شلل في إسرائيل احتجاجا على مشروع قانون المحكمة العليا

تل أبيب - شهدت إسرائيل الثلاثاء احتجاجات بعد ساعات قليلة من مصادقة البرلمان في قراءة أولى على بند أساسي ضمن خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل والتي يرى معارضوها أنها تقوض الديمقراطية.
وأغلق متظاهرون في فعاليات “يوم الشلل الوطني”، التي دعت إليها المعارضة، الطرق الرئيسية في جميع أنحاء البلاد وفي القدس احتشدوا أمام البرلمان (الكنيست) وقرعوا الطبول وردّدوا الهتافات المنددة بتمرير البند.
وانتشر أفراد من الشرطة على صهوات جياد وسط مئات المتظاهرين في تل أبيب. وعند مدخل القدس، واستخدم أفراد الشرطة مدافع مياه لتفريق بعض المتظاهرين بينما سحبوا آخرين بالقوة.
وقالت الشرطة لاحقا إنها ألقت القبض على 42 شخصا على الأقل.
وبدأت حركة الاحتجاج التي تعتبر من الأضخم في إسرائيل والتي حشدت عشرات الآلاف منذ يناير مع تقديم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لخطته.
نتنياهو وائتلافه الحكومي يسعيان إلى تغيير قواعد تعيين القضاة وهذا يعني منح الحكومة غالبية في عملية الترشيح
وتؤكد الحكومة الائتلافية التي تضم أحزابا من اليمين واليمين المتطرف وتشكيلات يهودية متشددة، أن الإصلاحات تهدف إلى تصحيح حالة من عدم التوازن بين السلطة القضائية وأعضاء البرلمان المنتخبين، في حين يقول معارضوها إنها تعرّض الديمقراطية الإسرائيلية للخطر.
وصوّت البرلمان ليل الاثنين/الثلاثاء على بند الطابع “المنطقي” لأيّ قرار والذي سيخضع لقراءتين ثانية وثالثة في وقت لاحق.
ويرى منتقدو المحكمة العليا في إسرائيل ولاسيما من اليمين أن هذا البند من أخطر الأمثلة على التجاوزات القضائية.
وكانت المحكمة العليا أبطلت في 18 يناير الماضي تعيين آرييه درعي وزيرا للداخلية والصحة، مشيرة إلى أنه دين بتهرّب ضريبي، وبالتالي لم يكن من “المنطقي” أن يكون عضوا في الحكومة على الرّغم من عدم وجود قانون يمنع ذلك منذ التصويت في ديسمبر على تعديل بدا واضحا أنه مصمّم ليتمكن درعي من الانضمام إلى السلطة التنفيذية.
واضطر نتنياهو لإقالته من منصبه لكنّه انتقد قرار القضاة متهما إياهم بتجاهل “إرادة الشعب”.
ويسعى نتنياهو وائتلافه الحكومي إلى تغيير قواعد تعيين القضاة وهذا يعني منح الحكومة غالبية في عملية الترشيح.
وحاليا، تعيّن لجنة تضم قضاة ونوابا ومحامين من نقابة المحامين، بإشراف وزير العدل، قضاة المحكمة العليا. ويقترح التعديل إخراج المحامين من هذه اللجنة.
ويعتبر هذا البند عنصرا رئيسيا في مشروع الإصلاح. وقد تبناه الكنيست في قراءة أولى. وأقرّ الكنيست نسخة معدّلة في مارس تنص على زيادة عدد المشرعين والقضاة في اللجنة.
وينتظر الاقتراح التصويت النهائي من قبل الكنيست. ويهدف بند منفصل إلى تغيير طريقة اختيار رئيس المحكمة العليا ما يعني منح الحكومة سلطة أكبر في التعيين.
وتتهم المعارضة نتنياهو الذي تجري محاكمته في تهم تتعلق بالفساد بمحاولة استخدام الإصلاحات لإلغاء الأحكام المحتملة ضده لكنه يرفض هذه الادعاءات.
وينص مقترح وزير العدل ليفين على الحد من سلطة المستشارين القانونيين الملحقين بالوزارات الحكومية.
ويتمتع هؤلاء حاليا بقوة شبه قانونية ويتم الاستعانة بهم من قبل قضاة المحكمة العليا عندما يتعلق الحكم بإجراء حكومي، لكن المقترح سيغير هذا النظام ويجعل من استشارتهم أمرا غير ملزم.
ولم يصوّت البرلمان بعد على مشروع القانون لكنه تبنى تشريعات ندد بها المعارضون واعتبروها خطوة أخرى لتقليص سلطة موظفي الخدمة المدنية في الدولة.
وحث رئيس أكبر نقابة عمالية في إسرائيل نتنياهو على عدم السماح بما وصفه بالتطرف. وقال آرنون بار دافيد رئيس الهستدروت متوجها بخطابه إلى رئيس الوزراء “إلى أين تأخذ دولة إسرائيل؟ ما هو الإرث الذي ستتركه وراءك؟ ضع حدا لهذه الفوضى المجنونة”.
وصوّت البرلمان على تقييد أسباب اعتبار رئيس الوزراء غير صالح للمنصب وهو تصويت قالت المعارضة إنه “قانون أحوال شخصية” لحماية نتنياهو.
وقالت المدعية العامة الإسرائيلية غالي باهراف - ميارا في مارس إن تصرفات نتنياهو بشأن الإصلاح القضائي قد تضعه أمام تضارب مصالح بسبب محاكمته الجارية.
المعارضة تتهم نتنياهو الذي تجري محاكمته في تهم تتعلق بالفساد بمحاولة استخدام الإصلاحات لإلغاء الأحكام المحتملة ضده لكنه يرفض هذه الادعاءات
ويقول منتقدو المحكمة العليا إنها أساءت تفسير القوانين الأساسية لإسرائيل المعمول بها بدلا من دستور، وأساءت كذلك استخدام صلاحياتها عبر إبطال قوانين.
وتريد الحكومة تمرير ما يسمى “بند الاستثناء” الذي يسمح للبرلمان بإلغاء قرار للمحكمة العليا بتصويت بأغلبية بسيطة.
وتبنى البرلمان الإسرائيلي في قراءة أولى في منتصف مارس بند الاستثناء، ويحتاج إقراره إلى تصويت في قراءتين ثانية وثالثة.
وقال نتنياهو الشهر الماضي في لقاء مع “وول ستريت جورنال” إنه ألغى هذا البند. وستمنع الإجراءات الأخرى المقترحة المحكمة من إلغاء أيّ تعديلات تتعلق بالقوانين الأساسية التي تعتبر شبه دستور في إسرائيل.
وحذر المعارضون من أن هذه الإجراءات ستمنح السلطة التشريعية سلطة غير مقيدة تقريبا.
ويقول بعض أعضاء حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو إن مشروع القانون سيتم تخفيفه قبل طرحه للتصويت النهائي الذي يأملون في إتمامه قبل عطلة الكنيست الصيفية المقررة في 30 يوليو الجاري.
لكن سيمحا روتمان رئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست التي تعمل على صياغة مشروع القانون قال لراديو الجيش الإسرائيلي “أقولها صراحة: لست مقتنعا بأنه من المتوقع حدوث أيّ تعديلات كبيرة” على الصياغة.
وحثت واشنطن نتنياهو على التوصل إلى اتفاقات واسعة على أيّ تعديلات للنظام القضائي، وتقول إن التعديلات يجب أن تحافظ على استقلال المحاكم الإسرائيلية.