شنقريحة يتوعّد كل من ينشر الظواهر الاجتماعية السلبية في الجزائر

السلطة ساهمت من خلال استمرارها في سياسة التحكم في قطاع الإعلام في أن تكون شبكات التواصل الاجتماعي البديل الإعلامي المتاح.
السبت 2022/04/23
نظرية المؤامرة تتمدد

الجزائر - توعد رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة، كل من تسول له نفسه نشر “الظواهر الاجتماعية السلبية” المتفشية في البلاد، بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تعج كل يوم بمواضيع تثير جدلا واسعا.

وحذر شنقريحة مما أسماه “الانسياق الأعمى” وراء “التهويل الإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي المصاحب لبعض الأحداث المعزولة، وما قد ينجر عنها من مزايدات من شأنها تهييج الرأي العام الوطني وتأجيج النعرات بين مكونات المجتمع الواحد”، معتبرا ذلك “أمرا خطيرا يندرج دون أدنى شك في سياق المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر”.

وساهمت السلطة في الجزائر من خلال استمرارها في سياسة التحكم في قطاع الإعلام في أن تكون شبكات التواصل الاجتماعي البديل الإعلامي المتاح لفتح أبواب التفاعل والنقاش وكشف الكثير من الملفات والقضايا، التي لا تزال “مسكوتا عنها” في الإعلام التقليدي.

وفي بلد يبلغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، ينشط 26 مليون مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر شريف دريس “سمحت شبكات التواصل الاجتماعي للجزائريين بالتعبير، وأصبحت بديلا فعليا للفراغ الذي خلفه العديد من وسائل الإعلام”.

وقال شنقريحة “بأنه ينبغي على الجميع، من أعوان الدولة وأعضاء المجتمع المدني والأعيان وقادة الرأي والنخب والأئمة ورجال الدين، استنهاض الهمم وتوعية الشباب والعمل بتضامن وتكاتف على وأد هذه المؤامرات”.

وإزاء كل ذلك، حث شنقريحة الجزائريين على “التحلي بالمزيد من الوعي واليقظة والتبصر وأن يحرصوا على الابتعاد عن كافة أشكال ومظاهر التهويل والإثارة، وتحكيم العقل ونبذ التصرفات غير المسؤولة التي لا تخدم سوى مصالح أعداء الشعوب”.

ويثير الجيش الجزائري في كل مناسبة وجود مؤامرات خارجية تحاك للجزائر، وسط تشكيك البعض في صحة ما يثار وتوقيته.

وكانت لقطات مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، لحفل أقيم بعد صلاة التراويح في ساحة تقع بالقرب من مسجد وعدد من المنشآت والمرافق العامة وسط مدينة “أمشدالة” التابعة لإقليم محافظة البويرة، ليفاجأ الحضور بعد حوالي ساعة من بدء الحفل، بكلمات مسيئة في حقهم صادرة عن إمام المسجد عبر مكبر الصوت، تسببت في غضب عارم. وحاصرت مجموعة من الشباب الإمام داخل المسجد، في محاولة للرد على ما تلفظ به، وبلغ الأمر حد تهديده، ما دفعه إلى توجيه نداءات استغاثة عبر مكبرات الصوت، ليتدخل عقلاء المدينة والسلطات المحلية لفض نزاع، لا أحد يمكنه توقع نتائجه. وخلفت الحادثة استنفارا في مدينة “أمشدالة”.

وعيد شنقريحة لم يتوقف عند مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، بل شمل أيضا الإعلام المرئي ما اعتبره مراقبون تهديدا مبطنا لوسائل الإعلام التي تخرج عن المسار المسطر

ولم يتوقف وعيد شنقريحة عند مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، بل شمل أيضا الإعلام المرئي ما اعتبره مراقبون تهديدا مبطنا لوسائل الإعلام التي تخرج عن المسار المسطر. والأسبوع الماضي، وَدَّعَت صحيفة “ليبرتي” الناطقة بالفرنسية والمملوكة لأغنى أغنياء الجزائر قراءها بصدور عددها الأخير. وتعرضت صحيفة “ليبرتي” مؤخرا إلى انتقادات شديدة من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي اتهمها بالانتماء إلى شعب ودولة أخرى بسبب “تهويلها للوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد”. ولا يفوت الرئيس الجزائري أي فرصة لمطالبة الإعلام الجزائري بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”.

وتسيطر على المسؤولين نظرية مفادها أن البلاد تواجه “مؤامرة من الخارج تتضمن موجة التدفقات الإعلامية الخارجية لإحباط معنويات الجزائريين والمساس بمصداقية مؤسسات الدولة الأكثر حساسية”.

وكان الكاتب الجزائري نجيب بلحيمر تساءل “هل من مصلحة البلاد أن يركن الرسميون إلى نظرية المؤامرة؟ وهل يخدم اقتناع المواطنين بوجود مؤامرة الاستقرار؟”، وأضاف “بالنسبة إلى السياسي الفاشل الذي لا يملك رؤية ولا يستطيع بلورة حلول تمثل نظرية المؤامرة ملاذا، فالذي يهمه هو التنصل من المسؤولية ودفع شبهة الفشل أما ثمن ذلك فلا يهم. هذا الخيار يعني ببساطة أن الذين يشغلون الوظائف السامية يرفضون أن يتحملوا مسؤولية المناصب التي يتولونها اليوم، وهذا يطرح مشكلة أخلاقية وسياسية كبيرة فضلا عن أنه ينذر بفشل كبير في التسيير سيزيد في تعقيد الوضع الذي سيكون أكثر صعوبة في السنوات المقبلة”. وتابع بلحيمر “إقناع الجزائريين بأن كل ما يرونه من سوء تسيير هو فعل ‘أطراف’ سيكرس الاعتقاد باستحالة القضاء على تلك ‘الأطراف’ الخفية، بل إن نظرية المؤامرة توحي بقوة خارقة لتلك ‘الأطراف’ تصبح معها كل مؤسسات الدولة تبدو عاجزة وفاشلة، وليس في العالم سلطة تريد أن ترسم للبلد الذي تحكمه هذه الصورة المخيفة”.

واعتبر الكاتب المغربي ميلود الرقيق “الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من ألد أعداء شنقريحة، الأسباب واضحة والتحركات ماراثونية لتنزيل خطة البروباغاندا الإعلامية العسكرية المضادة، كل ذلك، لتغيب الحقيقة وحتى لا تنكشف الأسرار والفضائح والجرائم”.

16