"صحوات" صومالية ومسيّرات تركية وأميركية تزعزع سيطرة "الشباب"

الجيش الصومالي يوسع عملياته العسكرية ضد حركة الشباب بمساندة مسلحين من العشائر ومسيّرات أجنبية.
الجمعة 2022/12/09
فصل جديد من فصول القتال

مقديشو- تواجه حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة ضغطا عسكريا كبيرا في الآونة الأخيرة قاد إلى تراجعها في ظل اعتماد الحكومة على مسيّرات تركية وأخرى أميركية، وخاصة الاستفادة من قوات عشائرية محلية شبيهة بالصحوات التي تشكلت في العراق لمواجهة تنظيم القاعدة بعد الغزو الأميركي سنة 2003.

وبدأ مسلحو العشائر في يوليو هجوما على المعاقل والقرى التي تسيطر عليها الحركة في إقليم هيران وسط البلاد، ما دفعها للانسحاب إلى الأحراش وشن هجمات مضادة بين حين وآخر.

ومنذ أيام قليلة، انسحبت الحركة من مدينة أدن يبال الإستراتيجية (وسط) على الحدود الفاصلة بين إقليمي هيران وشبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي الفيدرالية.

وأدى هذا الانسحاب إلى تقهقرها عسكريا بفقدانها السيطرة على مدينة إستراتيجية تربط الأقاليم الوسطى بالجنوبية وكانت مركز تدريب عسكري ومنطلقا لهجماتها ضد الأقاليم الوسطى، كما كانت تضم محاكم الحركة وموقعا لجمع “الزكاوات” (الإتاوات) والضرائب من السكان.

عبدالرحمن توريري: حركة الشباب لم تواجه من قبل ضغطا عسكريا كالذي تواجهه حاليا
عبدالرحمن توريري: حركة الشباب لم تواجه من قبل ضغطا عسكريا كالذي تواجهه حاليا

ويوما بعد آخر، يوسع الجيش الصومالي عملياته العسكرية ضد الحركة، بمساندة مسلحين من العشائر وسط البلاد ومسيّرات أجنبية، لاسيما تركية وأميركية، تستهدف تحركات وتنقلات حركة الشباب.

وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية ومحرر موقع “قراءات صومالية” (مستقل) عبدالرحمن سهل إنها “بداية حقيقية لتقويض قدرات الحركة وكسر شوكتها وتراجع نفوذها ميدانيا”.

وشدد على أن “فقدان الحركة أهم معقل لها في إقليم شبيلي الوسطى منذ عام 2016 يعتبر فصلا جديدا من فصول القتال”.

وثمة أمر أكثر أهمية، بحسب سهل، وهو “امتلاك الجيش زمام المبادرة في الحرب على الحركة والتحامه مع سكان المنطقة”.

وتابع أن “استعادة القوات الصومالية لهذه المدينة الإستراتيجية تعني أيضا أهمية الدور التركي والأميركي في الصراع ضد حركة الشباب، خاصة تركيا لمشاركتها بطائرات بيرقدار (دون طيار) في استهداف الحركة وضرب معاقلها قبل المواجهات الميدانية المحسومة لصالح الجيش”.

وفي حال واصل الجيش زحفه نحو آخر معاقل الحركة في حرر طيري الساحلية وعيل طيري في إقليمي جلجدو ومدغ (وسط)، فإن “واقعا جديدا سيتشكل في الصومال”، بحسب سهل.

وأعرب عن اعتقاده بأن “الحركة لن تستطيع مواجهة الحملات العسكرية البرية والجوية، ولا أستبعد أن تتعرض قيادتها لأزمات إدارية على صعيد ضبط الوضع والسيطرة القيادية والعسكرية والمالية، خاصة عند فتح جبهات عسكرية جديدة في ولايتي جوبالاند وجنوب غربي الصومال”.

وحقق الجيش الصومالي تفوقا عسكريا نوعيا بدخول المسيّرات التركية والأميركية على خط المواجهات عبر جمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات ضد تجمعات الحركة وسط البلاد.

وقال المدير الأسبق لجهاز المخابرات الصومالي الجنرال عبدالرحمن توريري إن “حركة الشباب لم تواجه من قبل ضغطا عسكريا كالذي تواجهه حاليا”.

وأضاف أن “المسيّرات الأجنبية أفقدت الحركة زمام المبادرة والسيطرة على الوضع، فمن دون هذه المسيّرات لا يمكن هزيمة الحركة، حيث وفرت عنصر المفاجأة والتفوق العسكري لصالح الجيش”.

عبدالرحمن سهل: بداية حقيقية لتقويض قدرات الحركة وكسر شوكتها وتراجع نفوذها ميدانيا
عبدالرحمن سهل: بداية حقيقية لتقويض قدرات الحركة وكسر شوكتها وتراجع نفوذها ميدانيا

واعتبر توريري أن “مجيء (رئيس الصومال) حسن شيخ محمود (16 مايو 2022) شكَّل نكسة جديدة للحركة، إذ أصرَّ على دحر نفوذها الآخذ في الاتساع منذ السنوات الخمس الأخيرة، كما أن انتفاضة العشائر ضد الحركة ساهمت في مكافحتها وطردها من مناطق عديدة، إضافة إلى دعم جوي من مسيّرات تركية وأميركية للقضاء على بؤر الإرهاب”.

ورجّح المدير السابق لجهاز المخابرات أن “تتفكك حركة الشباب إذا استمرت المواجهات وفُتحت جبهات أخرى ضدها في جنوب البلاد”.

وأردف “سيلجأ عناصرها إلى الغابات والأحراش ويبقون فيها مجموعات صغيرة وأفرادا لا يستطيعون تنفيذ هجمات نوعية، ما يسمح للحكومة بتعقبهم والقضاء عليهم نهائيا”.

وتراجع الحركة من مدن عديدة وسط الصومال أدى إلى فقدانها مصادر دخل، حيث كانت تتخذ من هذه المدن مراكز لجمع “الإتاوات” من سكان البلدات والقرى والمدن التي أضحت بيد الجيش، إلى جانب فرضها ضرائب على حركة التنقلات في تلك المناطق.

وقال محرر إذاعة “صوت بنادر” (حكومية) عبدالرحمن أحمد إن “خروج حركة الشباب من مدينة أدن يبال الإستراتيجية يعني أنها هُزمت عسكريا واقتصاديا بفقدان أهم معقل اقتصادي بالنسبة إليها في جمع الضرائب والإتاوات، وهذا دليل واضح على أنها تراجعت عسكريا في الفترة الأخيرة”.

وكانت هذه المدينة تمثل للحركة بقعة إستراتيجية تربط بين ثلاثة أقاليم وهي هيران وشبيلي الوسطى وجلجدود، وهذا “يعد رصيدا للحكومة في حربها ضد الحركة”.

ورجح أن تكون “نهاية وجود الحركة وسط البلاد قريبة بعد انسحابها من أدن يبال، كما أن تقدم الجيش نحو مناطق سيطرتها في إقليم جلجدود، خاصة في مدينتي عيل بور وعيل طيري، يؤدي في نهاية المطاف إلى فرار مسلحي الحركة في الأسابيع القادمة”.

وبحسب وزارة الإعلام الصومالية استعاد الجيش منذ يوليو الماضي نحو أربعين بلدة ومدينة من عناصر حركة الشباب التي تأسست مطلع 2004 وتبنت هجمات عديدة أودت بحياة المئات.

1