شلل قطاع الزراعة يكبد سوريا 16 مليار دولار

تحذيرات عالمية تتصاعد من أن استمرار النزاع السوري يدفع قطاع الثروة الحيوانية إلى كارثة الانهيار التام كونها تمثل، إلى جانب الزراعة، طوقا نجاة الملايين من السوريين.
الأربعاء 2019/06/26
الحرب توصد الأبواب بوجه المحاصيل

تؤكد التقديرات الرسمية وآراء المحللين أن قطاع الزراعة كان من أكبر ضحايا الحرب السورية المتواصلة منذ 8 سنوات، وهي تشير إلى أن الإنتاج انحدر إلى مستويات غير مسبوقة وهو ما كبد البلاد خسائر بمليارات الدولارات.

دمشق- كشفت السلطات السورية أن الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والحيواني جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات تقدر بمليارات الدولارات. ونسبت وكالة سبوتنيك الروسية لوزير الزراعة أحمد القادري قوله إن “الزراعة من أهم القطاعات المتضررة من الأزمة، حيث بلغت الخسائر 16 مليار دولار خلال الفترة الفاصلة بين 2011 و2016″.

ويعتقد خبراء أن الخسائر قد تبدو أكبر من ذلك بكثير خاصة وأن دمشق لم تحسب الأضرار التي لحقت بمشاريع الري الحكومية وقنوات الإنتاج في قطاعات التجارة الخارجية والتصنيع الغذائي.

ويرجع القادري الأسباب التي أدت لهذه الأضرار بالدرجة الأولى إلى العقوبات الاقتصادية الأميركية والتدابير أحادية الجانب المفروضة على سوريا. وتراجع حجم الصادرات بسبب العقوبات إضافة إلى تخريب وتدمير المراكز البحثية والإنتاجية والخدمية ومنع المزارعين في بعض المناطق من الوصول إلى أراضيهم.

كما أن ارتفاع أسعار بعض مستلزمات الإنتاج ونقص كميات بعضها الآخر وخروج مساحات مروية من الاستثمار نتيجة تخريب شبكات الري والآبار وسرقة تجهيزاتها وصعوبة نقل مستلزمات الإنتاج ونقل المنتجات الزراعية من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك إضافة إلى قلة اليد العاملة من بين الأسباب التي أدت لتضرر القطاع.

أحمد القادري: حلول الأزمة تكمن في تنويع الاقتصاد وزيادة مرونته
أحمد القادري: حلول الأزمة تكمن في تنويع الاقتصاد وزيادة مرونته

ووفق تقرير صادر عن المركز السوري لبحوث السياسات في مايو الماضي، تدهور الناتج المحلي الزراعي في سوريا إلى النصف في العام الماضي مقارنة بالعام 2010. كما تراجع كل من الناتج النباتي والحيواني بنسب متقاربة 49 بالمئة و51 بالمئة تباعا في السنوات التي أعقبت نشوب الأزمة.

ويرى القادري أن الحل لتجاوز الأزمة يكمن في تنويع الاقتصاد وزيادة مرونته، واعتماده على الموارد المحلية والتقليل إلى حد كبير من اعتماده على الخارج، خاصة في ما يتعلق بتأمين عوامل ومستلزمات الإنتاج.

وبسبب الحرب وعدم زراعة أغلب المناطق، تعرضت البلاد خلال السنوات الماضية إلى نقص حاد في الحبوب دفعها للاستيراد. ولكن الموسم المميز هذا العام والذي فاق كل التوقعات وربما يتجاوز الإنتاج أكثر من 5 ملايين طن من القمح ربما لن يتم الحصول عليه بسبب الحرائق التي التهمت مئات الهكتارات.

وقد أشار الوزير إلى أن قيمة الخسائر التي تعرض لها القطاع نتيجة الحرائق المتكررة للأراضي بلغت 28.8 مليون ليرة سورية (نحو 5.4 مليون دولار). واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات التي تطمح إلى أن تساهم في التخفيف من أثر العقوبات الغربية، ومن أهمها تحفيز زيادة الإنتاج الحيواني والنباتي وتحسينه.

كما عملت على تعزيز قدرة المنتجين من خلال دعم المؤسسات الحكومية والإنتاجية وتعويض النقص الحاصل في مدخلات الإنتاج المستوردة وزيادة دعم المحاصيل الاستراتيجية والرئيسية وخاصة القمح والشعير.

وكانت دمشق قد قررت الأسبوع الماضي توزيع دجاجات بيّاضة وعلف مجاني للأسر في المناطق الريفية، في خطوة قالت إن هدفها دعم أصحاب المزارع في المناطق المتضررة جراء النزاع.

وخصّص مجلس الوزراء خلال جلسة عقدها الأحد الماضي مبلغ مليار ليرة سورية (2.3 مليون دولار) لتقديم منحة مجانية للأسر الريفية لتنفيذ هذا المشروع. وتشمل المنحة 15 دجاجة بياضة مع 50 كيلوغراما من العلف، وهي من الإنتاج المحلي، بهدف “تشجيع تربية الدواجن المنزلية وتمكين الأسر الريفية اقتصاديا”.

وتراجع خلال سنوات النزاع عدد من قطعان الماشية نتيجة قتل الحيوانات أثناء الأعمال القتالية وتهريب الأغنام والأبقار والماعز إلى دول الجوار. وتشير البيانات الرسمية إلى ذبح العديد من رؤوس الماشية نظرا لعدم التمكن من توفير الأعلاف وخصوصا في المناطق المحاصرة والساخنة.

وبالإضافة إلى ذلك، ارتفعت تكاليف تربية الحيوانات نتيجة اضطرار المربين إلى التنقل المستمر بحثا عن المراعي وهربا من الصراع في المناطق التي كانت تتميز بتربية المواشي كدير الزور شرقا والرقة شمالا والحسكة في شمال شرق البلاد ودرعا في جنوب وريفي حماة وحمص في وسط البلاد.

تراجع كل من الناتج النباتي والحيواني بنسب متقاربة 49 بالمئة و51 بالمئة تباعا في السنوات التي أعقبت نشوب الأزمة

وتصاعدت التحذيرات العالمية من أن استمرار النزاع يدفع قطاع الثروة الحيوانية إلى كارثة الانهيار التام كونها تمثل، إلى جانب الزراعة، طوقا نجاة الملايين من السوريين وبينهم المهجرون داخليا، الذين يعيش معظمهم في المناطق الريفية.

وتقدر منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (فاو) حجم الخسائر، التي لحقت قطاع تربية الماشية بأكثر من 5.5 مليار دولار، في ظل غياب أرقام رسمية من داخل سوريا.

واقترحت المنظمة في عام 2017 خطة لتنفيذ برنامج استثماري بقيمة تتراوح بين 10 و17 مليار دولار يأخذ في الاعتبار جميع احتمالات تطور النزاع في ظل 3 سيناريوهات متوقعة وهي استمرار الحرب أو توقفها جزئيا أو توقفها بشكل كامل.

11