شعار كأس أفريقيا يحيي معركة "الزليج" بين مغاربة وجزائريين

الإعلام الجزائري يتجاهل تأكيد الكاف مغربية الزليج.
الخميس 2025/01/30
ضربة دعاية

رغم أن البصمة المغربية واضحة على فن الزليج الذي استوحى منه الاتحاد الأفريقي لكرة القدم شعار كأس أمم أفريقيا 2025، إلا أن الضجة عادت مجددا على مواقع التواصل وادعى البعض نسبه للجزائر، وهو ما تصدى له ناشطون مغاربة.

الرباط - عادت معركة “الزليج” بين المغرب والجزائر إلى الواجهة مجددا بعد إعلان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم عن شعار كأس أمم أفريقيا 2025، الذي استوحاه من فن الزليج المغربي الأصيل. في تكرار لنزاعات ثقافية سابقة حول القفطان واللباس التقليدي المغربي، والتي أثارت ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد الاتحاد الأفريقي في بيان رسمي أن الشعار الجديد يمثل التراث الفني المغربي، مشيدا بالزليج كـ”لوحة فسيفسائية خالدة” تجسد الدقة والجمال، إلا أن الإعلام والمدونين الجزائريين تجاهلوا هذه التصريحات، واستمروا بإطلاق حملات تشكيك في مغربية الزليج، رغم الحقائق التاريخية واعترافات منظمات دولية، منها الإيسيسكو بمغربية هذا الفن ضمن التراث اللامادي للمملكة.

والزليج هو فن عريق من بلاط فسيفسائي من أشكال فخارية هندسية مدقوقة قطعة بقطعة مركّبة في لوحة من الجبس.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات لمسؤولين في الاتحاد الأفريقي توضح حقيقة الشعار، وذلك في إطار دعمهم للتراث المغربي، وكتبت ناشطة:

وكتب مدون:

وهذا الجدل يُعيد التأكيد على أن الزليج المغربي ليس مجرد فن تقليدي، بل رمز لهوية مغربية ضاربة في التاريخ، يعكس براعة الصناع التقليديين الذين صانوا هذا التراث رغم كل المحاولات الرامية إلى النيل منه. وقال ناشط إن التراث المغربي وفن الزليج معروفان عالميا ولا يحتاجان إلى الدخول في المعارك لإثباتهما وإن ما يثار من ضجة مفتعلة إنما زوبعة في فنجان والحقيقة واضحة للجميع:

وأوضح معلق تاريخ الزليج:

وتحدث آخر عن تجربة شخصية تثبت أن الفن المغربي معروف عالميا:

واعتبر ناشطون أن هناك مسؤولية مضاعفة على الإعلام المغربي بالتعريف وتكثيف الحملات الوطنية للحديث عن التراث المغربي والدفاع عن موروث المملكة الذي يحظى بشهرة واسعة على مستوى العالم، ولا يجب عليه أن يكتفي بردود الفعل، وقال أحدهم:

وفي هذا الصدد، أصدرت غرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس، المدينة التي تُعد عاصمة الزليج المغربي، بيانا قويا اعتبرت فيه محاولات الجزائر للسطو على الزليج “اعتداء صارخا على حقوق الملكية الفكرية”، مستنكرة ما وصفته بـ”سياسات الإنكار والتزييف.”

وتبرز التناقضات الجزائرية في هذا السياق، حيث تواجه السلطات هناك صعوبات كبيرة في صيانة الزليج داخل معالمها التاريخية. مثال ذلك قصر المشور بتلمسان، الذي شهد انهيارات في أجزاء من زليجه التقليدي، مما دفع إلى استبداله بالأسمنت بسبب غياب الكفاءات المتخصصة.

وأشار تقرير صادر عن جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، إلى اعتقال عدد من الصناع التقليديين المغاربة في الجزائر دون محاكمات. وأوضح التقرير أن هؤلاء الحرفيين المتخصصين في فنون الزليج والجبس والنقش، محتجزون في سجون جزائرية مثل الحراش وتبسة وتلمسان، في خرق واضح للقوانين الدولية.

منير أقصبي: الزليج من الوعاءات المهمة إلى جانب الجص والخشب التي أبدع في تشكيلها الصانع الفاسي
منير أقصبي: الزليج من الوعاءات المهمة إلى جانب الجص والخشب التي أبدع في تشكيلها الصانع الفاسي

وتزايدت صادرات الزليج من المغرب في الفترة من 2016 إلى 2022، وتأتي الولايات المتحدة على رأس المستوردين بأكثر من 68 في المئة، وتليها الدول الأوروبية بنحو 18 في المئة من إجمالي الصادرات.

وعرف القطاع، حسب إحصاءات رسمية، “تطورا اقتصاديا واجتماعيا وتقنيا متميزا في العقود الأخيرة، حيث انتقل عدد الصناع من 2400 في العام 2005 إلى أكثر من 6300 في 2022، أي بزيادة 160 في المئة”.

وتغير الزليج الفاسي عبر التاريخ منذ تأسيس المدينة عام 172 هجري (789 ميلادي)، وتحول من قطع فسيفساء بسيطة في زخارفها وألوانها إلى قطع بأشكال هندسية بديعة ومنمقة تصل أحيانا إلى درجة التعقيد، مع ألوان متناسقة بين درجات الأخضر والأزرق والأحمر، إذ شهد الزليج الفاسي تطورا في شكله وألوانه في فترة حضارة الأندلس.

وما يميز زليج فاس عما يصنع في تطوان هو حجم القطع التي تتميز بأحجامها الصغيرة والدقيقة التي تأخذ شكل نجمات صغيرة ومستطيلات تتشكل في ما بينها وتترتب بشكل هندسي دقيق.

ويقول منير أقصبي، أستاذ التاريخ والآثار بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس والمفتش السابق للمباني التاريخية بفاس، إن هذه الصناعة “عرفت تطورا كبيرا في عهد المرينيين (الذين حكموا المغرب في الفترة من القرن الـ13 إلى القرن 15 ميلادي).”

واستشهد بالمؤرخ المغربي الحسن الوزان “الذي يتحدث عن ازدهار هذه الصناعة بشكل غير مسبوق بفاس، والمدارس والجوامع التي ترجع لهذه الفترة خير دليل.”

وأضاف أن “الزليج من الوعاءات المهمة إلى جانب الجص والخشب التي أبدع في تشكيلها الصانع الفاسي، فلا تكاد تخلو أي بناية تاريخية بالمدينة من وحدات الزليج التي تغطي الجزء الأسفل من الواجهات التي تحيط بالفناءات سواء في المساجد أو المدارس أو المنازل أو الأضرحة أو الزوايا.”

5