شكوك تحاصر برنامج القاهرة لبيع شركات القطاع العام

انتقادات لتبريرات الحكومة حيال التأجيل المتكرر لطرح الشركات الحكومية.
الاثنين 2019/12/02
مخاوف من تسريح العمال

وجه خبراء مصريون انتقادات شديدة لسياسات الحكومة المصرية في ما يتعلق ببرنامج طرح شركات القطاع العام في البورصة. وأكدوا أن تعثر التنفيذ يثير الشكوك بشأن جديتها في ظل صعوبة الإدراج بسبب ارتفاع أسعار الفائدة التي ترجح كفة الادخار على المخاطرة بشراء أسهم شركات خاسرة.

القاهرة - واجهت الأوساط الاقتصادية برنامج طرح الشركات الحكومية المصرية في البورصة بالتشكيك في فرص نجاحه وترجيح عدم وجود طلب لشراء أسهمه حيث اعتبروا تبريرات السلطات مجرد ذرائع.

وشكك محللون اقتصاديون في قدرة الحكومة المصرية على تنفيذ برنامج طروحات القطاع العام بالبورصة في الإطار الزمني المعلن إذ لم يُطرح منه سوى 4.5 بالمئة من شركة واحدة ليلا بشكل فاجأ الجميع رغم مرور 21 شهرا على الإعلان عنه ولم يتبق سوى تسعة أشهر وتنتهي المدة المحددة للبرنامج.

واتهموا الحكومة بالتذرع بأسباب واهية لتأجيل الطروحات مثل انتظار التوقيت المناسب للطرح وقدرة السوق على استيعابها قائلين إن البرنامج هو الذي سينشط السوق وإن على الحكومة ألا تنتظر أن يحدث العكس.

ونسبت رويترز لوائل عنبة رئيس مجلس إدارة رويال لتداول الأوراق المالية قوله إن “التأجيل المتتالي للبرنامج يضعف موقف الحكومة بشكل كبير ويفقد الثقة في البرنامج خاصة أن هناك طروحات لشركات خاصة تحدث بالسوق”.

وتساءل قائلا “كيف للقطاع الخاص أن ينجح ويغطي الطروحات والسلطات تقدم حججا واهية في كل مرة حيث أن كل ذلك يفقد الثقة فيها وفي جودتها، فهي تحتاج لقرارات جريئة وهم لم ينجحوا في الالتزام بالمواعيد التي أعلنوا عنها”.

وكشفت الحكومة المصرية في مارس من العام الماضي عن عزمها طرح حصص من 23 شركة بالبورصة، في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه (حوالي 4.98 مليار دولار) عبر بيع حصص أقلية في فترة تتراوح بين 24 و30 شهرا.

ورغم انقضاء ما يصل إلى نحو 21 شهرا من تلك المدة لم تطرح الحكومة سوى 4.5 بالمئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان في وقت سابق من العام الجاري فقط وتم الطرح ليلا في خطوة مفاجئة.

ارتفاع أسعار الفائدة في البورصة المصرية يرجح كفة الميل للادخار على المخاطرة بشراء أسهم شركات القطاع العام الخاسرة

غير أن اثنتين من شركات القطاع الخاص دخلتا سوق الأسهم هذا العام إذ طرحت شركة فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، أكبر شركة مدفوعات إلكترونية في مصر، بنحو 36 بالمئة من أسهمها في البورصة في أغسطس الماضي ولاقت إقبالا كثيفا من المستثمرين.

كما طرحت راميدا للأدوية حوالي 49 بالمئة من أسهمها في بورصة مصر ليبدأ التداول عليها خلال الأسبوع المقبل.

وقال حسين شكري مؤسس ورئيس مجلس إدارة أتش.سي للأوراق المالية والاستثمار إن “الطروحات الحكومية من شأنها جذب مستثمرين جددا لما تقدمه من أوراق مالية جديدة وتعمق السوق مما ينتج عنه زيادة حجم التداول”.

ورجح أن تكون أسباب تأخر البرنامج تعود إلى وضعية السوق في الوقت الحالي مما يدفع الحكومة لتحين ظروف أفضل للطرح.

ولكن منى مصطفى المحللة الاقتصادية في عربية أون لاين ترى أنه “ليس هناك أسباب واضحة لتأجيل الطروحات الحكومية كل فترة وعدم الالتزام بأي مواعيد يعلن عنها”.

ويتخوف الخبراء من أن يوجه هذا الاضطراب والتذبذب في القرارات رسالة سلبية للمستثمر حيث أنه يعكس حالة من القلق ويوحي بعدم استقرار وتناسق في الرؤى.

