صحف سودانية ترفّع أسعارها في محاولة أخيرة للبقاء

الصحف تتعرض لحملة أمنية تمنعها في أحيان كثيرة من عكس مجريات الأحداث بالحياد المطلوب وتفرض عليها أجندة حكومية وأمنية بعينها.
الخميس 2019/02/21
صحف معدودة تحاول الاستمرار

الخرطوم - قرر ناشرون سودانيون خلال اجتماع الثلاثاء، في الخرطوم رفع سعر نسخة الصحيفة إلى 15 جنيها (0.30 دولار)، وقالوا إن السبب يعود إلى ارتفاع سعر الطباعة.

وقال محمد وداعة، مدير مطبعة “الأشقاء” إن طن ورق الصحف الورقية، ارتفع من 75 ألف جنيه إلى 93 ألف جنيه، ووصف الزيادة بالكارثة لصناعة الصحافة.

وأضاف وداعة عقب اجتماعه مع 8 من ناشري الصحف التي تطبع في مطبعته، أن تكلفة طباعة النسخة الواحدة ستزيد من 9 جنيهات إلى أكثر من 10 جنيهات، وأرجع عزوف المواطنين عن شراء الصحف لعدم مواكبتها حركة الشارع وتجاهلها للاحتجاجات وحوادث القتل.

وانتقد إصرار السلطات على الرقابة الأمنية القبلية، وحذف أخبار الحراك اليومي من صحف الجريدة، الميدان، البعث، أخبار الوطن، وتحوّل مندوبو السلطة إلى رؤساء تحرير صحف.

وتصدر في السودان 37 صحيفة يومية سياسية واجتماعية ورياضية، لكنها تشكو ظروفا صعبة بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة وزيادة أسعار الورق علاوة على فرض ضرائب كبيرة على دور النشر الصحافي.

كما تتعرض الصحف لحملة أمنية تمنعها في أحيان كثيرة من عكس مجريات الأحداث بالحياد المطلوب وتفرض عليها أجندة حكومية وأمنية بعينها.

وأثّرت العوامل الاقتصادية بشكل كبير على أسعار النسخ اليومية حيث اضطر الناشرون في وقت سابق إلى رفع أسعارها لما يتراوح بين 7-9 جنيهات مع تخفيض عدد الصفحات إلى 12.

ومع تردي الأوضاع المعيشية في البلاد أحجم عدد كبير من السودانيين عن شراء الصحف والاكتفاء في أحيان كثيرة بمتابعة مجريات الأحداث على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكشف تقرير رسمي في السودان أصدره مجلس الصحافة والمطبوعات (حكومي) عن تراجع كبير في توزيع الصحف الورقية.

وأعلن المجلس القومي للصحافة في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، أن توزيع الصحف في السودان انخفض من 59 مليون نسخة في العام 2017 إلى 36.424 مليون نسخة في العام 2018. وبلغ عدد النسخ المطبوعة للصحف السودانية 59 مليون نسخة، توزع منها 36 مليون نسخة.

Thumbnail

وذهب البعض للقول بأن تراجع التوزيع يعود للتأثير السلبي للمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها لا تمثل سببا كافيا لهذا التراجع المريع، فهناك دول وصلت إلى مراحل متقدمة من التطور التكنولوجي والتقني، بيد أنها ما زالت تضع مكانة رفيعة للصحف الورقية ذات المصداقية.

ويقول متابعون محليون إن هناك أسبابا أخرى أدت لهذا الوضع الكارثي في توزيع الصحف الورقية منها الرقابة المفروضة على الصحف، والحجب الجائر وغير المبرر لبعض الصحف، والأكثر إيلاما هو مصادرة بعض الصحف عقب طباعتها ما يتسبب في خسائر مالية فادحة، ولكن في النهاية تبقى الصحف الورقية ذات أهمية كبيرة في البلاد.

وتعتبر الصحافة الورقية المرجع الأول لدى الجمهور مع انتشار الإشاعات والفبركة في مواقع التواصل المختلفة.

كما أن الصحف تعتبر الرابط الأول بين مؤسسات الدولة والشعب، خاصة في ما يتعلق بالإعلانات وصدور القرارات والبيانات الرسمية والشرطية والتي دائما ما تكون عبر الصحف الورقية.

كما تؤثر ملاحقة الصحافيين واعتقالهم على اختياراتهم للمواضيع التي ينشرونها لجذب الجمهور، ومع تزايد الحملة الأخيرة ضد الصحافيين بسبب المظاهرات الأخيرة، ازداد الوضع سوءا.

وقالت شبكة الصحافيين السودانيين إن هناك نحو 79 صحافيا جرى اعتقالهم منذ ديسمبر الماضي، منهم من أمضى شهرا أو أكثر في السجون والمعتقلات. وقالت الشبكة في بيان لها إن هناك صحفا مثل “الجريدة” و”الميدان” و”أخبار الوطن” و”البعث” أضحت لا تلامس أوراقها أيدي قرائها لأسابيع طوال.

18