صداع عبير موسي وراء تعديلات طارئة أمام البرلمان التونسي

سياسيون معارضون للتحالف الحكومي بين النهضة والشاهد يعتقدون أن التعديلات المقترحة تعديلات على المقاس ولا شرعية لها.
الأحد 2019/06/16
موقف واضح من الإسلاميين

تونس - تعمّدت الكتل النيابية الصغيرة والكبيرة تأجيل التعديلات الانتخابية التي عرضت على البرلمان في الأشهر الأخيرة. ولكن ودون مقدمات بدأت حركة النهضة الإسلامية وحركة تحيا تونس المنشقة عن نداء تونس سباقا ضد الوقت لتمرير تعديلات قديمة وأخرى جديدة قبل أشهر قليلة من انتخابات برلمانية ورئاسية محددة في تاريخ البلاد.

وتقول أوساط سياسية مطّلعة إن حركة النهضة قطعت حالة البرود مع حليفها يوسف الشاهد رئيس حزب حركة تحيا تونس، وأنها تعمل ما في وسعها لحسم التعديلات في الاجتماع القادم للبرلمان، وإن السبب الرئيسي هو منع السياسية المثيرة للجدل عبير موسي من الترشح للانتخابات الرئاسية بسبب تصريحات قوية ضد النهضة.

بالمقابل يسعى يوسف الشاهد رئيس الحكومة وحزبه، إلى قطع الطريق أمام صعود نبيل القروي، صاحب قناة تلفزيونية خاصة وبرنامج خيري يومي يحمل اسم نجله خليل الذي توفي منذ عام في حادث سيارة، وكذلك مجموعة “عيش تونسي” بزعامة ألفة تراس، وكلاهما منافس جدي لتحيا تونس من داخل خزانه الانتخابي، الذي تتنازعه أطراف أخرى مثل الكيانين الصغيرين المتفرعين عن نداء تونس وحركة مشروع تونس.

أحمد نجيب الشابي: مشروع القانون الحكومي غير دستوري ومناف لمبادئ القانون
أحمد نجيب الشابي: مشروع القانون الحكومي غير دستوري ومناف لمبادئ القانون

ويعتقد سياسيون معارضون للتحالف الحكومي بين النهضة والشاهد أن التعديلات المقترحة تعديلات على المقاس ولا شرعية لها حتى وإن كانت مغلفة بشعارات مثل قطع الطريق على التمويل الخارجي أو منع توظيف العمل الخيري في الحصول على مكاسب سياسية.

واعتبر غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، أن التعديلات الجديدة فيها “نزعة إقصائية وعلى مقاس بعض الأطراف” من ذلك إقصاء مثل نبيل القروي صاحب قناة نسمة وألفة تراس.

وحث الشواشي في تصريح لـ”العرب” على تبني مبادرة عامة وشاملة دون نزعة إقصائية ولا على مقاس بعض الأطراف باتجاه منع العمل الخيري والجمعياتي الذي يقع توظيفه لفائدة مشاريع سياسية وانتخابية.

ويتهم نبيل القروي بتوظيف قناة نسمة في حملة سياسية قبل الأوان، وكذلك توظيف حادثة وفاة نجله التي تحولت إلى برنامج خيري مباشر وبشكل يومي على القناة، لجلب تعاطف الناس. فيما تتهم عبير موسي بتمجيد النظام السابق.

وقال المتحدث باسم حركة النهضة عماد الخميري إنّ حركته ترفض استثمار العمل الخيري في الواجهات السياسية والدمج بين العمل السياسي والديني. لكن مراقبين محليين يتساءلون كيف يمكن دعوة القروي إلى التخلي عن العمل الخيري وفصله عن نشاطه السياسي فيما تستمر حركة النهضة بأشكال مختلفة في توظيف أنشطة خيرية واجتماعية في تدعيم حضورها.

وقال القيادي والمعارض التاريخي أحمد نجيب الشابي في تصريح لـ”العرب” إن مشروع القانون الحكومي غير دستوري ومناف لمبادئ القانون. كما أنه يشرّع لحرمان الناس من حقوقهم السياسية بسبب آرائهم مثل القول بتمجيد النظام السابق أو تمجيد الدكتاتورية يمنع من حق الترشح.

غازي الشواشي: التعديلات الجديدة على مقاس بعض الأطراف الحزبية
غازي الشواشي: التعديلات الجديدة على مقاس بعض الأطراف الحزبية

ورغم معارضته للتعديل الحكومي، فإن الشابي يقر بوجود مشكلة تتمثل في توظيف وسائل الإعلام لأغراض انتخابية والعمل الخيري لشراء أصوات الناخبين وهو ما يتعارض مع مبدأ الشفافية والنزاهة في الانتخابات، مشددا على أن مشروع القانون الحكومي ليس هو الحلّ.

وتقول حركة النهضة إن هدف التعديلات الجديدة هو “تحصين الديمقراطية” من المال الخارجي، في حين يقول خصومها إن الهدف هو تحييد عبير موسي التي تتصاعد حظوظها مع مرور الوقت بسبب موقفها الواضح من الإسلاميين.

ولا تخفي عبير أنها ترفض أي تحالف مع النهضة في المستقبل، وترفض أي تحالفات مرحلية مع مجموعات وسطية ما لم يكن موقفها واضحا من حركة النهضة. كما أنها تتعهد، في حال صعدت عبر الانتخابات، بمحاكمتها على الأخطاء التي ارتكبتها خلال فترة حكمها ما بعد 2011 وعلى الوضع الكارثي الذي باتت تعيشه تونس.

ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له، الخميس، إلى تأجيل تنقيح القانون الانتخابي وفتح حوار واسع لاحقا حوله بعيدا عن الضغوط الانتخابية، محذرا من أن التمسّك بتنقيح فصول بعينها في انتقائية واضحة قد يخفي دوافع وحسابات انتخابية صرفة.

لكن محمد صافي الجلالي، القيادي بحزب المبادرة المتحالف مع حزب تحيا تونس، يعتقد أن “تعديلات القانون الانتخابي لا تستهدف أطرافا سياسية بعينها ولا تمس الأشخاص على أساس انتمائهم الفكري والسياسي”.

ويشير في تصريح لـ”العرب” إلى أن التعديلات تستهدف “جمعيات مشبوهة توظف المال الأجنبي لغايات انتخابية”، ولا تستهدف عبير موسي، مشددا على أن حركته ترفض إقصاء أي طرف بسبب انتمائه الفكري أو السياسي.

1