شركات الطاقة تشكك في وصول الطلب على النفط إلى الذروة

اتسع التباين الذي طفا على السطح منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا بين منتجي النفط والوكالة الدولية للطاقة ليصل إلى التشكيك في التقييمات بشأن وصول الطلب إلى الذروة، وليعزز هذا المسار عدم اهتمام أوبك ببيانات المنظمة الأممية كمصدر للصناعة.
كالغاري (كندا) - اعترض الرئيسان التنفيذيان لشركتي أرامكو السعودية وإكسون موبيل الأميركية على توقعات وصول الطلب على النفط إلى الذروة، وأكدا أن التحول في هذه الصناعة سيتطلب الاستمرار في ضخ الاستثمارات في مجالي النفط والغاز.
وجاء الرد بعد أن قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول الأسبوع الماضي إن “التقديرات الجديدة توضح أن عصر النمو الأحفوري آخذ في الانتهاء وإن الطلب سيصل إلى ذروته في 2030”.
وفي حديثه خلال مؤتمر البترول العالمي في كالغاري بكندا والذي بدأ الاثنين الماضي ويستمر حتى الخميس قال أمين الناصر الرئيس التنفيذي للعملاق أرامكو إن “الحديث عن وصول الطلب على النفط إلى الذروة ليس وليد اللحظة”.
وأوضح خلال أولى جلسات المؤتمر أنه “عند الإمعان في هذه الفكرة نجد أنه لا وجود لها لأنها في الغالب مدفوعة بالسياسات وليس بالمزيج المؤكد من الأسواق والاقتصاد التنافسي والتكنولوجيا”.
ويتوقع الناصر نمو الطلب إلى 110 ملايين برميل يوميا بحلول 2030. والحجم الحالي للطلب في حدود 100 مليون برميل يوميا.
وتبدو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، التي رفضت أيضا تقديرات وكالة الطاقة، أكثر تفاؤلا حيال الطلب. وتتوقع نموا بـ2.44 مليون برميل يوميا هذا العام إلى 102.1 مليون برميل يوميا، مقارنة مع توقعات الوكالة لنمو بنحو 2.2 مليون برميل يوميا.
وخلال المؤتمر دافع وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن تخفيضات أوبك+ لإمدادات سوق النفط، قائلا إن “أسواق الطاقة الدولية تحتاج إلى تنظيم للحد من التقلبات”.
كما انتقد وكالة الطاقة واتهمها بالانحراف عن دورها. وقال “لقد انتقلت من دور توقع السوق وتقييمها إلى ممارسة التعبئة السياسية”.
وفي خضم ذلك حذر الأمير عبدالعزيز كذلك من الضبابية بشأن الطلب الصيني والنمو في أوروبا وإجراءات البنوك المركزية لمواجهة التضخم.
وفي مايو الماضي استبعدت أوبك وحلفاؤها وكالة الطاقة كمصدر للبيانات في مؤشر على خلافات عميقة آخذة في الاتساع مع الوقت، بينما واصلت أوبك+ الالتزام باتفاق زيادة الإنتاج تدريجيا، رافضين ضغوطا لضخ المزيد.
ويسلط المؤتمر في نسخته الرابعة والعشرين الضوء على الوجهات التي تعمل على مستقبل الطاقة وكل ما يرتبط به بما في ذلك التحول الأخضر.
واحتجت جماعات معنية بالبيئة هذا الأسبوع خارج مقر انعقاد التجمع السنوي للشركات والدول المنتجة للنفط.
وقالت جوليا ليفين المديرة المساعدة لبرنامج المناخ في منظمة إنفايرومنتال ديفنس كندا “الآن بعد أن أصبح الدليل أكثر وضوحا من أيّ وقت مضى على أن الطلب على الوقود الأحفوري سيصل إلى ذروته، سيفعل منتجو النفط الرئيسيين أيّ شيء لتأخير هذا التحول”.
ومع ذلك يعتقد الناصر أن رواية التحول الحالي في مجال الطاقة تستند إلى افتراضات وسيناريوهات “غير واقعية”، وأن من المهم مواصلة الاستثمار في النفط والغاز لضمان أمن الطاقة على مستوى العالم والانتقال إلى مصادر أنظف للطاقة بأسعار ميسرة.
