شركات مغربية ناشئة على أعتاب دخول نادي يونيكورن

يشكل تواجد شركتين ناشئتين مغربتين ضمن نادي "يونيكورن" بحلول نهاية هذا العقد، أمرا طموحا بالنسبة إلى المسؤولين، لكن ثمة تحديات أمام تحقيق الهدف، من بينها ضيق حجم السوق المحلية وضعف التمويلات الكبيرة وغياب إطار قانوني وضريبي محفز.
الرباط - أعلن المغرب الشهر الماضي عن إستراتيجية باسم “المغرب الرقمي 2030” بميزانية تناهز 1.1 مليار دولار بهدف تطوير منظومة محلية للشركات الناشئة تستهدف الوصول إلى الأسواق الدولية، وجعل الرقمنة محركا لتحقيق التنمية.
وبموجب الخطة، سيتم اعتماد آليات لدعم الشركات الناشئة في مختلف مراحل تطورها وتوفير قروض ميسّرة، ومنحها الأفضلية في الاستفادة من الصفقات الحكومية والدعم للتوسع إقليمياً ودوليا، مع جذب شركات الاستثمار في رأس المال بخفض نسبة المخاطر.
واعتب عمر الحياني مدير الاستثمار في صندوق المغرب الرقمي أن الوصول إلى شركتين بقيمة مليار دولار لكل منهما بحلول 2030 هدف جد صعب، إلا إذا حدثت “معجزة”.
وأرجع ذلك خلال حديث مع بلومبيرغ الشرق لعدة أسباب، من بينها ضعف التمويلات الكبيرة، واستمرار الاحتكار في قطاعات اقتصادية مهمة، وعدم اعتماد الحكومة على خدمات الشركات الناشئة المحلية.
وفي المنطقة العربية، حجزت سبع شركات ناشئة مقاعد في النادي، والتي تفوق قيمتها المليار دولار، تقدمتها فيستا غلوبال الإماراتية لحلول الطيران الخاص، التي بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار، بحسب بيانات سي.بي.آي إنسايتس.
وتضم القائمة شركة كيتوبي الإماراتية للمطابخ السحابية بقيمة 1.55 مليار دولار، و3 شركات للتكنولوجيا المالية هي تابي الإماراتية، وحالا المصرية، وتمارا السعودية، وشركة الخدمات التكنولوجية الإماراتية أندلوسيا لابس، وشركة دوبيزل للإعلانات المبوبة.
وأبرمت شركات مغربية ناشئة 17 صفقة تمويل العام الماضي، بقيمة 93 مليون دولار، وبزيادة 252 في المئة بمقارنة سنوية، وفق تقرير أصدرته منصة بارتك، ويحتل المغرب المرتبة الخامسة أفريقياً.
وقبل عقد، نشط في البلد عدد قليل من صناديق الاستثمار المهتمة بالشركات الناشئة، على رأسها صندوق المغرب الرقمي الذي أنشأ في 2010 بمبادرة من الحكومة والقطاع المصرفي. وكان هذا الكيان بمثابة اللبنة الأولى في هذه المنظومة التي باتت اليوم تضم أكثر من 15 صندوقا استثماريا محليا وأجنبيا.
ورصد المسؤولون عجزاً في التمويلات الكبيرة والتي في الغالب ما تأتي من صناديق استثمارية أجنبية تأخذ بعين الاعتبار حجم السوق. ويوضح الحياني أن حجم السوق المغربية متواضع نسبيا، وهناك ضعف للاندماج الإقليمي بسبب جمود مشروع اتحاد المغرب الكبير.
وقال “في المقابل فإن حجم السوق في الدول الأفريقية الكبرى مثل مصر ونيجيريا يتجاوز 100 مليون نسمة، كما أن لديها اندماجا إقليميا جيدا، وهذا يسمح لها بتوسيع حجم سوقها بشكل أكبر ولذلك تستقطب تمويلات أكبر.”
وتتصدر جنوب أفريقيا دول القارة في جذب الاستثمار في الشركات الناشئة، فقد بلغت صفقات التمويل العام الماضي أكثر من نصف مليار دولار، تليها نيجيريا بنحو 469 مليون دولار، ومصر بحوالي 433 مليون دولار، وكينيا بواقع 335 مليون دولار، وفق بارتك.
