شركات تتسابق لتدشين الصناديق الإسلامية في مصر

يراهن مسؤولو بنوك الاستثمار على أن اهتمام المتعاملين في الأوراق المالية بالتوصل إلى أوعية استثمارية متوافقة مع تعاليم الشريعة الإسلامية اتجاه دائم عبر التركيز على الأسهم التي تبتعد عن البنوك التجارية وشركات السياحة والتبغ، ولذلك تنتهز فرص توفير أدوات توافق توجهاتهم.
القاهرة- تتسابق الكثير من الشركات لتدشين صناديق الاستثمار الإسلامية في القاهرة، وعجّل من ذلك تدشين البورصة المصرية لمؤشر الشريعة إي.جي.إكس 33، ما يعزز من فرص الربحية بتلك الصناديق بالمقارنة مع طبيعة استثماراتها في السنوات الماضية.
وأعلنت ثلاثة من أكبر صناديق وشركات الاستثمار العاملة في السوق المحلية، هي سي.آي كابيتال وبلتون المالية وأزيموت مصر، إطلاق صناديق إسلامية في إطار خططها للتوسع في السوق وتوفير منتجات جديدة. وتوقع خبراء أن تُنعش الخطوة الجديدة تداولات البورصة المصرية، لأنها ترتبط بإطلاق صناديق تضخ سيولة جديدة في السوق وتدفع إلى دخول زبائن جدد.
وأطلقت البورصة في يونيو الماضي “مؤشر الشريعة”، وتم اختيار 33 شركة وفقا لمنهجية أقرتها لجنة الرقابة التي تضم مجموعة من علماء الشريعة وخبراء الاقتصاد الإسلامي وفقه المعاملات المالية، وتمثل تلك الشركات 16 قطاعا من القطاعات المقيدة أوراق شركاتها. وتستهدف صناديق الاستثمار الإسلامية العاملة في السوق المحلية مضاعفة استثماراتها بنهاية العام الجاري بعد خطوة البورصة الجديدة.
ويبلغ عدد الصناديق الإسلامية العاملة في السوق 12 صندوقا باستثمارات تقدر بنحو 45 مليون دولار، ومن المتوقع أن تتضاعف استثماراتها مع نهاية 2024 بعد تدشين المؤشر الجديد، لتصل إلى 90 مليون دولار، مع تزايد الإقبال على هذا النوع من المؤشرات.
ويلفت مؤشر الشريعة أنظار المستثمرين، ليس المسلمين فقط، حيث يضم عنصرا أخلاقيا يتعلق باستثمارات الشركات وليس الأديان، وهو ما يبحث عنه الكثير من المتعاملين.
وأكدت مصادر حكومية في تصريحات خاصة لـ”العرب” أن لجنة المؤشرات، بالتعاون مع لجنة الرقابة الشرعية في البورصة وقيادات سوق المال، استعانت في إطلاق مؤشر الشريعة الجديد بخبرات دول وأسواق اتخذت نفس الخطوة.
وحسب وثيقة لجنة الرقابة، اطلعت عليها “العرب”، تُطبق مجموعة من الضوابط عند اختيار شركات مؤشر الشريعة، أهمها أن تكون أنشطة الشركة لا تتعارض مع أحكام ومبادئ الإسلام بنسبة 90 في المئة على الأقل من الإيرادات.
كما ينبغي أن تكون نسبة الاستثمارات التي تحمل فوائد، سواء أكانت استثمارات طويلة أم قصيرة الأجل، إلى إجمالي أصول الشركة أو متوسط القيمة السوقية، أيهما أكبر، لا تتجاوز 33 في المئة.
ويجب ألا تتخطى نسبة الأصول السائلة للشركة إلى إجمالي الأصول 70 في المئة، ويجري تقييم الشركات المكونة للمؤشر من قبل لجنة الرقابة الشرعية.
ومن بين الشركات المدرجة على المؤشر مجموعة طلعت مصطفى القابضة بوزن 15 في المئة، والسويدي للكابلات بوزن 10.27 في المئة، وأبوقير للأسمدة والصناعات الكيميائية بوزن 9.08 في المئة. ويضم المؤشر أيضا الشركة المصرية للاتصالات بوزن 8.46 في المئة، وفوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية بوزن 7.02 في المئة.
