شيخ الدروز بسوريا يستنجد بقوات دولية وسط تحذير دمشق من الانقسام

دمشق - طالب أبرز رؤساء طائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري الخميس بتدخل "قوات دولية لحفظ السلم" في سوريا، بعيد اشتباكات دامية أوقعت قتلى من أبناء طائفته، وهو نداء قوبل برفض دمشق التي قالت إنه لن يؤدي إلا إلى "مزيد من الانقسام".
وعقب انتشار تسجيل صوتي نُسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد، لم يتم التحقق من صحته، اندلعت اشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون. وامتدت ليل الثلاثاء الأربعاء الى منطقة صحنايا التي يقطنها كذلك دروز ومسيحيون.
وأسفرت الاشتباكات في المنطقتين عن مقتل 30 عنصرا من قوات الأمن ومقاتلين تابعين لوزارة الدفاع، في مقابل 15 مسلحا درزيا ومدني واحد.
ووصف الهجري الذي يعد أبرز القادة الروحيين لدروز سوريا، في بيان ما شهدته منطقتا جرمانا وصحنايا قرب دمشق بـ"هجمة إبادة غير مبررة" ضد "آمنين في بيوتهم".
وقال "لم نعد نثق بهيئة تدعي أنها حكومة.. لأن الحكومة لا تقتل شعبها بواسطة عصاباتها التكفيرية التي تنتمي اليها، وبعد المجازر تدعي أنها عناصر منفلتة" معتبرا أن "الحكومة تحمي شعبها".
وشدد على أن "القتل الجماعي الممنهج" يتطلب "وبشكل فوري أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم ولمنع استمرار هذه الجرائم ووقفها بشكل فوري"، في مطلب سبق للسلطات السورية أن نددت به.
وفي منشورات على منصة أكس، قال وزير الخارجية أسعد الشيباني الخميس إن "أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام".
واعتبر أن "من يدعو إلى مثل هذا التدخل يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين والتاريخ، لأن نتائج هذه الدعوات لا تنتهي عند حدود الخراب الآني، بل تمتد لعقود من التفكك والضعف والانقسام".
وقال إن "الوحدة الوطنية هي الأساس المتين لأي عملية استقرار أو نهوض".
وأدت اجتماعات بين ممثلين عن الدروز ومسؤولين حكوميين الى اتفاقي تهدئة في المنطقتين الواقعتين قرب دمشق.
وأعلنت السلطات السورية الأربعاء نشر قواتها في صحنايا لضمان الأمن، متهمة "مجموعات خارجة عن القانون" بافتعال الاشتباكات.
وأثارت الاشتباكات ذات الطابع الطائفي توترا في مناطق عدة بينها محافظة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية.
وأفاد المرصد السوري وشبكة السويداء 24 المحلية للأنباء عن هجمات محدودة تعرضت لها قرى في محافظة السويداء.
وقتل 23 شخصا على الاقل الأربعاء، وفق آخر حصيلة للمرصد الخميس، جراء "كمين" تعرضوا له أثناء توجههم من السويداء الى صحنايا لدعم المقاتلين الدروز فيها، قبيل انتشار قوات الأمن فيها بموجب الاتفاق المبرم.
وقال المرصد إن "القتلى وقعوا في كمين نفذته قوات تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع ومسلحون مرتبطون بها في منطقة المطلة" الواقعة على طريق السويداء-دمشق.
وأفادت شبكة السويداء 24 بمقتل "ثلّة من أبناء الجبل على طريق دمشق السويداء بكمين غادر".
وجاء التصعيد حيال الدروز بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر.
وأكدت السلطات في بيان الأربعاء "التزامها الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري بدون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية".
وأثارت الاشتباكات قلقا بالغا في صفوف الطائفة الدرزية في لبنان، حيث دعا بعض الزعماء الدروز الحكومة اللبنانية إلى التحرك لحماية أبناء طائفتهم في سوريا. كما حذر سياسيون لبنانيون من امتداد الفتنة الطائفية إلى لبنان، خاصة في ظل التداخل الطائفي والسياسي الهش في البلاد. وقد أفادت تقارير عن اتصالات مكثفة بين الزعامات الدرزية في لبنان وأطراف إقليمية ودولية لاحتواء الوضع.
وأعربت إسرائيل عن قلقها إزاء التوتر الطائفي في سوريا، خاصة في المناطق القريبة من حدودها. وقد أشارت تقارير إلى أن إسرائيل قامت بإجلاء جرحى من الدروز السوريين لتلقي العلاج داخل أراضيها، مما أثار جدلا حول دورها المتنامي تجاه الطائفة الدرزية في سوريا. كما دعت فرنسا، في بيان لها، إسرائيل إلى عدم القيام بأعمال أحادية الجانب من شأنها مفاقمة التوتر الطائفي في سوريا.
وأعلن الأردن أنه يراقب بقلق التطورات في سوريا، خاصة في ظل وجود جالية درزية أردنية وتخوفات من امتداد العنف الطائفي عبر الحدود. وقد دعا سياسيون وكتاب أردنيون إلى ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة جميع مكوناتها.
وعلى الصعيد الدولي، نددت فرنسا الخميس بـ"العنف الطائفي القاتل في حق الدروز في سوريا"، ودعت جميع الأطراف السورية والإقليمية، بما في ذلك إسرائيل، إلى وقف المواجهات، وذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية.
وجاء في البيان "تدعو فرنسا كل الأطراف السورية والإقليمية إلى وقف المواجهات وتدعو السلطات السورية إلى بذل كل الجهود لإعادة الهدوء". كذلك دعا البيان "إسرائيل إلى عدم القيام بأعمال أحادية الجانب من شأنها مفاقمة التوتر الطائفي في سوريا".