شكوك سياسية تحوم حول إضراب عمال التربية في الجزائر

نقابات عمال التربية تؤكد على أن الإضراب يأتي لرد الاعتبار، وليس مطالب خبز أو منح.
الثلاثاء 2024/04/30
محاولات لاستهداف الانتخابات

الجزائر - اتهمت دوائر موالية للسلطة الجزائرية نقابات عمال التربية التي دعت إلى إضراب عن العمل احتجاجا على ظروف اجتماعية ومهنية بالتشويش على الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر سبتمبر القادم، واعتبرته خطوة تصعيدية من أجل خلط الأوراق السياسية، وهو ما نفته تلك النقابات، وشددت على أنه إضراب كرامة ورد الاعتبار، وليس مطالب خبز أو منح.

ودخلت حركة البناء الوطني الجزائرية الموالية للسلطة في الجزائر على خط الجبهة الاجتماعية بدعوة التكتل النقابي لعمال التربية، الذي شن إضرابا عن العمل خلال اليومين الأخيرين، إلى التراجع عن القرار، قياسا بما يمثله من استفزاز للاستقرار الاجتماعي، بالموازاة مع استعداد البلاد لإجراء انتخابات رئاسية بعد أربعة أشهر من الآن.

وألمحت إلى أن الإضراب ينطوي على أجندة سياسية، تستهدف التشويش على الاستحقاق السياسي القادم، ومحاولة للزج بالأذرع الاجتماعية في إثارة حالة من الارتباك الاجتماعي، في إطار لعبة تصفية حسابات سياسية من طرف جهات خفية تريد إحراج السلطة وتأليب الرأي العام.

ويعدّ الإضراب الذي دعا إليه تكتل نقابي ناشط في قطاع التربية، هو الأول من نوعه بعد سنوات من الاستقرار الاجتماعي، فرضته جائحة كورونا ثم ترسانة القوانين التي راجعت بشكل غير مسبوق الحق في الإضراب والعمل والنقابي، مقابل مبادرات من السلطة بحزمة من الإجراءات الاجتماعية، كالترفيع في الرواتب بشكل تدريجي، واستحداث منحة للبطالة، وذلك خارج الحوار التقليدي الذي دأبت الحكومات المتعاقبة على إجرائه مع الشريك الاجتماعي مطلع كل دخول اجتماعي.

وفيما أبدت حركة البناء الوطني، تفهمها لدوافع الحركة الاحتجاجية لعمال التربية، فإنها وصفت القرار، بـ”خطوة تصعيدية خاصة تأتي قبيل امتحانات الفصل الثالث وشهادة التعليم الأساسي وشهادة الباكالوريا”.

حركة البناء الوطني اعتبرت الإضراب خطوة تصعيدية تأتي قبيل امتحانات التعليم الأساسي وشهادة الباكالوريا

وقالت في بيان لها ” تلقينا في حركة البناء الوطني بالكثير من التخوف، قرار تكتل نقابات الأساتذة الدخول في إضراب يومي 28 و 29 أبريل الجاري، بما يؤشر إلى انسداد قنوات الحوار، وأن الحركة تتفهم الدوافع التي طرحها التكتل النقابي لتبرير اللجوء للإضراب، إلا أنها تعتبر أن هذه الخطوة ربما تفهم على أنها تصعيدية، وسوف تدفع نحو المزيد من الاحتقان في قطاع هام وحيوي وقد تكون لها عواقب نحن في غنى عنها، وإذ نجد أنه من الأفضل أن تستبدل بتفعيل قنوات الحوار وضرورة الالتزام بالمتفق عليه”.

وأضاف “كما أنها تأتي في توقيت دراسي جد حساس، إذ من المنتظر أن يشرع قريبا تلاميذنا في اجتياز شهادة التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا، فضلا على أنها تسبق موعدا مهما وهو الاستحقاق الرئاسي المرتقب والذي يحتم على كل الوطنيين أن يلجأوا إلى التهدئة وتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار حتى يجرى هذا الموعد الوطني في جو من الهدوء والسكينة، مع إقرارنا بعدم إغفال الدفاع عن حقوق العمال عموما وموظفي قطاع التربية على وجه الخصوص”.

