شهر يفصل إيران عن إنتاج وقود لصنع رأس نووي

واشنطن - أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الثلاثاء بأن أمام إيران نحو شهر تقريبا لامتلاك ما يكفي من مواد لتزويد سلاح نووي واحد بالوقود، متجاوزة عقبة قد تزيد الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها لتحسين شروط أي اتفاق محتمل لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي يعود لعام 2015.
وقال خبراء درسوا البيانات الجديدة الواردة في التقارير الصادرة الأسبوع الماضي عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنه من خلال تخصيب الوقود النووي على مدار الأشهر الأخيرة إلى مستويات قريبة من مستوى القنبلة، تكون طهران قد اكتسبت القدرة على إنتاج الوقود اللازم لتزويد رأس حربي نووي واحد في غضون شهر أو نحو ذلك، في إطار الجدول الزمني الأكثر تعقيدا.
ولفتت الصحيفة إلى أن تصنيع رأس حربي حقيقي، يمكن تركيبه على صاروخ إيراني وينجو من الاشتعال عند إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي، وهي تقنية كان يعمل عليها الإيرانيون بنشاط قبل 20 عاما، سيستغرق وقتا أطول بكثير.
وعلقت الصحيفة بالقول إن إيران لم تكن قريبة بهذا القدر من القدرة على صنع أسلحة منذ ما قبل موافقة الرئيس الأسبق باراك أوباما على الاتفاق النووي في عام 2015. وقد أجبر الاتفاق الإيرانيين على شحن أكثر من 97 في المئة من وقودهم إلى خارج البلاد.
ونقلت الصحيفة عن تقرير صدر الاثنين عن معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مجموعة خاصة متخصصة في تحليل النتائج الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن السباق خلال الصيف لتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 60 في المئة، وهو مستوى أقل بقليل من درجة القنبلة، جعل إيران في وضع تقدر فيه على إنتاج وقود لقنبلة واحدة "في غضون شهر واحد".
وأضاف التقرير أن إنتاج الوقود لسلاح ثان يمكن أن يستغرق أقل من ثلاثة أشهر، والثالث أقل من خمسة.
وتمتلك إيران بالفعل نحو 200 غرام من اليورانيوم المخصب، وهو عنصر أساسي في إنتاج الأسلحة النووية.
ولا يعني التقرير الذي أصدره المركز الاثنين بأن إيران ستستخدم السلاح النووي على الفور، لأن ذلك يتطلب إتمام مهام أخرى تتصل بعملية التفجير والتسليم، لكنه يعني في الوقت ذاته أن طهران على عتبة المرحلة النووية، وكل ما تحتاجه المسألة هو قرار سياسي.
وتزامن التقرير الأميركي مع الانتقادات التي وجهتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران، رغم توصل الطرفين إلى اتفاق بشأن مراقبة المنشآت النووية.
ونددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشدة بعدم تعاون طهران معها بشأن تنفيذ مهمتها لمراقبة البرنامج النووي، بعد تعليق الأخيرة في فبراير الماضي بعض عمليات التفتيش.
وقبل يومين، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنها ستسمح للوكالة الدولية بالوصول إلى كاميرات المراقبة في المواقع النووية.
وبموجب هذا الاتفاق، سيُسمح للمفتشين بالوصول إلى الكاميرات والمعدات الأخرى الخاصة بهم وتشغيلها مرة أخرى، لكن هذا لا يعالج مشكلة تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى بكثير من المسموح بها في الاتفاق النووي، وبالتالي أصبحت طهران أقرب بكثير إلى المواد المستخدمة في صنع القنابل، مما كانت عليه قبل عام 2015.
وتندرج مسألة كاميرات المراقبة ضمن إطار المفاوضات الجارية سعيا لإنقاذ الاتفاق المبرم في فيينا، والذي بات مهددا بالانهيار منذ أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الانسحاب منه عام 2018، وأعاد فرض عقوبات مشددة انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني وقيمة العملة المحلية.
وخلص التقرير إلى أن كل التحركات الإيرانية في هذا المجال تهدف إلى الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتوقيع اتفاق من خلال تعزيز إنتاج الوقود النووي.
وكان المؤلف الرئيسي للتقرير ديفيد أولبرايت، حذر الجمعة من أن تصرفات إيران تشير إلى جهود من جانب حكومة رئيسي الجديدة، للبحث عن بنود جديدة أكثر ملائمة لها في المفاوضات بشأن استعادة العمل بالاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.
وقال أولبرايت، وهو أيضا رئيس المعهد، "علينا أن نكون حذرين حتى لا ندعهم يخيفوننا".
ويمنع الاتفاق إيران من تخصيب اليورانيوم بما يزيد على 3.67 في المئة، وهي نسبة أقل بكثير من 90 في المئة اللازمة لتطوير سلاح نووي، لكن إيران واصلت تخصيب اليورانيوم منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، ووصلت النسبة إلى 60 في المئة.
وبعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، تراجعت طهران تدريجيا عن تنفيذ معظم التزاماتها الأساسية المنصوص عليها في الاتفاق.
وبدأت في أبريل محادثات في فيينا بين إيران وأطراف الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، سعيا لإحياء الاتفاق من خلال إبرام تفاهم يتيح رفع العقوبات، في مقابل عودة طهران إلى احترام كامل التزاماتها.
والمحادثات معلقة منذ 20 يونيو بعد يومين على فوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.