"شعلة" مسرحية تونسية ضد ظاهرة التحرش

المسرحية تسائل العلاقة التقليدية بين الرجل والمرأة وتسبر أغوارها وما يشوبها من التباسات عبر شخصيتي أستاذ وطالبة.
الثلاثاء 2023/05/16
نقد لظاهرة مستفحلة

تونس- تشهد قاعة الفن الرابع بتونس العاصمة مساء السبت العشرين من مايو الجاري تقديم العرض الأول من مسرحية "شعلة" دراماتورجا وإخراج أمينة الدشراوي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين.

ويطرح هذا المشروع مساءلة العلاقة التقليدية بين الرجل والمرأة وسبر أغوارها وما يشوبها من التباسات أخلاقية وجنسانية وأيضا وجودية في شكل صراع درامي فني، طرفاه أستاذ جامعي وطالبة في الصف الثاني، مداره السلطة والهيمنة داخل الحرم الجامعي، وموضوعه إشكالية التعليم والتعلم وما ينتج عن هذه العملية من إخلالات بيداغوجية ونفسية وتسلطية.

بوكس

تدور أحداث مسرحية “شعلة” (بفتح الشين)، في إحدى المؤسّسات الجامعيّة التونسية، حيث تواجه الطالبة شروق إشكال إخفاقها في مادّة علم الاجتماع مما يؤثّر على نتائجها ويؤدّي إلى رسوبها، ومن هناك تتشابك الأحداث لتصل بنا إلى جوهر القضية التي يناقشها العمل والتي تواجهها على أرض الواقع الكثير من الطالبات والنساء عموما، ألا وهي ظاهرة التحرش.

تتجه الطالبة شروق إلى مكتب الأستاذ في محاولة منها لفهم أسباب هذا الإخفاق فيقترح عليها أن يسند لها الدرجة الأعلى في حالة موافقتها على العودة للقائه بصفة سرية.

تثور الفتاة كردة فعل على هذا الاقتراح الذي يترجم غموض نوايا الأستاذ وخرقه لنظام المؤسسة، وترفع ضده شكوى بالتحرش الجنسي مما يفقده منصبه ويؤدي به إلى الانهيار، وفق ما جاء في ورقة تقديمية للعمل.

وقالت مخرجة المسرحية أمينة الدشراوي، في تصريح سابق لها إن العمل هو اقتباس حر عن عدة نصوص مسرحية وبالأساس “الدرس” ليوجين يونسكو، مضيفة أن العمل تمت تونسته بالنظر إلى انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في الجامعة التونسية والتي هي ظاهرة كونية ومنتشرة في الجامعات في العالم.

وتضيف “لقد كان اطّلاعنا على هذا النّص حافزا للاشتغال على ثنائية الأستاذ والطالبة. وقد استأنسنا بمسألة سوء فهم الطالبة لما يقدّمه الأستاذ في درسه، لنطرح المشاكل التي تحكم العلاقة التعلمية من خلال تسلسل درامي خطي متشظ في دواخله، كشف المستور وفضح ما هو مسكوت عنه في كواليس الحرم الجامعي”.

ويعتبر العمل من جنس مسرح الديودراما الذي يقوم على الثنائيات ويقدمه ممثلان، ويقوم هذا النمط المسرحي على أداء الممثل بشكل أساسي، إذ يفتح أمامه مساحة أوسع للعب.

وقد انتشرت مؤخرا في تونس العروض الثنائية “الديودراما” بعد الحاجة إلى إبراز جهود التمثيل الفردية وتميزها عن الأداء الجماعي. كما أن العروض من السهل تنفيذها، نظرا إلى وجود شخصين على الخشبة وأيضا لسهولة تحرك الطاقم التمثيلي وتنقل العرض.

ولعل الدشراوي اختارت هكذا نمطا لقدرته على كشف التفاصيل النفسية المعقدة ومحاولة إبراز الصراع وتسليط الضوء عليه بشكل أدق وأكثر تكثيفا.

وتبدو الظاهرة التي تحاول المسرحية كشفها ظاهرة معقدة يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي بالسلطوي والتاريخ حتى، في منظومة ذكورية متسلطة تواجهها حركات نسوية تحررية لا تتوقف عن إثارة الجدل.

13