وتابع “نحن في حاجة إلى الاستثمار وإلا سنواجه أزمة أخرى تتراوح من المدى المتوسط إلى الطويل وسنعود إلى الوراء فيما يتعلق باستخدام المزيد والمزيد من الفحم والمنتجات الرخيصة الأخرى المتاحة في الوقت الراهن”.
وتعد السعودية أكبر مصدّر للنفط في العالم منذ عقود، وهي تعتمد حاليًا على النفط والغاز الطبيعي لتلبية طلبها المتزايد بسرعة على الطاقة وتحلية مياهها التي تستهلك كميات هائلة من النفط.
وفي أكتوبر 2021، حدّدت أرامكو هدفا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 ولكن فقط للانبعاثات من عمليّاتها الخاصة.
لكن ذلك ترافق أيضا مع إعلانها أنّها تخطّط لزيادة طاقتها الإنتاجية اليومية إلى 13 مليون برميل يوميًا من 12 مليونًا بحلول عام 2027.
ولم يكن دارين وودز الرئيس التنفيذي لإكسون موبيل بعيدا عن موقف الناصر فقد قال خلال الجلسة نفسها إنه “سيكون من الصعب استبدال نظام الطاقة الحالي لأن النفط والغاز متاحان على نطاق واسع”، مضيفا أن “التحول سيستغرق وقتا”.
وتابع “يبدو أن هناك أحلاما تراود البعض بالانتقال مما نحن فيه اليوم إلى ما سنكون عليه غدا بمجرد ضغطة زر”.
وأضاف “بغض النظر عن مستقبل الطلب، فإنه إذا لم نحافظ على مستوى معين من الاستثمار، فسينتهي الأمر إلى نقص في المعروض مما سيؤدي لارتفاع الأسعار”.
وأكد أن أوجه القصور في خطط التحوّل الراهنة تسبب ارتباكًا جماعيًا للصناعات التي تنتج أو تعتمد على الطاقة، الأمر الذي يجعل المستقبل بالنسبة إلى المستثمرين غامضًا.
وأثار ضعف إنتاج النفط الصخري الأميركي مزيدا من المخاوف حيال شح المعروض الذي تسبب فيه تمديد تخفيضات الإنتاج من السعودية وروسيا ما تسبب في ارتفاع أسعار النفط في التعاملات المبكرة الثلاثاء للجلسة الرابعة تواليا.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 90 سنتا بما يعادل واحدا في المئة إلى 92.38 دولار للبرميل، وهو ما يقل قليلا عن أعلى مستوى في عشرة أشهر الذي بلغته الاثنين.
وبالتوازي مع ذلك زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 27 سنتا أو 0.3 في المئة إلى 94.70 دولار للبرميل. وارتفعت الأسعار لثلاثة أسابيع متتالية.

ويمكن أن تدفع الظروف الجيوسياسية، إلى جانب التحليلات الفنية للتداول، بأسعار “النفط فوق مستوى 100 دولار لفترة قصيرة”، بحسب محللي بنك سيتي غروب.
وكتب المحللون بمن فيهم إد مورس، في مذكرة صدرت مطلع هذا الأسبوع “مع ذلك، مازلنا نرى انخفاضاً في الأفق بشكل تدريجي”.
ويرى سيتي غروب أن جزءاً من هذا الانخفاض سيكون مدفوعاً بزيادة العرض من خارج تحالف أوبك+، مستشهداً بدول مثل الولايات المتحدة وغيانا والبرازيل، التي يمكنها جميعاً إضافة براميل إلى السوق في الأشهر المقبلة، بما يكبح النقص الحالي في المعروض.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية الاثنين إن “إنتاج النفط الأميركي من أكبر المناطق المنتجة للنفط الصخري يتجه للانخفاض إلى 9.4 مليون برميل يوميا في أكتوبر، وهو أدنى مستوى منذ مايو الماضي، وثالث انخفاض شهري على التوالي.