صدمة وحزن يلفان بيروت بعد مقتل نصرالله

بيروت - أطلق مسلحون أعيرة نارية في الهواء وأمروا أصحاب المتاجر في أجزاء من بيروت بإغلاقها، وقال أنصار حزب الله إنهم في حالة من الصدمة وعدم التصديق بعد مقتل الأمين العام حسن نصرالله. وأكد حزب الله السبت اغتيال نصرالله، وأصدر بيانا بذلك بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي أنه قتله في غارة جوية على مقر الجماعة في الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة.
ويمثل مقتل نصرالله ضربة قاصمة لحزب الله الذي يواجه حملة عنيفة من الهجمات الإسرائيلية، وحتى مع ظهور تلك الأنباء كان بعض أنصار الجماعة يأملون بشدة في أنه لا يزال على قيد الحياة بطريقة أو بأخرى.
وقالت زهرة، وهي شابة نزحت من معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، إنها تتمنى ألا يكون الخبر صحيحا “إنها كارثة إذا كان (ما يقال) صحيحا”. وأضافت لرويترز عبر الهاتف وهي تجهش بالبكاء “كان قائدنا. كان كل شيء بالنسبة إلينا. كنا تحت جناحيه”.
وقالت إن نازحين آخرين بجوارها فقدوا الوعي أو بدأوا في الصراخ والوعيل عندما تلقوا إخطارات على هواتفهم ببيان حزب الله الذي يؤكد مقتل نصرالله. وكان نصرالله، الذي قاد حزب الله منذ اغتيال زعيمه السابق في عملية إسرائيلية عام 1992، معروفا بخطاباته المصورة التي كان يتابعها مؤيدو الجماعة ومعارضوها باهتمام بالغ.
وقالت زهرة "ما زلنا ننتظره ليخرج على التلفزيون في الساعة الخامسة مساء ليخبرنا بأن كل شيء على ما يرام، وأننا نستطيع العودة إلى ديارنا". وقال شهود إن مسلحين دخلوا المتاجر في بعض المناطق في بيروت وأمروا أصحابها بإغلاقها. ولم يتضح على الفور الفصيل الذي ينتمي إليه الرجال المسلحون.
وقال سكان إنه تم سماع دوي أعيرة نارية في منطقة الحمرا في غرب المدينة بينما أطلق أنصار للحزب النار في الهواء. وسُمعت حشود تهتف “لبيك نصرالله!” وذكرت قناة المنار التابعة لحزب الله أن مواكب شقت طريقها عبر الضاحية الجنوبية لبيروت.
ويتألف لبنان من توازن غير مستقر بين الطوائف الدينية، بما في ذلك المجتمعات الإسلامية والمسيحية المختلفة، التي تمثلها أحزاب سياسية متنافسة. وأصبح حزب الله، تحت قيادة نصرالله، الفصيل الأقوى في البلاد. وبثت قناة المنار التابعة لحزب الله آيات من القرآن الكريم حدادا على مقتل نصرالله. كما قدمت مراسلة من قناة إم تي في لبنان، وهي المحطة التي عادة ما يكون نهجها التحريري مناهضا لحزب الله، تعازيها في بث مباشر.
وفي شارع الحمرا، سارعت نسوة إلى شرفة مبنى وهن يصرخن "الله أكبر" وضربن على صدورهن، بينما كان أشخاص يحدّقون بعيون دامعة في هواتفهم دون حركة، غير مصدقين أن النبأ الذي وصلهم حقيقي. وصرخت امرأة متشحة بالسواد وقد جلست خلف زوجها على دراجة نارية كانت تمر في الحمرا، "لا تصدّقوهم، إنهم يكذبون، السيد بخير".
ولدى أعضاء حزبه ومناصريه، يتمتع نصرالله (64 عاما) بهالة غير قابلة للمسّ، منذ أن تولى الأمانة العامة لحزب الله عام 1992. ويُعد الرجل الأكثر نفوذا في لبنان. وفي أنحاء عدة من بيروت لجأ إليها نازحون فرّوا من معقل الحزب في الضاحية على وقع الغارات الإسرائيلية الكثيفة، ساد الوجوم على الوجوه.
وقالت مهى كريت بتأثر لوكالة فرانس برس "لا أستطيع أن أصف كيف تلقينا الخبر، صرنا نصرخ جميعا". وأضافت "لا يوجد دولة في العالم وقفت في وجه إسرائيل، إلا السيد حسن نصرالله”، معبرة عن غضب شديد إزاء “كل الدول الأوروبية والعربية والتي تسمّي نفسها إسلامية للأسف".
وتكمل متأثرة "نحن من حملنا القضية الفلسطينية على أكتافنا وعلى أكتاف السيد حسن”، مؤكدة أنه سيبقى مصدر “الكرامة”. في بعض أزقة بيروت، تكرّر المشهد ذاته: وجوه متجهمة ودموع من جهة، وتوتر وغضب من جهة أخرى خصوصا في مراكز إيواء حيث تعرّض صحافيون لرشق بعبوات المياه من شبان غاضبين لدى محاولتهم استطلاع آراء النازحين.
ودفعت الغارات الإسرائيلية الكثيفة على الضاحية الجنوبية ليل الجمعة مئات العائلات إلى الفرار، ومنها من قضى ليلته في العراء على الطرق. وفي وسط بيروت، كانت امرأة تنتحب وتقول “السيد لا يموت، وعدنا أن نصلّي في القدس، لا يموت”. وقالت سناء قيس في ما انهمرت الدموع من عينيها “السيد كل شيء. هو ابني وأخي، هو الكرامة والعزة والشرف والنخوة”.
وفي شوارع صيدا في جنوب لبنان، سارت مسيرة حمل المشاركون فيها صورا لحسن نصرالله وأعلاما لبنانية للتعبير عن الحزن على الأمين العام لحزب الله. كذلك سارت مسيرات غضب وحداد في رام الله في الضفة الغربية المحتلة وفي بغداد. وأعلن لبنان الحداد لمدة ثلاثة أيام على نصرالله.