ويبدو أن الحركة، التي لم تحدد نوعية مشاركتها في الانتخابات الرئاسية المذكورة، إن كانت بمرشح عنها أو بواسطة تحالف مع أطراف أخرى، ضحت بموقفها لدى الوعاء الانتخابي لقطاع التربية، وفضلت مزايا سياسية تجنيها بركوب قارب الحكومة والاستعداد للتحالف مع مرشح السلطة، وهو موقف نادر، فعادة لا تجازف الأحزاب السياسية بمواقف مناوئة للجبهة الاجتماعية.

وشددت على أن “فرص تجاوز الانسداد بين وزارة التربية الوطنية والشركاء الاجتماعيين للقطاع قائمة، ويمكن الوصول إلى الحلول المناسبة عبر الحوار والتنازلات من الطرفين، بما يضمن أولا وأخيرا مصلحة أبنائنا الأعزاء وأساتذتنا الكرام، وبالنظر للاستحقاق الرئاسي، مصلحة الوطن ككل”.

حركة البناء الوطني ضحت بموقفها لدى الوعاء الانتخابي لقطاع التربية، وفضلت مزايا سياسية تجنيها بركوب قارب الحكومة

ودعت إلى “‏ضرورة إسراع القائمين على قطاع التربية الوطنية في إطلاق مشاورات مع الشركاء الاجتماعيين التمثيليين دون أيّ إقصاء، في سبيل التوصل إلى أرضية عمل تساهم في إثراء مشروع القانون الأساسي الخاص بالأستاذ وبما يسهم في رد الاعتبار لمكانة الأستاذ والمربي المستحقة، ليتمكن هذا الأخير من أداء دوره الهام في العملية التعليمية التربوية النبيلة”. 

وكان التكتل النقابي قد أكد على أن “قرار إضراب نهاية الشهر لا يعد إضراب خبز أو إضراب منح، رغم الانهيار الفظيع للقدرة الشرائية التي يعيشها الأستاذ اليوم والحالة الاجتماعية المخيفة التي وصلها مجموع الأساتذة، بل هو إضراب كرامة ورد الاعتبار لمكانة المعلم المربي”.

وذكر في بيان له بأنه “رفضا منا لكافة أشكال وممارسات التعنت والإقصاء والتهميش المنتهجة من طرف مسؤولي وزارة التربية الوطنية في تعاطيهم مع ملف القانون الأساسي الخاص بالأستاذ عكس القطاعات الوزارية الأخرى، رافضة بذلك رفضا قاطعا الاستجابة لمطلب الأساتذة المرفوع والمتمثل في تسليم نسخة عن مشروع القانون الأساسي الخاص بالأستاذ محل عرض على مستوى مجالس الوزراء”.

وأنه وبعد التأكد من تنامي التعدي على الحقوق بإصرار مسؤولي وزارة التربية الوطنية على فرض سياسة التفرد بالموقف والقرار وتماديها في رفض تسليمنا نسخة عن المشروع محل العرض على مستوي اللجنة الحكومية ومجالس الوزراء، وصدها لكافة أبواب الحوار والمناقشة لاسيما ما

تعلق بإثراء ومراجعة باب التصنيفات في الرتب والمهام المنوطة بها، رغم إلحاح نقابات الأساتذة الحاضرة في جميع الاجتماعات التي نظمتها وزارة التربية الوطنية مع النقابات مما أثار الشكوك وعمّق الشعور بالظلم والتعسف في تصنيف الأساتذة والنظام التعويضي، فإنه لم يبق إلا اللجوء إلى الإضراب كوسيلة ضغط على الوزارة الوصية.

4