شمال شرق الصين سوق جديدة لمبيعات النفط الإيراني

طهران تستفيد من نهم مصافي التكرير المستقلة في منطقة داليان لتحقيق إيرادات أكبر من تصدير الخام.
السبت 2024/07/27
المصدر غير مهم، المهم الإمدادات متوفرة

يراقب محللو صناعة النفط التحولات التي قد تطرأ على الأسواق مع تكثيف إيران مبيعاتها من الخام إلى شمال شرق الصين، حيث تحتاج المصافي هناك إلى آلاف البراميل لعمليات التكرير، ما يتيح لطهران سوقا جديدة لتصريف الإنتاج رغم قيود الحظر الأميركي.

بكين/ طهران - أكدت شركات تتبع ناقلات النفط ومصادر تجارية الجمعة أن واردات الخام الإيراني تتدفق منذ أواخر 2023 إلى ميناء ومدينة داليان الصينية المشهورة بنشاط التكرير، ما يساعد في الحفاظ على مشتريات البلد عند مستويات قياسية تقريبا.

وإيران ثالث أكبر منتج للخام بعد السعودية والعراق في منظمة أوبك، وهي تحاول بشق الأنفس جني المزيد من العوائد لتمويل عجز الميزانية الحالية التي بدأت في العشرين من مارس الماضي.

وذكر متعاملون أن هذا التحول حدث مع تراجع الطلب على الخام الإيراني من صغار المشترين في إقليم شاندونغ، وهو مركز تكرير مستقل، في مواجهة تدهور هوامش التكرير بسبب ارتفاع أسعار النفط. وكانوا قد أصبحوا أبرز مشترين منذ عام 2019.

وتخضع إيران ونفطها لعقوبات أميركية أعيد فرضها في 2018 بسبب مخاوف بشأن برنامجها النووي، لكن بكين لم تتوقف عن الشراء، إذ سدت المصانع المستقلة، التي تعمل على زيادة الهامش، الفراغ الذي خلفته الشركات الحكومية الحذرة من العقوبات.

وتعمل طهران على توظيف نهم الصينيين لتوريد الخام في تشغيل مصافيها، وهو ما يتيح للبلد، الذي ينفذ خفضا طوعيا في الإنتاج ضمن تحالف أوبك+، تحقيق أهدافه بتصريف أكبر ما يمكن من الكميات دون أي رقابة.

وعانت مصافي التكرير المستقلة في أكبر بلد يستهلك الطاقة في العالم، والمعروفة باسم “أباريق الشاي”، من ضعف هوامش أرباح إنتاج أنواع الوقود المختلفة هذا العام، ما أدى إلى خفض الشركات لمعدلات التشغيل.

45

مليون برميل من النفط الإيراني استقبلتها داليان بين أكتوبر 2023 ويونيو 2024

وتمثل شركات التكرير هذه ربع إجمالي طاقة التكرير في الصين، وعادة ما تكون من كبار منتجي الديزل.

وقالت شركة فورتيكسا الاستشارية التي تتعقب تحركات الناقلات إن “23 شحنة، أو ما مجموعه 45 مليون برميل، من النفط الإيراني تم تفريغها في داليان بين أكتوبر 2023 ويونيو 2024”.

وأوضحت أن هذا يشمل 28 مليون برميل تم تفريغها في جزيرة تشانغشينغ، على بعد 85 كيلومترا إلى الشمال الغربي من وسط داليان.

وقدرت شركة كبلر أن الصين جلبت 34 مليون برميل إلى داليان خلال الفترة ذاتها. وتعادل الأرقام ما يتراوح بين 124 ألفا و164 ألف برميل يوميا، أي ما يقرب من 13 في المئة من إجمالي واردات الصين من النفط الإيراني خلال النصف الأول من 2024.

ويقدر المحللون أن بكين استوردت ما بين 1.2 مليون و1.4 مليون برميل يوميا من الخام الإيراني خلال تلك الفترة. وأشارت فورتيكسا إلى أن الواردات سجلت مستوى قياسيا بلغ 1.52 مليون برميل يوميا في أكتوبر الماضي.

