و”ضوي يا قمر” للفنانة هالة صباغ و”كلام حبيبي يا ناس” للفنان سمير سمرة، مشيرا إلى أن أول ألحان سجلها كانت للمطرب جهاد سمعان بأغنية “بدي بدي ما بدي”.
وبين الملحن السوري أنه قدم لفنان الشعب رفيق سبيعي لحن “بحبك يا شام” و”زينو الساحة” و”ملايين ملايين” وقدم لقناة المنار أكثر من ثلاثين لحنا وطنيا تحمل مضمون المقاومة، من أشهرها “بالأصفر عصبت جبيني”.
ولدى سؤاله عن اتجاهه الخجول إلى تأليف القوالب الموسيقية الآلية، لفت إلى أنه عمل على تقديم سماعيات لأن السماعيات هي الأقرب إلى الذوق العام، حيث سجل عملين وهما غير منشورين إلى الآن.
لحن دمشقي، ذو التكوين الذاتي، لمعظم المطربين والمطربات السوريين، وقام بالتوزيع والتنفيذ الموسيقي للعديد من الأعمال الغنائية في إذاعة دمشق التي تجمع إلى جانب الأغنية العاطفية والشعبية والوطنية العشرات من التواشيح الدينية، وهو منذ بداياته الفنية يؤمن بأن لكل ملحن أسلوبه الخاص، تكوينه الخاص وثقافته المميزة وشخصيته التي تميزه عن بقية الملحنين، لذلك هو في سعي دؤوب ليضفي بصمته الخاصة بين كبار الملحنين في الموسيقى السورية.
وعن رأيه الموسيقي في ألحان الساحة الفنية السائدة، يرى دمشقي أن “الجملة اللحنية اليوم غير كاملة وتتخللها لوازم لا علاقة لها باللحن الأصلي بل يرتجل عازف الأورغ من أجل الرقص والدبكة”، مبينا أن “استخدام الإيقاعات الإلكترونية أصبح عاملا منتشرا لأسباب عدة أهمها مواكبة الموضة، والحالة الاقتصادية السيئة التي من شأنها استخدام إيقاعات إلكترونية مسجلة بدلا من الحية التي تحتاج إلى تكاليف مادية في تسجيلها”.
2004
حصل الملحن السوري على لقب حاصد الجوائز بفوزه بعديد الجوائز من مهرجان الأغنية السورية العاشر
ورأى الملحن أن “هناك ظاهرة جيدة وهي إعادة غناء الأغاني الطربية، من ناحية التذكير بها، ولكنها سيئة لأن اللحن يشوه والأداء غير مطابق لها”، مؤكدا أن “الفن رسالة إنسانية، ومرآة الشعوب، وعلينا أن نحافظ على هويتنا وثقافتنا العربية بموسيقانا وألحاننا”.
دمشقي سجل مشاركات هامة في العديد من مهرجانات الأغنية المحلية والعربية، ففي عام 1997 حصل على جائزة أفضل لحن مع أول مشاركة له في مهرجان الأغنية السورية الثالث عن أغنية “ارجع لي ياحبيبي” من كلمات الشاعر سعدو الذيب وغناء الفنانة كنانة القصير. وفي عام 1998 حصل على جائزة الأورنينا عن أفضل لحن في مهرجان الأغنية السورية عن أغنية “كبروا البنيات” كلمات الشاعر أحمد نعمان وغناء الفنانة رولا ورد. في عام 2002 حصل على الجائزة الفضية من المهرجان التاسع للإذاعة والتلفزيون في القاهرة عن أنشودة “القدس لنا” كلمات منير الملط وأداء مجموعة منشدين.
وفي عام 2004 حصل الملحن السوري على لقب حاصد الجوائز بفوزه بالجوائز التالية من مهرجان الأغنية السورية العاشر، الجائزة الأولى “الأورنينا الذهبية” لأفضل أغنية أطفال بعنوان “سندريلا” من كلمات الشاعر أحمد نعمان وأداء الطفلة غزل الهندي، والجائزة الثانية عن أفضل أغنية متكاملة بعنوان “دعني في عينيك أسافر” للشاعر الغنائي الراحل أحمد قنوع وغناء أمجد رحال، وجائزة أفضل لحن عن أغنية بعنوان “الكلمة والسيف” كلمات حنا كامله وغناء ورود إبراهيم.