شعارات مناهضة لحماس تعلو في تظاهرات المطالبة بإنهاء الحرب

احتجاج علني ضد حماس في غزة هو الثالث خلال شهر، يكشف عن يأس غير مسبوق مع تجاوز الغضب المطالبة بالسلام ليشمل طرد الحركة.
الخميس 2025/04/17
غزة تنتفض: حماس تطلع برا

غزة (الاراضي الفلسطينية) - خرج مئات الفلسطينيين في غزة الأربعاء في تظاهرة هي الثالثة من نوعها خلال شهر واحد، رددوا خلالها شعارات مناهضة لحركة حماس وتطالب بوضع حدّ للحرب مع إسرائيل، وفق شهود عيان، في مشهد يعكس عمق الأزمة الإنسانية واليأس المتزايد في القطاع المدمر.

ويعد هذا التعبير العلني عن الغضب تجاه حماس تطورا هاما، ففي ظل سيطرة الحركة الأمنية والقمع لأي معارضة، فإن خروج هذه الأعداد من المتظاهرين ورفعهم شعارات مناهضة لها يشير إلى مستوى غير مسبوق من الإحباط واليأس.

ويعكس هذا الغضب المتصاعد شعورا عميقا بفقدان الثقة في قدرة حماس على حماية المدنيين أو التوصل إلى حل سياسي ينهي معاناتهم المستمرة. ففي ظل القصف الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق، يشعر الكثير من الفلسطينيين في غزة بأنهم عالقون بين فكي كماشة، يواجهون الموت والدمار من جهة، ويفتقدون إلى أي أفق حقيقي للحل أو المساعدة الفعالة من جهة أخرى.

وفي قلب التظاهرة التي جرت في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، دوّت هتافات "حماس تطلع برا" و"حماس إرهابية"، كما أفاد المواطن أبوإسماعيل وشاح البالغ من العمر 45 عامًا، والذي شارك في التظاهرة كواحد من سكان المنطقة المتضررين.

وقال وشاح إنه يؤيد "أيّ عمل يدعو إلى وضع حد للحرب، لأننا نعيش اليوم محاصرين وسط الدمار ونعاني باستمرار".

وخلال التظاهرات، رفعت لافتات خطت عليها عبارة "حماس لا تمثلني"، في رسالة واضحة تعبر عن رفض قطاع من السكان لسياسات الحركة وتحملها مسؤولية الوضع الراهن.

وعبّر المتظاهر أحمد المصري عن حالة الضجر التي وصلت إليها جموع المحتجين من "الدمار والقصف المستمر وأوامر الإخلاء" المتكررة التي يصدرها الجيش الإسرائيلي، مضيفا بمرارة "لا نريد خيمة قطرية، نريد العيش بحرية"، في إشارة إلى الظروف القاسية التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين في القطاع المحاصر منذ بداية الحرب.

وأوقفت إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة منذ الثاني من مارس قبل أن تستأنف الهجمات الجوية والبرية في مختلف أنحاء قطاع في 18 من الشهر وتنهي بذلك وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين مع حركة حماس.

ونزحت الغالبية الساحقة من سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل منذ اندلاع الحرب التي أشعل فتيلها هجوم غير مسبوق شنّته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وفي سياق متصل، لوّح بعض المتظاهرين بالأعلام المصرية، مشيدين بدور القاهرة في محاولات التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وفقا لمصري.

من جهة أخرى، أطلق حسن أبوجراد نداء لتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، قائلا "نناشد العقلاء في شعبنا أن يطلقوا فورا سراح الإسرائيليين المختطفين. يجب أن تتوقف الحرب ويجب إطلاق سراح المختطفين. لا عداء بعد اليوم، بل حياة ومشاركة".

وتابع أبوجراد "ندعو الشعب الإسرائيلي كله إلى نبذ كراهيتهم لنا. نحن نقول لهم إننا لا نكرهكم. تقولون إننا شعب إرهابي، لكننا نقول لكم لا وألف لا للإرهاب. نحن شعب يعشق الحياة والسلام".

وعبّر المتظاهر فهمي زايد عن حالة الضيق التي يعيشها سكان القطاع قائلا "كفى. نريد أن تنتهي الحرب وأن تفتح المعابر وأن يوفر لنا كل شيء".

وبصوت مماثل،  قال المتظاهر داوود زايد "العالم كله يعرف ما هي مطالب الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني في غزة يريد ببساطة أن يعيش ويتنفس الأكسجين. إنه يرفض الدمار ويريد إنهاء الحرب والعدوان. نريد فتح المعابر والعيش بحرية".

وأضاف زايد بأسى "نريد أن نعيش حياة بسيطة بحرية وكرامة، وألا نرى أطفالنا وآباءنا يموتون أمام أعيننا بسبب نقص العلاج والمستشفيات".

ويُذكر أن هذه التظاهرة هي الثالثة على الأقل التي يشهدها قطاع غزة خلال شهر واحد للدعوة إلى إنهاء الحرب المستمرة. وتسيطر حركة حماس على الحكم في القطاع منذ عام 2007، وقد توعدت إسرائيل بالقضاء عليها عقب هجوم السابع من أكتوبر.

وتعد هذه المظاهرات مؤشرا هاما على تزايد الضغط الشعبي في غزة من أجل إنهاء الحرب، ومن الممكن أن تحمل تداعيات محتملة على سلطة حماس ونظرة المجتمع الدولي للأوضاع في القطاع.

ففي حين تسعى إسرائيل إلى "القضاء" على حماس، فإن هذه الأصوات الصادرة من داخل غزة نفسها قد تساهم في تغيير الرأي العام وتوجيه الأنظار نحو ضرورة إيجاد حلول سياسية مستدامة تضمن أمن وسلامة جميع الأطراف.

وتظهر هذه المظاهرات المتكررة في غزة أن صبر السكان قد نفد وأنهم يطالبون بإنهاء معاناتهم. وبينما يواجهون خطر القصف والحصار، يجد بعضهم الشجاعة للتعبير عن غضبهم تجاه السلطة المحلية والمطالبة بحياة أفضل. ومن المأمول أن تلقى هذه الأصوات آذانا صاغية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وأن تساهم في تغيير مسار الصراع المدمر.