واعتبرت أن ”التوجه الحكومي ليس تنشيط البورصة من خلال الطروحات ولا تعميق السوق ولا توسيع القاعدة الملكية في الشركات وهيكلة الإدارة بل هو محاولة للتخلص من بعض الأصول بالخصخصة دون الرجوع إليهم في المستقبل بإهدار المال العام”.

وقال عمرو الألفي رئيس البحوث في شعاع مصر لتداول الأوراق المالية “في كل مرة نقول إن ظروف السوق غير مناسبة لكننا نجد شركات القطاع الخاص تقوم بالطرح وكلما انتظرنا الوقت المناسب فهو لن يأتي أبدا”.

وتابع “من المفروض على بنوك الاستثمار مساعدة الحكومة في الطرح مثلما تساعد الشركات الخاصة بالسوق”.

وفوجئت الحكومة المصرية سابقا بإحجام المصارف عن تمويل برنامج طرح الشركات الحكومية الخاسرة في البورصة مما دفعها إلى تدشين أول صندوق استثمار مباشر يهدف إلى إعادة هيكلة تلك الشركات وتوفير سيولة نقدية لتمكينها من العودة إلى الإنتاج.

وتمر البورصة المصرية بحالة من الوهن وشح السيولة في ظل غياب المحفزات وقلة عدد الطروحات بالسوق.

ويرى محللون أنه “من الصعب نجاح الحكومة في الالتزام بالمواعيد التي حددتها مسبقا لو استمرت في السير بسرعة السلحفاة كما هي حاليا، لكن لو حدث تغيير في الاستراتيجية فقد تنجح وتنتهي من البرنامج وتحدث حالة من النشاط في البورصة”.

وائل عنبة: التأجيل يضعف موقف الحكومة ويفقد الثقة في البرنامج
وائل عنبة: التأجيل يضعف موقف الحكومة ويفقد الثقة في البرنامج

وقال إيهاب رشاد نائب رئيس مجلس إدارة مباشر كابيتال هولدينج للاستثمارات المالية إن “السوق تحتاج لشركات جديدة ذات ثقل نسبي نستطيع من خلالها زيادة وزن البورصة المصرية في مؤشر أم.أس.سي.آي لجذب استثمارات وسيولة جديدة”.

وأوضح أن “الطروحات أصبحت ضرورة ملحة وليست رفاهية. كل طرح جديد سيأتي بمستثمرين جددا، مصريين وأجانب، وسيجذب سيولة جديدة… من الصعب طرح كل هذا العدد من الشركات في الوقت الذي أعلنوا عنه”.

وكان للبورصة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية دور هام في جذب الشركات لطرح حصص منها بالسوق من خلال إدارة متخصصة لديها لكن دور تلك الإدارة تراجع في العامين الماضيين بشكل كبير.

وقال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال المصري الثلاثاء خلال مؤتمر اقتصادي في القاهرة إن ”هناك ثلاث شركات حكومية جاهزة لطرح حصص منها ببورصة مصر على أن تحدد بنوك الاستثمار المكلفة بإدارة العملية توقيت الطرح”.

وتابع “سيتم طرح 22 إلى 25 بالمئة من أسهم مصر الجديدة للإسكان والتعمير في الربع الأول من 2020”.

وليست المرة الأولى التي تحدد فيها الحكومة مواعيد لاستئناف برنامج طروحات قطاع الأعمال العام، فقد سبق ذلك العديد من التصريحات الحكومية بمواعيد لم تلتزم بها ولم تطرح خلالها أي شركات بذريعة أن الوقت غير مناسب للطرح.

وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس “للأسف هناك تأجيل مستمر للطروحات لأنهم ينتظرون الوقت المناسب. نحتاج لخطة لتنشيط السوق من خلال الطروحات الحكومية لا أن تكون الحكومة هي من ينتظر نشاط السوق لتقوم بالطروحات. نحتاج طروحات لشركات جديدة وليس طرح حصص من شركات موجودة ومقيدة أصلا بالسوق. نحتاج لطرح جديد كل ربع سنة على الأقل في قطاعات بكر وبها نسب نمو عالية”.

وغيرت الحكومة استراتيجيتها في الطرح أكثر من مرة فبعد أن أعلنت في البداية عن طرح حصص من شركات غير مطروحة سابقا وغير مقيدة بالبورصة عادت وأعلنت أن الطروحات المقبلة ستكون ثانوية لشركات مقيدة بالبورصة من خلال بيع حصص أكثر منها للمستثمرين في السوق.

10