صدمة الرسوم الجمركية تغير اتجاهات صناعة الاستثمار

المعروض من السندات الحكومية غير الأميركية عالية التصنيف يقترب من أدنى مستوياته القياسية.
الخميس 2025/05/01
انتعاش مريح

لندن - يتسابق المستثمرون نحو أسواق متخصصة مثل عملات أميركا اللاتينية وأسهم تعدين الذهب بعد أن هجروا وول ستريت خلال شهر من صدمات السياسة الأميركية التي زادت من مخاطر النمو الأوروبي، في محاولة جديدة لتجنب مخاوف التجارة.

وبعد أن دمر خطاب الرئيس دونالد ترامب المفاجئ مطلع أبريل، بمناسبة يوم التحرير، الأسهم المحلية والدولار، تضررت الأسهم الأوروبية التي جذبت في البداية رؤوس الأموال الهاربة من الولايات المتحدة، جراء ارتفاع قيمة اليورو الذي يهدد الصادرات.

ومع اهتزاز ثقة المستثمرين في خطط الميزانية الأميركية، واستعداد الصناعة الأوروبية لتدفقات من الواردات الصينية الرخيصة، يؤكد مستثمرون يديرون محافظ عالمية كبيرة أن الأسواق الناشئة، التي لطالما كانت متقلبة، والائتمان الغامض يبدوان آمنين نسبيًا حاليا.

ويتوقع شانيل رامجي، الرئيس المشارك لقسم الأصول المتعددة في شركة بيكتيت لإدارة الأصول، أن تتقارب مخاطر أو تقلبات أصول الأسواق الناشئة مع أصول الأسواق المتقدمة.

شانيل رامجي: المخاطر بشأن أصول الأسواق الناشئة والمتقدمة متقاربة
شانيل رامجي: المخاطر بشأن أصول الأسواق الناشئة والمتقدمة متقاربة

واشترى رامجي سندات بالعملة المحلية البرازيلية وأسهمًا في شركات تعدين الذهب الأسترالية والكندية هذا الشهر، معتقدًا أن أسهم الأسواق الناشئة ستجذب اهتمام أوروبا مع استمرار تدفق الأموال من الولايات المتحدة.

وصرح مايك جوساي، رئيس قسم الاستثمار في أدوات الدخل الثابت في شركة برينسيبال لإدارة الأصول، لرويترز بأنه في ظل الضغوط التي تواجهها الملاذات الآمنة التقليدية مثل سندات الخزانة الأميركية، فإن الديون المورّقة والائتمان الخاص وسندات الأسواق الناشئة تُوفر “فرصًا جذابة مُعدّلة المخاطر.”

وأظهر استطلاع أجراه بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان، شمل ألف مشارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأسبوع الماضي، أن المستثمرين الذين اعتادوا على التوجه نحو الأصول الأميركية يفتقرون الآن إلى إجماع حول ما يُفضّلونه، حيث اختار ربعهم النقد كأصلهم المُفضّل.

وكانت الأسواق الناشئة الخيار الأكثر شيوعًا، على الرغم من الضربات القوية التي يُمكن أن تُوجّهها فترات الركود الأميركية للدول النامية.

ومع تراجع أسهم وول ستريت إلى ثالث خسارة شهرية تواليا، ووصول الدولار إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، وارتفاع اليورو بنسبة 10 في المئة خلال شهرين، ما أوقف موجة صعود الأسهم الأوروبية، تشهد الأسواق الأصغر حجمًا، التي تُعتبر عادةً عالية المخاطر، ازدهارًا.

وارتفعت الأسهم المكسيكية بنسبة تقارب 14 في المئة هذا الشهر، بعد انخفاضها في البداية إثر إعلان ترامب عن الرسوم المتبادلة، ومع مراهنة المتداولين على نجاة البلاد من غضب البيت الأبيض، الذي يركز حاليًا على الصين.

