صادق خان: لندن جاهزة للتعامل مع هجوم إرهابي وشيك

لندن - قال صادق خان عمدة العاصمة البريطانية لندن إن سلطات المدينة باتت مستعدة للتعامل مع حوادث إرهابية محتمل وقوعها في أيّ وقت.
وأضاف، خلال نقاش حول طاولة مستديرة تلقت “العرب” دعوة لحضوره الأربعاء، “بصفتي عمدة المدينة فأنا مسؤول عن حفظ الأمن أيضا، وأستطيع أن أقول إن التقارير التي تصلني من أجهزة الأمن تشير إلى أن الموقف يبعث على القلق البالغ”.
ويحاول العمدة، الذي انتخب الشهر الماضي ليصبح أول مسلم يدير لندن، مقاومة موجة استنكار تجتاح المدينة إزاء المسلمين منذ هجمات إرهابية استهدفت باريس في نوفمبر العام الماضي وراح ضحيتها 130 شخصا.
وتصاعد الاحتقان في المدينة بعيد تفجيرات بروكسل المماثلة في مارس الماضي التي أوقعت أكثر من 30 قتيلا.
وقال خان “التقيت عمدة باريس مؤخرا ورأينا جميعا ما حدث في بروكسل. كنت أحاول أن أتعلم الدروس مما حدث هناك، لذلك طلبت من لورد توبي هاريس (السياسي في حزب العمال) إجراء مراجعة للتأكد من أننا مستعدون للتعامل مع أيّ هجوم وشيك في لندن”.
ويكافح خان في الوقت نفسه لإبعاد شبهة الإرهاب عن الأقلية المسلمة المقيمة في المدينة المكتظة بالأقليات. وتسببت سياساته في جدل واسع أثاره خصومه السياسيون الذين اتهموه بالتركيز على معتقداته الدينية بأكثر مما ينبغي.
وكان من بين أشدّ منتقديه دونالد ترامب، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، الذي دعا خلال الانتخابات التمهيدية إلى منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. لكن ترامب، رجل الأعمال الذي عُرف بعنصريته ضدّ الأجانب والأقليات، خصوصا المسلمين، رحب بلقاء خان في واشنطن إن أراد الأخير ذلك.
وقال عمدة لندن “الجماعات المتطرفة كداعش تروّج إلى أن قيم الإسلام لا تتماشى مع مبادئ الحرية في الغرب. ترامب يؤمن بهذه الأفكار أيضا عندما يدعو إلى منع المسلمين من السفر إلى أميركا بينما يقوم باستثنائي من ذلك. دونالد ترامب يلعب بين أيدي المتشددين وداعش”.
خان يبذل جهودا مضنية لإبعاد شبح التشدد على الأقلية المسلمة المقيمة بلندن المكتظة بالأقليات
وردا على سؤال لـ”العرب” حول انتقاده بالتحيز للمسلمين، قال خان “لم أدّع مطلقا أنني عمدة مسلم. أنا بريطاني ولندني وأوروبي وأب وزوج ومواطن مسلم من أصول آسيوية، وأحمل تراثا باكستانيا عريقا”.
وأضاف “لا أستغل مبنى البلدية كي أروّج لمعتقداتي الدينية، لكنني لا أجد غضاضة في شرح أبعادها. الشيء العظيم في هذه المدينة هو أننا لا نتسامح مع اختلافاتنا فقط، لكننا نحتويها أيضا، كان هذا أحد الأسباب التي جعلتني أكثر تمسكا ببقاء بلادنا كجزء من الاتحاد الأوروبي، لأننا كنا على الدوام بلدا ذا عقل منفتح، لماذا ينبغي علينا الانتقال فجأة إلى العزلة؟”.
استفتاء مصيري
وخان أحد سياسيين كثر يسعون لإقناع البريطانيين بالتصويت لصالح البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 23 يونيو المقبل.
وأواخر الشهر الماضي، شارك خان، أحد أشهر السياسيين في حزب العمال اليساري المعارض، رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون حدثا جماهيريا في محاولة من الخصمين اللدودين إظهار أن حزبيهما قادران على تجاوز خلافاتهما الجوهرية من أجل بقاء بريطانيا جزءا من أوروبا. وينظر الجانبان إلى نتيجة الاستفتاء باعتبارها أولوية وطنية.
وأثارت مشاركة السياسيين في نفس الحدث إعجاب الكثيرين، إذ جاءت بعد أيام من وصف كاميرون لخان “بالرجل غير المناسب لتولي هذا المنصب الهام بالنظر إلى علاقته بالمتشددين”.
ويساهم الاتحاد الأوروبي في خلق أكثر من نصف مليون فرصة عمل في مدينة لندن منفردة، وفقا لخان، الذي قال أيضا إن “حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي أهم بكثير من خلافاتي مع كاميرون”.
وأثارت سياسة خان منذ انتخابه تعاطفا واسعا معه، خصوصا من قبل الأقليات وسكان الأحياء الفقيرة التي كان يمثل أحدها في البرلمان. كما أن نشاطه في حملة البقاء بأوروبا الذي لم يتأثر بحلول شهر رمضان حظي بدعم كبير من قبل وسائل إعلام عدة.
وقال خان لـ”العرب” إن الصوم في بريطانيا “يمتد لما يقرب من 19 ساعة يوميا، لكن في النهاية يجب أن تنجز ما عليك إنجازه”.
وأضاف “من أهم مقومات هذه المدينة أن أشخاصا كثيرين يسألونك طوال الوقت: كيف تشعر؟ وكيف يسير يومك؟ هذا لا يحدث في بلدان أخرى”.
وأوضح “عندما كنت صبيا كان عليّ أن أشرح للناس مرارا لماذا نصوم؟ اليوم بات أمرا رائعا أن ترى ثقافة الناس قد تطورت للغاية، وباتوا يعرفون الكثير عن الثقافات الأخرى في المدينة”.
وعانى خان، الذي كان والده يعمل سائق حافلة، كثيرا من التمييز وأحيانا العنصرية، إذ كانت بريطانيا في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي تواجه موجة هجرة عاتية نتيجة الصراعات المحتدمة آنذاك في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وأصبح الدفاع عن الأقلية المسلمة شاغلا شخصيا لخان، الذي طالما طالب بدعمها أيضا كسياسي.
وقال “عندما وصل والدي لأول مرة إلى بريطانيا، كانت لافتات «لا للسود، لا للأيرلنديين، لا للكلاب» تنتشر في الشوارع والميادين. شمل شعار لا للسود كل من هو ليس أبيض”.
وأضاف “لقد انتقلنا من هذه المرحلة العنصرية، إلى اللحظة التي أصبحت فيها عمدة لندن.. المدينة العظيمة”.