صبر السبعة الكبار على وشك النفاد من مراوغة إيران

ليفربول (إنجلترا) - حملت ردود الأفعال الدولية على تلكؤ إيران في تقديمها تنازلات بخصوص مشروعها النووي غضبا متناميا، وبينما اعتبرت قوى إقليمية أن استئناف المفاوضات بمثابة الفرصة الأخيرة لطهران هددت أطراف أخرى بالتصعيد العسكري.
وحذرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، في ختام اجتماع لمجموعة السبع في ليفربول، الأحد من أن المفاوضات التي استؤنفت لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني هي “الفرصة الأخيرة أمام إيران”.
وقالت الوزيرة البريطانية التي تتولى بلادها حاليا رئاسة مجموعة السبع “إنها الفرصة الأخيرة أمام إيران للمجيء إلى طاولة المفاوضات مع حل جدي لهذه المشكلة”.
وشددت على أنه “لا يزال هناك وقت لإيران كي تأتي وتقبل هذا الاتفاق” لكن “هذه هي الفرصة الأخيرة”، وحثت طهران على تقديم “اقتراح جدي”.
وقالت في مؤتمر صحافي في ليفربول بشمال إنجلترا “من المهم أن تقوم بذلك لأننا لن نسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي”.
واستؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة من الأوروبيين خصوصا خلال نهاية شهر نوفمبر الماضي في فيينا، لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والهادف إلى منع الجمهورية الإسلامية من امتلاك السلاح النووي.
وتهدف محادثات فيينا إلى إحياء الاتفاق المبرم بين إيران وست قوى كبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) عام 2015 بشأن برنامج طهران النووي، بعد أعوام من التوتر والمفاوضات الشاقة.

أنالينا بيربوك: لم نحرز أي تقدم بسبب العرض الذي قدمته الحكومة الإيرانية
وأتاح الاتفاق رفع الكثير من العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية منذ أن قررت الولايات المتحدة الانسحاب أحاديا منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات قاسية على إيران، من جهتها تراجعت الأخيرة -بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي- تدريجيا عن تنفيذ غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
وأبدى الرئيس الأميركي جو بايدن استعداده للعودة إلى الاتفاق في حال التزام إيران مجددا بتعهداتها، لكن المفاوضات التي بدأت في أبريل واستؤنفت للتو بعد توقف دام خمسة أشهر تبدو في طريق مسدود.
ويتهم الغربيون إيران بالقيام بخطوة إلى الوراء مقارنة مع ما بدر منها في الربيع، وتشتبه الخارجية الأميركية في أن طهران تريد كسب الوقت لكي تطور في موازاة ذلك برنامجها النووي الذي يقترب بشكل متزايد من صنع القنبلة النووية، حسب قولها.
وحذرت واشنطن في الأيام الماضية من أنها لن تسمح لطهران باعتماد هذا الموقف لفترة طويلة، مؤكدة أن خطة بديلة لا تزال خطوطها غير واضحة قيد الإعداد، لكنها المرة الأولى التي تقول فيها دول لا تزال موقعة على الاتفاق إنها مفاوضات الفرصة الأخيرة.
وفي خطوة تصعيدية أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الأميركيين بأنه حدد موعداً نهائياً للوقت الذي سيحتاج فيه الجيش الإسرائيلي إلى استكمال الاستعدادات لشن هجوم على إيران.
وأضاف مصدر دبلوماسي رفيع الجمعة أن الأميركيين لم يعبّروا عن معارضتهم للاستعدادات الإسرائيلية عندما قدمها غانتس.
ويأتي ذلك فيما كشف غانتس السبت أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تفهم ما يحدث جيداً، في إشارة إلى ما يدور في محادثات فيينا مع الإيرانيين بخصوص إنقاذ الاتفاق النووي.
وأضاف أن صبرهم (الأميركيين والأوروبيين) بدأ ينفد في مفاوضات فيينا، مشيراً إلى أنه “لم يكن هنالك تقدم في المحادثات، وهم أيضاً على علم بأن الإيرانيين يلعبون”.
وكشف غانتس خلال لقاء وحديث مع صحافيين في فلوريدا، بعد انتهاء لقاءاته في واشنطن، أن إيران اقتربت من أن تصبح دولة نووية.
في الأثناء أعلن الجيش الإسرائيلي إجراء تدريبات مفاجئة لمحاكاة سيناريوهات قتالية على الحدود الجنوبية.
وشدّد غانتس على أن بلاده “مستعدة للمواجهة بكل ما يلزم”، مشيراً إلى أن “إيران تبني قوتها في غرب بلادها لمهاجمة دول في الشرق الأوسط وإسرائيل تحديدا”.
كما أعرب عن استعداد تل أبيب لأي محاولة من هذا القبيل قائلاً “سنفعل كل ما يلزم لحماية مواطنينا وممتلكاتنا”.
وأصدر زعيم إسرائيلي رفيع المستوى والخليفة المحتمل لبنيامين نتنياهو تحذيرا نوويا موجها إلى إيران خلال زيارته إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع.
وأشار نير بركات، عضو الكنيست ورئيس بلدية القدس السابق، إلى ترسانة بلاده النووية التي نادرًا ما يعترف بها وهو يتحدث عن هجوم محتمل على بلاده من قبل إيران.
وقال لصحيفة “نيويورك بوست” إن “الاستراتيجية هي أننا لن نكون أول من يستخدم الأسلحة النووية في منطقتنا، لكننا لن نكون الثاني. نحن عازمون على البقاء على قيد الحياة، ولا ننوي الوقوع في فخ أعدائنا، ولا أنصح أعداءنا باختبارنا”.
ويعتقد بركات أن طهران قد تشجعت في الأشهر الأخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي في بلاده والمصاعب الأميركية في الخارج، مضيفا “من وجهة نظرهم (الإيرانيين) هناك حكومة إسرائيلية ضعيفة وإدارة أميركية مرت بتحديات في أفغانستان. هم يتحركون بقوة لانتهاز هذه الفرصة السانحة”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك السبت “ما من بارقة تقدم” في المحادثات النووية مع إيران، محذرة من أن “الوقت ينفد”.
وأضافت بيربوك، على هامش اجتماع لمجموعة السبع في مدينة ليفربول، “ظهر في الأيام الماضية أننا لا نحرز أي تقدم بسبب العرض الذي قدمته الحكومة الإيرانية”.
واعتبرت أنه بسبب ذلك العرض تراجعت المفاوضات “ستة أشهر إلى الوراء”، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
وفي وقت سابق قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن طهران “جادة” في محادثاتها النووية التي تجريها مع القوى العالمية في فيينا، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا).
وأضاف الرئيس الإيراني “يمكن التوصل إلى اتفاق جيد في مفاوضات فيينا إذا قرر الطرف المقابل إلغاء الحظر والعقوبات”.
وذكرت مصادر أميريكية أنّ تل أبيب أطلعت واشنطن على آخر المستجدات قبل تنفيذها هجومين على إيران خلال الأشهر الأخيرة.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية (خاصة) عن مصادر أميركية لم تحددها أنّ إسرائيل “أطلعت الولايات المتحدة على آخر المستجدات (لم تحددها) قبل تنفيذها هجومين على إيران خلال الأشهر الأخيرة”.
واستؤنفت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإحياء اتفاق 2015 النووي في العاصمة النمساوية الخميس.
ويتنقل دبلوماسيون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين جيئة وذهابا بين الجانبين، بسبب رفض طهران إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن.