شكوك في قدرة المجلس الرئاسي الليبي على احتواء الأزمة السياسية مع تعثر الجهود الأممية

طرابلس - تتركز الأنظار على المجلس الرئاسي في ليبيا بعد تعثر المبادرة الأممية لوضع قاعدة دستورية ترتكز عليها الاستحقاقات الانتخابية، لكن قرارات المجلس قد لا تلقى الإجماع داخليا وخارجيا ما قد يُعمق الانقسام داخل البلاد.
وطالبت الهيئة العليا للاتحادات والنقابات والروابط والمجالس والفعاليات الاجتماعية، المجلس الرئاسي بالتدخل و”تجميد أعمال مجلسي النواب والأعلى للدولة، وإصدار مرسومين رئاسيين بإجراء استفتاء إلكتروني على مشروع الدستور، خلال أسابيع محددة”.

فرج دردور: للأسف المجلس الرئاسي بتشكيلته الحالية ضعيف جدا
واقترحت الهيئة أنه “بعد إجراء الاستفتاء على الدستور، يُصدر المجلس الرئاسي مرسوما رئاسيا بقوانين انتخابية، وإجراء انتخابات عامة بحلول منتصف العام الجاري، وقبل نهاية فصل الصيف المقبل”.
وتتكون الهيئة العليا للاتحادات والنقابات والروابط والمجالس والفعاليات الاجتماعية من اتحاد عمال ليبيا، واتحاد روابط ومنظمات أسر الشهداء والمفقودين، ونقابات المعلمين والمهندسين والمحاسبين والمراجعين القانونيين والمتقاعدين، ورابطة المهجرين والنازحين، والمجلس الأعلى للإعلام المنتخب، والمجلس الأعلى للمدن والقبائل الليبية، والمجلس الأعلى لحكماء وأعيان ليبيا، واتحاد مؤسسات المجتمع المدني، والقوى والفعاليات الطلابية والشبابية.
وتبذل الأمم المتحدة جهودا لتحقيق توافق ليبي على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، في ظل إعلانات متكررة للمجلس الرئاسي الليبي بشأن التزامه بإجراء الاستحقاقين وفق قاعدة دستورية يتفق عليها الجميع.
وطرحت المستشارة الأممية لدى ليبيا ستيفاني ويليامز في الثالث من مارس الماضي مبادرة تنص على تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات في أقرب وقت.
وانطلق أول اجتماعات اللجنة في الثاني والعشرين من مارس بتونس، حيث عقدت ويليامز مع ممثلي المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) جلسة بشأن وضع قاعدة دستورية للانتخابات، دون تمثيل لأعضاء مجلس النواب الذي يتخذ من طبرق مقرا له، والذي أبدى عدم تجاوب مع مبادرة المبعوثة الأممية.
وقال المحلل السياسي فرج دردور إن “المجلس الرئاسي يمكنه القيام بدور ينهي الأزمة الحاصلة ويفك الانسداد السياسي، باعتباره أعلى سلطة في الدولة، وهو القائد الأعلى للجيش، وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي”.
وأعرب دردور عن شكوكه في قدرة المجلس على تحقيق أي اختراق قائلا “للأسف المجلس الرئاسي بتشكيلته الحالية (محمد المنفي من الشرق، وعبدالله اللافي من الغرب، وموسى الكوني من الجنوب) ضعيف جدا”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن من الخطوات التي يمكن أن يقوم بها المجلس الرئاسي إصدار مراسيم رئاسية، تتمثل في تجميد عمل البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، وإصدار التعليمات للمفوضية العليا للانتخابات للبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات.
واعتبر أن هذه الخطوات يمكن اتخاذها “لدواعي الأمن القومي، لأن البلاد في حالة انسداد، ودخلت في حروب، ومازالت مهددة بحروب أخرى”.
وأوضح دردور أن “المجلس الرئاسي في حال قيامه بخطوة إصدار المراسيم الرئاسية فمن الطبيعي أن تحتاج إلى دعم دولي موحد، لأنه في حال كان هناك انقسام دولي في هذه المسألة فسيصعب تطبيقها في الشرق مثلا”.
وأشار إلى أن “المجلس الرئاسي لم يبدأ في خطوات عملية للسير نحو اتجاه إصدار مراسيم رئاسية ولكنه شرع في خطوات تشاورية منذ فترة، لأن هناك عمليات جس نبض يقوم بها حاليا، وتخوفاته تكمن في عدة مسائل، منها ما الذي سوف يترتب عليها؟ هل تقبل أم لا؟ هل ستلقى دعما دوليا؟”.
المستشارة الأممية لدى ليبيا ستيفاني ويليامز طرحت في مبادرة تنص على تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات
ولفت إلى أن “كل هذه الأسئلة تقريبا يطرحها المجلس الرئاسي، ويقوم بالتشاور حولها، وهناك تواصل مع بعض السفراء ورؤساء الدول بشأن هذا الموضوع، ولكنْ لم تختمر الفكرة بشكل كامل حتى الآن”.
وبحث المنفي في السادس عشر من مارس الماضي في طرابلس، مع سفراء عرب وغربيين ومسؤولة أممية، سبل دعم مبادرة الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة الليبية عبر تسهيل إجراء الانتخابات.
وشدد المنفي حينها على أن المجلس الرئاسي لن يسمح بالعودة إلى الانقسام المؤسسي أو إلى أي صدام مسلح، وأكد أن المجلس ملتزم بالعمل مع كل الأطراف وأن الحل سياسي وليس قانونيا.
وحول دلالات زيارة المنفي إلى القاهرة قال دردور إنها “محاولة لجس نبض الجانب المصري، وهل سوف تتخلى (مصر) عن دعمها لحكومة (فتحي) باشاغا، وإجراءات عقيلة صالح (رئيس مجلس النواب)، أم سوف تستمر في دعمها؟”.
وأوضح أن “مصر أصبحت تركز على مصالحها أكثر من السابق، خاصة على المدى البعيد، لأنها انتظرت كثيرا في السابق من أجل تثبيت نظام موال لها في الغرب الليبي، وهذا الأمر فشل في الحرب، وفشل سياسيا، والآن مصر مستعدة لتغيير موقفها من الوضع الليبي”.
وجدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الثلاثاء موقف بلاده حيال “اضطلاع مؤسسات الدولة الليبية بمسؤولياتها، وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإنهاء المرحلة الانتقالية، بما يتيح للشعب الليبي تقرير مصيره واختيار قياداته”.