شريف وشريف فنانان يعرضان لوحات معاصرة من الخليج

المنامة - يقدّم مركز الفنون بالمنامة المعرض الفني المشترك “شريف وشريف”، الذي يجمع للمرة الأولى واحدا من روّاد الحركة الفنية التشكيلية في البحرين وهو الفنان عبدالرحيم شريف مع ابنه الفنان هشام شريف لتسليط الضوء على جذور الرسم والتصوير والألوان للفن المعاصر في منطقة الخليج بعيون وعدسات معاصرة جديدة، محاولة منهما لسد الفجوة بين الأجيال في مختلف جوانب الساحة الفنية الديناميكية الواسعة.
ويستمر المعرض الذي افتتح في العاشر من فبراير الحالي حتى الثالث والعشرين من الشهر نفسه، وهو مفتوح للجمهور يوميا من الساعة 9 صباحا وحتى 8 مساء.

الأب وابنه يشتركان في مفهومهما وانشغالهما بالقضايا التي تؤرق البشرية، وخاصة في ما يتعلق بمواجهة الفساد، والحروب والعنف
ويلقي المعرض الضوء على فنون الرسم والتصوير والألوان المعاصرة في منطقة الخليج بعيون معاصرة جديدة، حيث يقدّم الفنان عبدالرحيم شريف أعمالا من آخر مجموعاته الفنية “نهر الذنوب” والتي تم رسمها في الفترة الممتدة ما بين عامي 2012 و2021، وهي أعمال فنية تحاكي عوالم التجريد والألوان الصرفة.
أما الفنان هشام شريف فيقدّم أعمالا مرسومة من خلال مشاهد فوضوية ومزدحمة للمدن والمناسبات الاحتفالية، حملت أغلبها إشارات ملونة ضمن تركيبات أحادية اللون، كما عكسته لوحاته.
يذكر أن الفنان عبدالرحيم شريف هو أحد أهم رواد الفن المعاصر في البحرين، وهو أحد مؤسّسي جمعية البحرين للفنون التشكيلية منذ عقود، وُلِد في مدينة المنامة سنة 1954، ودرس الفنون الجميلة في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، وأكمل دراسة الماجستير في الفنون الجميلة أيضا لاحقا في مدرسة بارسونز للفنون والتصميم بنيويورك قبل أن يعود إلى البحرين ويمتهن الفن، وحصل مؤخرا على “وسام الفروسية في الفنون والآداب من الجمهورية الفرنسية” برتبة فارس سنة 2022.
ويلامس الفنان بأسلوبه الرمزي الذي يكاد يصل إلى التجريد، مواضيع الاغتراب واللامبالاة، وبنفس المهارة يجوب في عالم الألوان الصرفة. أشهر صوره هي تلك التي تمثل الفنان يحمل سيجارا ويرتدي قبعة. هذا الفنان الذي طالما جذبت أعماله صالة كريستيز يلقى الكثير من المتابعة والإقبال من قبل المقتنين وأصحاب المجموعات الخاصة في الشرق الأوسط. عبدالرحيم شريف هو أحد مؤسّسي جمعية البحرين للفنون التشكيلية، ومحاضِر في مادة الفنون الجميلة في جامعة البحرين، وهو يلعب دورا محوريا في المشهد الفني البحريني.
أما الفنان هشام شريف، فهو من مواليد عام 1993، واختار أن يغير من مهنته ودراسته من مجال المال والأعمال نحو عالم الفن عام 2017، عندما أقام أول معرض فردي في جمعية البحرين للفنون التشكيلية، والذي لاقى نجاحا باهرا وبرزت من خلاله ملامح المسار الفني لهشام شريف، وحصل على شهادة تقدير خلال معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية سنة 2019، ليبدأ بعده بقليل في برنامج إقامة فنية في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة.
وبعد أن كرس نفسه كليا للرسم، ابتعدت ريشة الفنان عن الأسلوب التشكيلي التصويري نحو المشاهد والمناظر البحرية في مجموعته الفنية غضب (2018-2019) التي رسمها بشغف كبير وإحساس عميق، معطيا الفرصة بكل براعة وإبداع لخواطر ومخرجات فنية صامتة لدخول قائمة ألوانه اليومية.
وتتماهى نظريته الفلسفية حول التدمير والانبعاث من جديد ضمن حركة البحر المتلاطم الجبار مع فلسفة ومرجعية والده عبدالرحيم شريف، في عمله الفني نهر الخطيئة، سابرا بذلك أغوار عملية تنظيف وتطهير الذنوب من خلال أنهاره الافتراضية المتخيلة.
وعلى الرغم من التباين والاختلاف الظاهري بين الفنانين -الأب وابنه- واتباع كل واحد منهما نهجا مغايرا تماما عن الآخر من ناحية الشكل والمضمون، إلا أنهما يشتركان في مفهومهما وانشغالهما بالقضايا التي تؤرق البشرية، وخاصة في ما يتعلق بمواجهة الفساد، والحروب والعنف والرغبة المشتركة للمجتمعات والشعوب في البدء من جديد.
وسواء تعلق الأمر بمدى جمال الطبيعة الخلاب أو صور لفوضى مدينة مُلهمة، أو لوحة لنهر أو محيط تُطهر مياههما الذنوب وتمحو الخطايا، أو ألم الماضي وصعوباته والشك والريبة فيه من خلال تقلبات الأمواج العاتية، فإن ريشة الأب الفنان عبدالرحيم شريف وكذلك ابنه هشام، تُظهر وتعكس لنا ذلك القلب النابض والأحاسيس التي تخالجهما خلف تموجات وطبقات اللوحة الفنية، وإصرارهما ورغبتهما في فهم وتفهم قضايا الإنسانية وجعل الفن مصدر إلهامها.