شركات الدفع الإلكتروني بمصر تتسابق على البنوك الرقمية

دفع سماح السلطات النقدية المصرية للبنوك الرقمية بالعمل للمرة الأولى في السوق شركات الدفع الإلكتروني إلى توسيع استثماراتها في مجالات وثيقة الصلة بأنشطتها من هذه البوابة التي يتوقع أن تحقق عائدات كبيرة مع اعتماد التكنولوجيا المالية في المعاملات التجارية.
القاهرة – تتنافس شركتا فوري للمدفوعات الإلكترونية وإي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية على دخول نشاط البنوك الرقمية بالسوق المصرية، في خطوة تفسح المجال لدخول شركات عاملة في الاستثمارات المالية التي تركز على التكنولوجيا المالية.
ويرى خبراء أن هذا الاتجاه يفتح الباب أمام عقد صفقات استحواذ جديدة من خلال مستثمرين محليين وأجانب في هذا القطاع.
وكشفت فوري عن دراسة التقدم للحصول على رخصة بنك رقمي، مع إمكانية الحصول على الرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية دون إدخال شريك أجنبي، حيث تمتلك الشركة خبرة في ممارسة الأنشطة المالية.
وبالمثل تدرس إي فاينانس المتطلبات اللازمة لرخصة مزاولة الخدمات المصرفية الرقمية وتؤسس بنكها الرقمي بالشراكة مع مؤسسات مالية محلية أو دولية.
والبنوك الرقمية هي كيانات تقدم خدمات مصرفية عبر القنوات أو منصات رقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة وتتواجد على شبكة المعلومات جميع خدماتها.
وتشمل تلك الخدمات بعض وظائف المعاملات للنظام المصرفي التي تقدمها البنوك التقليدية من فتح حسابات جارية وتوفير وطرح أوعية ادخارية طويلة وقصيرة الأجل وقروض.
وتضم كذلك السحب النقدي وتحويل أموال وإدارة الحسابات ودفع الفواتير، كما تقوم بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بجانب تمويل المؤسسات والمصانع، فضلا عن قطاعات إنتاجية أخرى.
ويأتي ذلك بعد أن قررت السلطات النقدية المصرية أخيرا السماح للبنوك الرقمية بالعمل في البلاد للمرة الأولى، في تحول سيعزز نشاط النظام المصرفي، وفي الوقت نفسه التعويل بشكل أكبر على التكنولوجيا في تقديم الخدمات.
وتتضمن اشتراطات الترخيص ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 65 مليون دولار في حالة ممارسة كافة أعمال البنوك باستثناء تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويلها شريطة زيادة رأس المال إلى 130 مليون دولار.
وتشمل أيضا أن يكون المساهم الأكبر مؤسسة مالية ذات سابقة أعمال في أنشطة مماثلة بنسبة لا تقل عن 30 في المئة من إجمالي قيمة رأس المال.
ومن بين الاشتراطات تقديم دراسة جدوى مفصلة تحدد الشرائح المستهدفة والمنتجات التي خُطط لإتاحتها وخطط تكنولوجيا المعلومات وإستراتيجيات الأمن السيبراني، والالتزام بالقواعد التي أقرتها الهيئة العامة للرقابة المالية في إطار تنظيم عمل شركات التكنولوجيا المالية.
وتخضع البنوك الرقمية للضوابط الخاصة بالرقابة والإشراف المطبقة على البنوك، والقوانين المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وغيرهما من القواعد المنظمة لطبيعة عملها.
وتشهد الساحة المالية سباقا بين شركات المدفوعات الإلكترونية والاستثمارات المالية المزمع دخولها، والبنوك التقليدية (التجارية) التي تعتزم اقتحام المجال، للفوز بالنصيب الأكبر من كعكة الخدمات الإلكترونية المقدمة عبر البنوك الرقمية.
خبراء يرون أن هذا الاتجاه يفتح الباب أمام عقد صفقات استحواذ جديدة من خلال مستثمرين محليين وأجانب في هذا القطاع
وقال خبير الاستثمار المصري إبراهيم الحدودي لـ”العرب” إن “مجال البنوك الرقمية تطور طبيعي لنشاط شركات المدفوعات الإلكترونية والبنوك التقليدية وتسمح زيادة عدد السكان بمجاراة الشركات وقدرتها على منافسة البنوك والتوسع”.
