شهباز شريف يختار الرياض وجهته الأولى لاستعادة نسق العلاقات

رئيس الوزراء الجديد يراهن على الدعم السعودي لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاطيا مختلفا مع الرياض يستند على بناء شراكة حقيقية.
الثلاثاء 2022/04/26
نهج جديد

إسلام أباد- يعتزم رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف زيارة المملكة العربية السعودية في أول محطة خارجية له، منذ تسلمه لمهامه في وقت سابق من الشهر الجاري.

ويرى محللون أن اختيار شريف للسعودية كوجهة أولى يعكس رغبة في استعادة بلاده الشراكة الاستراتيجية مع الرياض، وتفادي أخطاء المسؤولين الباكستانيين السابقين التي أثرت بشكل كبير على العلاقة بين الطرفين، الأمر الذي أفقد إسلام أباد داعما اقتصاديا حيويا.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية عاصم افتخار أحمد، في إفادة صحافية، أن رئيس الوزراء يستعد لزيارة السعودية على رأس وفد رفيع المستوى.

وانتخب البرلمان الباكستاني شريف لتولى منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من الشهر الجاري، بعد الإطاحة بسلفه عمران خان.

◙ باكستان ستحاول الاستفادة قدر الإمكان من التغير اللافت في السياسة الخارجية السعودية التي تميل نحو توثيق الروابط مع بلدان جنوب آسيا

وتجري باكستان محادثات مع صندوق النقد الدولي ومانحين آخرين للحصول على تمويل، في ظل الأزمة التي تعانيها البلاد جراء تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية وارتفاع عجز الحساب الجاري.

ويراهن رئيس الوزراء الجديد على الدعم السعودي، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاطيا مختلفا مع الرياض، يستند على بناء شراكة حقيقية، والابتعاد عن المنطق النفعي بحصر العلاقة مع المملكة في ضخ الأموال للاقتصاد الباكستاني المتهاوي.

ويقول المحللون إن شريف يملك من المؤهلات والقدرة الشيء الكثير لضخ دماء جديدة في العلاقات مع السعودية، خاصة وأنه يرتبط بعلاقات وثيقة مع المسؤولين في المملكة، وسبق وأن قضى عدة سنوات بها مع عائلته على إثر الانقلاب العسكري الذي شهدته باكستان في تسعينات القرن الماضي.

وكانت القيادة السعودية أول المهنئين لشريف بتوليه رئاسة الوزراء، فبعد اتصال هاتفي من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، قام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأسبوع الماضي بالاتصال برئيس الوزراء الباكستاني، مؤكدا له حرص الرياض على دعم بلاده في مختلف المجالات. 

وغرد حينها شريف، قائلا إن “العلاقات الباكستانية – السعودية علاقات خاصة وتتميز بثقة استثنائية”، لافتا إلى عزمه “العمل بشكل وثيق لتحقيق رؤيتنا المشتركة للشراكة الاستراتيجية الباكستانية – السعودية”.

ويشير المحللون إلى أن الحماسة التي يظهرها شريف لاستعادة نسق العلاقات مع الرياض لا تخلو من تعقيدات ومحاذير، في علاقة بارتباطات إسلام أباد مع قوى إقليمية غريمة للمملكة من بينها إيران وأيضا تركيا، كما أنه من غير المتوقع أن تعمد الرياض إلى التخلي عن العلاقة مع الهند خصم باكستان اللدود.

ويرجح المحللون أن تطغى البراغماتية على نهج شريف، حيث سيسعى الأخير إلى ترك الملفات الخلافية جانبا، وسيركز على البناء على الملفات المشتركة، ومن بينها الملف الأفغاني الذي تبدو السعودية حتى الآن بعيدة عنه، لكنها بالتأكيد ستسعى في المستقبل إلى فرض حضورها في تلك الساحة.

وتحتاج المملكة في ذلك إلى باكستان التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع حركة طالبان، كما أن لها حضورا استخباريا وأمنيا كبيرا في تلك الساحة.

وتعود جذور العلاقات السعودية – الباكستانية إلى أربعينات القرن الماضي، وقد كانت الرياض أبرز داعم لإسلام أباد اقتصاديا، لكن هذه العلاقة شهدت في السنوات الماضية تدهورا حينما رفضت الأخيرة الاستجابة لطلب الرياض بالانخراط في الجهود التي تقودها المملكة لدعم الشرعية في اليمن، وذلك خلال عهد شقيق شهباز، نواز شريف.

عاصم افتخار أحمد: رئيس الوزراء يستعد لزيارة السعودية على رأس وفد رفيع المستوى

وشكل الموقف الباكستاني حينها صدمة للمسؤولين السعوديين، وقد حاول نواز شريف احتواء الوضع مع المملكة، لكن تحركاته لم تأت بنتيجة ليعمد إلى الانفتاح على قوى إقليمية أخرى على غرار تركيا وقطر وإيران، الأمر الذي دفع المملكة إلى تعزيز علاقاتها مع الهند وبناء شراكات اقتصادية قوية معها.

وكان وصول عمران خان إلى سدة السلطة في العام 2018، قد خلق نوعا من الانفراجة في العلاقات الباكستانية – السعودية، وقامت الرياض حينها برصد حزمة من المساعدات المالية، بهدف التخفيف من ديون إسلام أباد المتراكمة، لكن هذا المسار سرعان ما انتكس على إثر إقدام نيودلهي على ضم ولاية جامو وكشمير المتنازع عليها مع باكستان في العام 2019.

وقد رفضت السعودية حينها إدانة الخطوة الهندية، الأمر الذي أثار حفيظة باكستان، التي لوحت بالتوجه صوب ماليزيا وتركيا وإيران، في خطوة قابلتها الرياض بأن طلبت من إسلام أباد تسديد مليار دولار على الفور، وهو جزء من ثلاثة مليارات دولار تم إقراضها لباكستان في نوفمبر 2018.

وسرعان ما أدركت إسلام أباد حجم الخطأ في اندفاعها لتوتير العلاقة مع الرياض، لاسيما مع زيادة تدهور وضعها الاقتصادي، فعمد رئيس الوزراء السابق إلى إصلاح العلاقات بين الجانبين، وتعاطت المملكة بإيجابية حذرة حيال هذا التحول.

ويقول المحللون إنه من المتوقع أن تتعامل السعودية بأريحية أكبر مع رئيس الوزراء الباكستاني الجديد، مشيرين إلى أن المملكة تدرك أهمية الموقع الجيوسياسي لإسلام أباد.

ويشير المحللون إلى أن باكستان ستحاول هي أيضا الاستفادة قدر الإمكان من التغير اللافت في السياسة الخارجية السعودية التي تميل نحو توثيق الروابط مع بلدان جنوب آسيا، ومن المرجح أن تتفهم القيادة الباكستانية الجديدة العلاقة المتنامية بين نيودلهي والرياض.

وانتخب البرلمان الباكستاني في الحادي عشر من أبريل الجاري زعيم المعارضة السابق شهباز شريف، رئيسا للوزراء في البلاد، خلفا لعمران خان. وجاء انتخاب شهباز بعد تصويت حجب الثقة عن عمران خان، وانسحاب حزب الأخير من التصويت على اختيار رئيس وزراء جديد.

3