شركات النفط الخليجية تحتاج زيادة الاستثمارات لمواكبة الحياد الكربوني

لإبقاء الاحترار العالمي لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية على النحو المطلوب يجب خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المئة بحلول 2030.
الأربعاء 2024/04/24
هوامش مالية كافية

لندن - اعتبرت وكالة ستاندر آند بورز في أحدث تقييماتها أن مساهمة شركات النفط بمنطقة الخليج في تحقيق هدف الحياد الكربوني تتطلب تخصيص المزيد من مليارات الدولارات لمواكبة التحول النظيف وإثبات انخراطها في تقليص الانبعاثات المضرة بالكوكب.

وقالت الوكالة في تقرير نشرته الثلاثاء إن "يجب أن يتراوح متوسط الاستثمارات منخفضة الكربون لشركات النفط الوطنية الخليجية بين 15 و25 مليار دولار سنويا على الأقل حتى عام 2026 لمواكبة حجم استثمارات نظيراتها المدرجة عالميّا".

وأشارت إلى أنه يمكن لشركات النفط في المنطقة استيعاب الاستثمارات الإضافية اللازمة للتحرك من أجل تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري مع الحفاظ على مقاييس ائتمانية قوية، على افتراض قيامها بمطالبات نقدية معتدلة من المساهمين.

وصافي الانبعاثات الصفري، بحسب الأمم المتحدة، هو خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى أقرب مستوى ممكن من الصفر، مع إعادة امتصاص أي انبعاثات متبقية من الغلاف الجوي، عن طريق المحيطات والغابات على سبيل المثال.

سيرجي ديرغاتشيف: لا تزال هيمنة النفط والغاز مستمرة على دول الخليج
سيرجي ديرغاتشيف: لا تزال هيمنة النفط والغاز مستمرة على دول الخليج

وتتفق الكثير من المنظمات الدولية والدراسات على أنه لإبقاء الاحترار العالمي لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية على النحو المطلوب يجب خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المئة بحلول 2030 والوصول إلى الحياد الكربوني الكامل بحلول عام 2050.

ويرى خبراء ستاندر آندر بورز أن شركات النفط الوطنية الخليجية تمتلك هوامش مالية كافية ومزايا تنافسية لاستيعاب الاستثمارات الإضافية اللازمة لمواكبة نظيراتها العالمية، وأن تتمكن من الحفاظ على نسبها الائتمانية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وتلجأ مجموعات الطاقة الخليجية إلى شركات ناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ لتساعدها في الحدّ من الانبعاثات الضارة من دون أن يؤثر ذلك على إنتاج النفط، وسط ضغوط متزايدة للمساهمة في معالجة أزمة التغير المناخي.

ولسنوات روّج منتجو النفط لتقنية احتجاز الكربون قبل انتقاله إلى الغلاف الجوّيّ كحلّ لمشكلة الاحترار المناخي. لكن خبراء المناخ ينتقدون هذه التقنية معتبرين أنها قد تشتت الانتباه للهدف الأساسي المتمثل في خفض الانبعاثات التي يتسبب فيها الوقود الأحفوري.

ولم تحظَ التقنية إلا بالقليل من الاستثمار وليست معتمدة سوى في بعض المنشآت حول العالم، لذلك لا تزال بعيدة جدا عن إحداث فرق في مستوى الانبعاثات العالمية. إلا أنّ كبرى شركات إنتاج الطاقة في المنطقة، وعلى رأسها أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية، تقول إن هذا الوضع سيتغيّر.

وفي ضوء الحصة الصغيرة نسبيا لمصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء لدى دول الخليج، مقارنة بالمناطق الأخرى، وأهداف صافي الانبعاثات الصفري لدول الخليج، تتوقع الوكالة زيادة الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة. ويمثل هذا الأمر فرصة لإصدار السندات الخضراء والاجتماعية وسندات الاستدامة والمرتبطة بالاستدامة.

وجمعت دول الخليج ديونا خضراء بقيمة نحو 14.6 مليار دولار خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2023 أصدرتها جهات في كل من الإمارات والسعودية قبيل انطلاق مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ "كوب 28" في دبي حينذاك، وفق بيانات بلومبرغ.

◙ 25 مليار دولار الحد الأقصى المتوسط الذي يتوجب على الشركات إنفاقه لتحقيق أهدافها

وجاءت الأغلبية من الإمارات، كما أن جزءا كبيرا من المبلغ عبارة عن سندات متعددة الشرائح بقيمة 5.5 مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة) أصدرها خلال فبراير 2023.

وكانت الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن هدفه للوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، كما تستهدف إنتاج 30 في المئة من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية بحلول عام 2030.

ونقلت بلومبرغ عن سيرجي ديرغاتشيف رئيس ديون شركات الأسواق الناشئة في مؤسسة يونيون إنفستمنت برايفت فوندس، ومقرها فرانكفورت، قوله إنه "رغم المجهودات المبذولة في تنويع الطاقة، لا تزال هيمنة النفط والغاز مستمرة على دول الخليج". وأضاف أن هذا الوضع "يعقد الأمور بالنسبة إلى مصدري الديون السيادية" في منطقة الخليج.

وفي سبتمبر الماضي ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن تحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفري بحلول 2050 مازال ممكنا. ولكنّ خبراءها أكدوا أن ذلك يتطلب مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول نهاية العقد، وزيادة الاستثمارات الخضراء إلى 4.5 تريليون دولار سنويا على مستوى العالم بحلول أوائل ثلاثينات القرن الحالي، بدلا من نحو 1.8 تريليون دولار في 2023.

وأوضحوا أن الوضع يتطلب بذل المزيد من الجهود للمساعدة في تحول الطاقة بعيدا عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك توحيد جهود الحكومات والمشرعين حول العالم.

وفي العالم هناك 35 منشأة تجارية فقط تستخدم تقنية التقاط الكربون وتخزينه، بحسب وكالة الطاقة الدولية التي تشير إلى أن حتى تلك التي من المقرر إنشاؤها بحلول عام 2030 لن تلتقط سوى جزء صغير من الانبعاثات.

10