وأدى ارتفاع بنسبة تقارب 3 في المئة خلال أبريل إلى ارتفاع مؤشر عملات أميركا اللاتينية بنسبة 12 في المئة منذ بداية العام 2025.

وصرح إيان سامسون، مدير محفظة فيديليتي إنترناشونال، بأنه يتوقع أن تظل الأصول الأميركية “متقلبة للغاية،” بينما تتلاشى آفاق النمو في أوروبا، ولم تعد تقييمات أسواق الأسهم رخيصة.

ويقدر بنك أوف أميركا أن الأسهم الأوروبية، التي انخفضت بنسبة اثنين في المئة خلال أبريل، قد تنخفض بنسبة 10 في المئة أخرى في الأشهر المقبلة.

وأشار سامسون إلى الهند، حيث يجذب تحسن العلاقات التجارية الأميركية مستثمرين أجانب رغم تزايد التوترات مع باكستان، كسوقه العالمية المفضلة.

وصرح غابرييل ساكس، مدير الاستثمار في أبردين، بأنه معجب بالأسهم السعودية، التي ارتفعت بنسبة 6 في المئة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بعد أن فرض ترامب رسومًا لا تقل عن 10 في المئة على البلد الخليجي.

وارتفع الين الياباني بأكثر من 4 في المئة مقابل الدولار هذا الشهر، وبلغ سعر الذهب مستوى قياسيًا عند 3500 دولار للأونصة في 22 أبريل، وانخفض عائد السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 سنوات إلى 195 نقطة أساس أقل من عائد سندات الخزانة المماثلة قبل أيام.

وقال سيمون إدلستن، مدير محفظة جوشوك لإدارة الأصول، لرويترز إن “حجم الأموال الخارجة (من الولايات المتحدة) كبير جدًا بالنسبة إلى الملاذات الآمنة التي تستثمر فيها هذه الأموال.”

غابرييل ساكس: أداء الأسهم السعودية جيد رغم سياسات ترامب التجارية
غابرييل ساكس: أداء الأسهم السعودية جيد رغم سياسات ترامب التجارية

وأشار إستراتيجيو مورغان ستانلي إلى أن المعروض من السندات الحكومية غير الأميركية عالية التصنيف يقترب من أدنى مستوياته القياسية، ما يعني أن اليورو سيواصل ارتفاعه.

وقال مايكل سيفتر، كبير مديري الدخل الثابت في شركة إنفيسكو، “سيؤدي ارتفاع قيمة اليورو إلى تفاقم الأثر السلبي لارتفاع الرسوم الجمركية على الطلب على الصادرات، وهو ما يزيد توقعات النمو.”

وقالت صوفي هوينه، كبيرة إستراتيجيي الأصول المتقاطعة في بي.أن.بي باريبا لإدارة الأصول، إن الرهانات على تحرك البنك الوطني السويسري لإضعاف الفرنك وانتعاش الين قد تحولت إلى “صفقات خاسرة”.

كما أعربت عن عدم تحمّسها لأسواق الأسهم الرئيسية باستثناء الصين، إذ قفزت الأسهم بنحو 5 في المئة خلال ثلاثة أسابيع، حيث علّق المستثمرون آمالهم على التحفيز الحكومي.

ولكن بعد شهر من دوران الأسواق العالمية في اتجاهات جديدة مع تحوّل خطاب البيت الأبيض، صرّح بعض المستثمرين بأنّ الحماسة تجاه الإنفاق الدفاعي الأوروبي، والتي استحوذت على اهتمام المستثمرين حتى أواخر مارس، قد تعود.

وقال جاستن جويل، مدير الائتمان متعدد الأصول في شركة ناينتي ون، “أعتقد أن مزيج السياسات الأميركية المعمول به حاليًا سيختلف بعد بضعة أشهر.” وأضاف “وفي الوقت نفسه، فإنّ الرغبة العالمية في تقليل الاستثمار في الولايات المتحدة تُعدّ بالتأكيد نتيجة إيجابية لأوروبا.”

11