شركات السيارات تستحدث أفكارا مبتكرة لعرض موديلاتها

برلين – يسعى مصنعو السيارات لاعتماد طرق وأساليب جديدة لعرض الموديلات الحديثة بحيث تحافظ على قنوات التواصل مع المستهلكين عبر توفير الخيارات الممكنة التي توائم ميولاتهم.

وتجد شركات في مواجهة شديدة مع التغيرات التي يحدثها عمالقة التكنولوجيا في العالم وهذا يؤثر على صناعتهم بشكل أو بآخر، بالإضافة إلى الدعوات والقرارات التي أطلقت خلال الفترة الأخيرة من أجل الحد من استخدام السيارات التي تعمل بالوقود.

وقبل بضع سنوات كانت معارض السيارات الكبرى مقصد كل من يهتم بعالم السيارات، وكانت تظهر الموديلات الجديدة على منصات زاهية ذات إضاءة شديدة.

ولكن مع تناقص أعداد زوار معارض السيارات التقليدية بدأت الشركات العالمية في البحث عن أفكار جديدة لعرض أيقوناتها الجديدة من السيارات.

ويرى خبير السيارات الألماني شتيفان براتزل أن هناك تغييرا كبيرا في مسألة القيم وفي المركبات بمختلف فئاتها وأحجامها الأمر الذي انسحب أيضا على هذه الصناعة برمتها.

وأوضح براتزل في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أن هناك اتجاها جديدا منذ سنوات يتمثل في اختيار الشركات العالمية لأشكال جديدة لعرض الموديلات الجديدة.

وقال إن “شركات تصنيع السيارات العالمية باتت تعتمد في الوقت الحاضر على أشكال جديدة لعرض الإبداعات الجديدة في بيئات مختلفة عن السابق”.

وشهدت معارض السيارات العالمية الكبيرة في جنيف وباريس وديترويت وطوكيو وفرانكفورت تراجعا في أعداد زوار وجمهور المعرض، حتى قبل الأزمة الصحية التي تفشت منذ مارس 2020.

ومن بين أولئك الذين لاحظوا تغييرا كبيرا في معارض السيارات خلال الأعوام الماضية الخبير ينس تيمير، والذي يعتقد أن ثمة أمورا في طور التشكل منذ فترة قد تغير أسلوب العلاقة بين المصنعين والجمهور.

وأوضح تيمير مدير العلامات التجارية بشركة بي.أم.دبليو الألمانية ذلك بقوله “لم تعد هناك رغبة لدى الزوار في أن يظلوا محبوسين في قاعات ذات محتوى واحد، ولكن أصبح هناك اهتمام أكبر بالمنصات الهجينة، التي تعرض موضوعات مختلفة وتجمع تجارب متباينة مع بعضها البعض”.

ولكن لا تزال هناك اختلافات إقليمية كبيرة حيث تستقطب معارض السيارات الصينية الملايين من الزوار مثل معرض السيارات الدولي في بكين وشنغهاي.

وللدخول في المنافسة بشكل أكبر يعتقد تيمير أنه يتعين على بي.أم.دبليو كعلامة تجارية البحث عن المنصة المناسبة للمحتوى من أجل إيصال رسائلها إلى المجموعات المستهدفة الصحيحة.

وفي تأكيد على مدى التحول الذي طرأ على القطاع يقول براتزل إن شركات السيارات الفاخرة على سبيل المثال باتت تبحث عن بيئة يتواجد بها الجمهور الخاص بها من أجل عرض إبداعاتها الجديدة ونقل رسائلها.

ولم يعد الزوار هم الذين يأتون إلى معارض السيارات، ولكن شركات السيارات العالمية هي التي أصبحت تذهب إلى الجمهور، وبالتالي الزبائن المحتملين لها.

ويرى براتزل أنه من خلال هذه الطريقة يمكن الحصول على زبائن جدد ليس لديهم اهتمام كبير بعالم السيارات.

وتدعم بعض الشركات العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا العديد من الفعاليات البديلة لعرض موديلاتها الجديدة، ومنها المعرض الفني آرت بازل ميامي، الذي شهد مشاركة بي.أم.دبليو بعرض أيقونتها كونسبت إكس.أم.

كما قامت شركة مرسيدس بعرض نموذج اختباري لسيارة مايباخ الفاخرة من فئة الموديلات الرياضية متعددة الأغراض.

وفي إطار المعرض الفني فرايز أل.أي للفنان الأميركي جيف كونز قامت بي.أم.دبليو بعرض نسخة خاصة من سيارتها أم 850 آي، التي يقتصر إنتاجها على 99 نسخة فقط.

وبالإضافة إلى ذلك تم كشف النقاب عن سيارة بي.أم.دبليو من الفئة الثامنة الجديدة وسيارة أم 8 خلال فعاليات ملتقى الأناقة أميليا إيسلاند كونكورس ديليجانس بولاية فلوريدا الأميركية.

وينطبق نفس الأمر على معارض الأجهزة الإلكترونية مثل ساوث باي ساوث ويست (أس.إكس.أس.دبليو) في مدينة أوستن عاصمة ولاية تكساس أو معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (أس.إس.أس) في لاس فيغاس أو معرض ويب سوميت في لشبونة.

فمن خلال معارض الأجهزة الرقمية والإلكترونية هذه تصل شركات السيارات العالمية إلى جمهور مختلف عن معارض السيارات التقليدية.

ويجمع معرض أس.إكس.أس.دبليو بين المهرجانات والمؤتمرات وكذلك المعارض المتخصصة في مجال الموسيقى والأفلام والميديا التفاعلية ويستقطب جمهور الشباب بشكل أساسي.

ولذلك قامت شركة فولكسفاغن بعرض سيارتها آي.دي بووز الكهربائية الجديدة في هذا المعرض، على غرار شركة بورشه، التي كشفت النقاب عن نماذج اختبارية في هذا المعرض الإبداعي.

ويسري نفس المفهوم على المعارض التقليدية حيث شهدت فعاليات معرض آي.أي.أي موبيليتي بمدينة ميونخ 2021 وجود جزء مهم من المعرض في المساحة المفتوحة في وسط المدينة (أوبن سبيس) وليس في قاعات المعرض وقد تشكل هذا الجزء من بعض الأجنحة الصغيرة المنتشرة في الأماكن المميزة بالمدينة.

ويقول تيمير إن المساحة المفتوحة لم تحمل طابع المعرض، ولكنها كانت تجربة حضارية داخل المدن لجذب الكثير من الزوار.

ويلعب المحتوى والرسائل، التي تقوم شركات السيارات بنشرها في قنواتها للتواصل الاجتماعي، دورا محوريا في الترويج للموديلات الجديدة على غرار ما فعلته شركة فولكسفاغن في مؤتمرها في العاصمة الألمانية برلين، والذي شهد تسليط الضوء على موضوعات الاستدامة والقيادة الآلية.

وعلى غرار مؤتمر مطوري أبل طورت بي.أم.دبليو شكلا خاصا بها عن طريق معرض بي.أم.دبليو نيكست جين قبل ثلاث سنوات.

وفي تلك الفترة استطاع زوار المعرض من معايشة المنتجات والتقنيات وموضوعات التصميمات في شكل تناظري ورقمي. ومن المخطط له إقامة هذا المعرض في مناطق أخرى من العالم قريبا.

وتعتبر المعارض الهجينة من الفعاليات المثيرة لاهتمام الشركات العالمية؛ لأنه يمكن من خلالها نشر الرسائل والمعلومات رقميا عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم ومع ذلك لا يزال بالإمكان عرض السيارات فعليا لزوار معارض السيارات.

ويتفق الكثير من المتخصصين في عالم السيارات أن يصبح هذا المفهوم اتجاها عالميا لأن المعايشة والتجربة ستكون بالتأكيد أفضل من مجرد المشاهدة.