وأطلقت سي.آي كابيتال، التابعة للبنك التجاري الدولي، أول صندوق يستثمر بمؤشر الشريعة، وجمعت خلال أيام قليلة نحو مليون دولار، حيث حاز اهتماما كبيرا من المستثمرين، وتمت تغطيته بأكثر من 200 في المئة، بحسب الشركة.
واشترطت البورصة على مديري الصناديق الذين يستثمرون وفق المؤشر ألا تزيد نسبة ما يستثمر في شراء أوراق مالية لشركة واحدة على 15 في المئة من صافي أصول الصندوق، وبما لا يتجاوز 20 في المئة من الأوراق المالية للشركة.
وتوقع الخبير الاقتصادي خالد الشافعي في حديثه لـ”العرب” أن “تتم تغطية اكتتابات الصناديق التي يتم إطلاقها بشكل سريع وفوري وأكثر من مرة، لرغبة العديد من المستثمرين التعامل بالأسهم الإسلامية، ما يدفعهم إلى شراء وثائقها”.
وأشار إلى أن فرص تحقيق الأرباح من وراء الاستثمار في الصناديق الإسلامية حاليًا أصبحت أكثر ربحية، مع تركيزها على الأسهم، لأنه كلما زادت المخاطرة ارتفعت فرص تحقيق الأرباح.
وتعطل إطلاق صناديق الاستثمار الإسلامية في السنوات الماضية، لكن ظل الاستثمار في الأوعية التي تم إطلاقها من قبل البنوك التجارية الكبرى، وفي مقدمتها البنك الأهلي وبنك مصر، حيث كانت تستثمر في السوق بشكل عام دون وجود مؤشر رسمي إسلامي ولم تتعمق في الأسهم بالشكل المأمول.
ولدى الشركات المدرجة بمؤشر الشريعة هيئة رقابة شرعية تنطبق عليها شروط استيفاء الحد الأدنى من معايير السيولة تقبله لجنة الرقابة الشرعية للمؤشر، كذلك استيفائها لكافة المعايير النوعية المعمول بها في مؤشرات البورصة الأخرى.
وقال عضو مجلس إدارة شركة ميراكل لتداول الأوراق المالية كريم عبدالعزيز إن “فكرة تأسيس صناديق الاستثمار تقوم على الاستثمار في الأسهم التي يشملها المؤشر الإسلامي للبورصة في مصر، ما يرجح مكاسبه، حيث يستثمر وفق لجنة التشريع من قبل الجهة المؤسسة”.
وأضاف لـ”العرب” أن “مكونات الصناديق الإسلامية تستثني الاستثمار في أسهم البنوك والسياحة، وبالتالي الاستثمار في هذه الصناديق يتم بعيدًا عن سهم البنك التجاري الدولي مثلا، والذي يضم الوزن الأكبر على مؤشر البورصة المصرية”.
ومن المنتظر أن تكون الصناديق التي تستثمر وفقا للمؤشر الإسلامي ذات أهمية للمستثمرين المصريين، كما تستهدف بعض المستثمرين الإقليميين والدوليين، وهو ما يمكن أن يكون سببا في تسريع تغطية اكتتابات الصناديق التي يتم إطلاقها.
وأوضح عبدالعزيز أنه خلال السنوات الماضية كانت هذه الصناديق تستثمر في الصكوك والسندات الإسلامية، وأن رواج تدشين الصناديق الإسلامية محليًا خلال الفترة المقبلة مرهون بزيادة الطلب، وهو المقياس الرئيسي لدى الشركات.
وثمة تخوفات لدى بعض المستثمرين الراغبين في أدوات الاستثمار المتوافقة مع الشريعة، خاصة أن بعض الشركات التي يشملها المؤشر لديها فنادق وتتعامل بشكل مباشر مع قطاع السياحة والأجانب، ما يتنافى مع شروط الاستثمار وفقًا للشريعة.
ويرى خبراء أن صناديق الاستثمار الإسلامية تعزز تنشيط التداولات في البورصة، حيث تراهن الشركات على جذب زبائن جدد في إطار تنويع منتجاتها.
ويمكن اعتبار تلك الصناديق بشكلها الحالي توسعا في الاستثمار بالأسهم، والتي تتم بإدارة فريق من المحترفين، بالتالي فإن فرص تحقيق الأرباح مرتفعة، لأن محفظة الصناديق تضم أسهمًا واعدة وذات أداء مالي قوي.