◙ 380 شركة ناشئة في البلاد على أن يتضاعف العدد سبع مرات بحلول العام 2030
ويمكن تجاوز مشكلة ضيق السوق المحلية عبر التوسع في السوق الأفريقية، بحسب إسماعيل بلخياط، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة الناشئة شاري.
وأوضح أن المطلوب من الشركات هو البدء محلياً ثم استهداف التوسع نحو بلدان أخرى خصوصاً في السوق الأفريقية لأن أوروبا تشهد منافسة قوية.
ونجحت شاري المتخصصة في التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية التي أسسها بلخياط عام 2020 في جميع تمويلات إجمالية بقيمة 15 مليون دولار.
وتركز الشركة على تعزيز تواجد خدمات المنصة في السوق الأفريقية الناطقة بالفرنسية بالأساس، حيث تتيح لتجارة التجزئة طلب سلع من الموزعين الكبار، إضافة إلى تقديم خدمات مالية بترخيص من بنك المغرب المركزي.
وتتضمن إستراتيجية المغرب اعتماد إطار قانوني محفز للشركات الناشئة يعطي أفضلية لها للاستفادة من الصفقات الحكومية والترويج على الصعيد الدولي، ورفع سقف تعاملاتها بالعملات الأجنبية لتشجيع انفتاحها خارجيا. واستحضر بلخياط تجربة السعودية في دعم الشركات الناشئة، موضحا أن عددا منها تحصل على صفقات حكومية تسهم في تطورها.
ودعا إلى استنساخ هذه العملية في المغرب لدعم المنظومة لتنال ثقة القطاع الخاص أيضا الذي لا يزال متخوفاً من هذه الشركات بدعوى ارتفاع مخاطر عدم استمرارها في النشاط.
واعتمدت الرباط عددا من البرامج في العقد الأخير لدعم قطاع الشركات الناشئة، وهو ما ساهم في حشد أول التمويلات وبروز الجيل الأول من هذه الشركات.
لكن المفارقة، بحسب الحياني، تتجلى في أن الدولة لا تشتري المنتجات والحلول التي تقدمها هذه الشركات، فغالبا ما تلجأ إلى شركات أجنبية للحصول على الحلول التكنولوجية في صفقاتها.
ويبرز تحد آخر يتمثل في استمرار الاحتكار في قطاعات محلية، من بينها التأمينات والبنوك والنقل الجماعي، ويؤكد الحياني أن “هذا الوضع لا يحفز على الابتكار والاستثمار وبروز فاعلين جدد في قطاعات توفر إمكانيات اقتصادية كبيرة.”
ولا تواجه الشركات الناشئة في المغرب مشكلات في الحصول على التمويل خلال مراحله، من خلال برامج الحاضنات والمسرعات، بحسب بدر بلاج المهندس بشركة ماكين للحلول التكنولوجية.
لكنه أكد أن “الدعم الحكومي يجب أن يرتبط بأهداف نوعية وليست كمية فقط، عبر مواكبة عدد من الشركات مع هدف زيادة إيراداتها وتطور قيمتها السوقية، لتتفادى مشكلة استحداث شركات ‘متطفلة‘ تبحث عن الدعم فقط وليس التوسع والتحديث.”
ووفقا للأرقام الرسمية يُقدر عدد الشركات الناشئة في المغرب بنحو 380 شركة، وسط توقعات أن يتضاعف عددها سبع مرات بحلول نهاية العقد الحالي.
وفي ضوء ذلك من المتوقع أن تتضاعف تمويلاتها 25 مرة من 25.2 مليون دولار العام الماضي إلى 680 مليون دولار، مع بلوغ 10 شركات ناشئة تحقق إيرادات أكثر من 5 ملايين دولار في غضون عامين.
ويعتقد بلاج المتخصص في تقنية بلوكتشين أن متوسط بلوغ الشركات الناشئة إلى قيمة مليار دولار يستغرق عبر العالم من 5 إلى 8 سنوات في المتوسط، باستثناء الولايات المتحدة التي قد تقل فيها المدة، ولذا سيكون من الصعب تحقيق المغرب أهدافه.