وثمة سبعة بنوك تقدمت للحصول على الرخصة وفقا للقواعد القديمة، وهي الأهلي المصري ومصر والقاهرة وقطر الوطني الأهلي (كيو.أن.بي) والمؤسسة العربية المصرفية (أي.بي.سي) والإمارات دبي الوطني ومصرف أبوظبي الإسلامي.
وتخضع البنوك المتخصصة، ومن بينها البنوك الرقمية، لرقابة البنك المركزي، ووضع 160 مليون دولار كحد أدنى للبنوك التقليدية.
ويحاول البنك المركزي المصري انتشال التعاملات المالية من التخلف عن الأسواق الناشئة، في ظل مساع لتحقيق متطلبات إستراتيجية التكنولوجيا المالية والابتكار التي دشنتها البلاد في العام 2019.
ويتوقع الحدودي أن يحدث تعاون بين البنوك والشركات في هذا المجال، واستحواذات على شركات كبيرة أو اندماجات مع حاجة السوق المحلية إلى التطور في التكنولوجيا المالية، وتوجد فرصة لنمو البنوك الرقمية في مصر.
وتتبنى شركة أوراسكوم المالية القابضة المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس خططا استثمارية وتوسعية طموحة طويلة المدى تركز أغلبها على دعم وتنمية أعمال شركتها التابعة كليفر للتكنولوجيا المالية والدفع الإلكتروني. وأعلن ساويرس عن عزمه التقدم بطلب الترخيص لبنك رقمي.
وتضم محفظة أوراسكوم المالية القابضة تحت مظلتها كلا من شركتى كونتكت المالية القابضة وكليفر لخدمات التكنولوجيا المالية، وستكون داعما ومساهما في البنك الرقمي المُزمع تدشينه.
وأكد الحدودي على ضرورة تمكين الأفراد على مختلف طبقاتهم من الاندماج واستخدام المدفوعات الرقمية مع الحرص على أن يشمل ذلك المحافظات والمراكز بأسرها دون التركيز على المدن الكبرى، لنشر الوعي المالي وتشجيع انتشار البنوك الرقمية وتسهيل حركة الأموال.
وزادت وتيرة الاعتماد على المدفوعات الإلكترونية في الآونة الأخيرة بدلا من الاعتماد على استخدام الوسائل التقليدية للدفع وما تتطلبه من أعباء كثيرة، ولذلك من المنتظر نجاح سوق البنوك الرقمية في مصر.
وتوقعت إحصائيات لمؤسسة ستاتيستا أن يبلغ حجم المدفوعات الرقمية في مصر نحو 21.7 مليار دولار بحلول 2027، وقدرت أن يصل حجم عائدات البنوك الرقمية إلى نحو 9.6 مليار دولار في العام نفسه.
وأوضح خبير الاستثمار نادي عزام لـ”العرب” أن “مجال البنوك الرقمية قد يكون البوابة التي تعبر بها مصر مرحلة التخلف التكنولوجي في المجال المالي وتواكب التطورات العالمية، وهو ما يجر خلفه مختلف قطاعات التكنولوجيا الأخرى”.
وتسعى مصر، الأكبر من حيث عدد السكان عربيا، إلى توسيع الشمول المالي، إذ بلغ عدد المواطنين الذين لديهم حسابات مصرفية نحو 42.3 مليون العام الماضي، بما يعادل 64.8 في المئة من السكان في الفئة العمرية من 16 سنة فأكثر، وعددهم 65.4 مليون نسمة.
ويتوقع عزام أن تشهد الفترة المقبلة مفاجآت في مجال التكنولوجيا المالية والشركات العاملة فيه، سواء استحواذات أو شراكات لاقتحام نشاط البنوك الرقمية، مؤكدًا أن هناك زخما استثماريا في مجال البنوك والمدفوعات الإلكترونية، ربما يستقطب استثمارات عربية وأجنبية.
وبدأ سباق الاستحواذ على شركات المدفوعات الإلكترونية مع النظرة المستقبلية الواعدة لتعدد أنشطتها، وتتنافس شركات الاستثمار المباشر تانا أفريكا كابيتال ولوراكس كابيتال بارتنرز وألترا كابيتال للاستحواذ على 25 في المئة من شركة الأهلي ممكن للمدفوعات الإلكترونية.
كما تعتزم شركة بلتون المالية القابضة الاندماج مع شركة أوراسكوم المالية القابضة، حيث تمتلك الأخيرة في محفظتها شركتين للتكنولوجيا المالية، وهي فرصة للأولى لاقتحام مجالات المدفوعات الإلكترونية والبنوك الرقمية في مصر.