وقبل ذلك الشهر لم تتلق داليان، التي تمثل 6 في المئة من قدرة معالجة الخام في الصين، سوى شحنات متفرقة من النفط الإيراني في السنوات القليلة الماضية، وفقا لفورتيكسا وكبلر.

وعند سؤال وزارة الخارجية الصينية عن الواردات إلى داليان، قالت لرويترز إن الصين وإيران “حافظتا دوما على التجارة الطبيعية والمشروعة في إطار القانون الدولي”.

وتقول الصين إنها تعارض العقوبات أحادية الجانب. ومع ذلك يشير متتبعو ناقلات النفط وتجار إلى أن المتعاملين يعيدون تصنيف النفط الإيراني المتجه إلى الصين على أنه من أماكن أخرى، مثل ماليزيا أو سلطنة عمان أو الإمارات.

ورسميا لم تبلغ الجمارك الصينية عن أي واردات من النفط الإيراني منذ يونيو 2022، لكن واردات البلد ارتفعت في مايو الماضي إلى أعلى مستوى منذ سبعة أشهر بعد تعافي هوامش أرباح التكرير.

واستوردت الصين 1.54 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني خلال أبريل الماضي، وهي أكبر كمية منذ أكتوبر 2023، وفقا لبيانات كبلر. وذهب أكثر من نصف الكميات إلى المشترين في تشينغداو، التي توجد فيها الكثير من المصافي المستقلة.

واستقبل خبراءٌ خططَ إيران لزيادة إنتاج النفط، التي أعلنت عنها قبل ثلاثة أشهر أملا في تحقيق عوائد أكبر مستقبلا، بالتشكيك. ويعود ذلك إلى التحديات الجاثمة أمام تطوير القطاع سواء من حيث توفير التمويلات أو من ناحية تقسيم الحصص داخل أوبك+.

وأقرت السلطات خطة لرفع إنتاجها من الخام إلى 4 ملايين برميل يوميا، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة في صيانة مرافقها الصناعية، بسبب العقوبات الغربية التي أثرت على هذا القطاع الذي يعد عصب الاقتصاد.

المتعاملون يصنفون النفط الإيراني المتجه إلى الصين على أنه من أماكن أخرى، مثل ماليزيا أو سلطنة عمان أو الإمارات

ووافق المجلس الاقتصادي على مقترح لزيادة الإنتاج من متوسط 3.6 مليون برميل يوميا حاليا، لكن لم يتم الإعلان عن أي جدول زمني لتحقيق الهدف.

وفي مارس الماضي رمت الحكومة الإيرانية بكل ثقلها خلف شركاتها المحلية، ومنحتها عقودا ضمن المرحلة الثانية لتطوير مجموعة من الحقول النفطية واضعة في حسبانها تحقيق هدفها المتعلق بتعزيز الإنتاج وجني المزيد من الإيرادات.

وحصلت تلك الشركات على عقود بقيمة 13 مليار دولار لتعزيز الإنتاج من ستة حقول نفط بما يصل إلى 350 ألف برميل يوميا.

وتشمل المشاريع الرئيسية تطوير حقل آزادغان العملاق الذي تبلغ احتياطاته المؤكدة 32 مليار برميل، وأيضا حقل آزار، وكلاهما مشترك مع العراق.

وفي عام 2022 تم تكليف مجموعة من الشركات والبنوك المحلية بتطوير حقل آزادغان باستثمارات تقدر بنحو 7 مليارات دولار.

وتقول طهران إن لديها القدرة على مضاعفة صادراتها النفطية إذا كان هناك طلب كاف، بالرغم من أن التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي للبلاد يمكن أن يمهد الطريق لرفع العقوبات مازال بعيد المنال.

ووفق المسؤولين الحكوميين نمت صادرات النفط في العام الماضي بنحو 20 في المئة قياسا بعام 2022، والذي بلغت فيه الإيرادات نحو 54 مليار دولار، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.

ومع ذلك يتوقع صندوق النقد الدولي أن تزيد ديون إيران والشركات التابعة لها بأكثر من 4 مليارات دولار هذا العام مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 118 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من ربع الاقتصاد.

10