شركات التطوير العقاري في مصر تُسرع تنفيذ مشاريعها

صفقة رأس الحكمة حركت السوق وبدأ القطاع في تسريع وتيرة الإنشاءات الحالية.
الاثنين 2024/03/25
متى تنجزون المهمة؟

أعاد المطورون العقاريون في مصر ترتيب أوراقهم وبدأوا بفتح مزاد بيع وحداتهم مجددا مع تقديم تخفيضات وعروض خاصة أملا في الانتهاء منها قبل الشروع في منافسة محمومة مع المشاريع المرتقبة، وأبرزها مدينة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط.

القاهرة- لوحظ منذ إعلان مصر والإمارات عن التوقيع على مشروع رأس الحكمة، الذي يتضمن أحياء سكنية تستهدف مستويات وطبقات مختلفة أن سوق العقارات المحلي، بدأ في الانتعاش ونفض عنه غبار الركود.

وبدأت شركات التطوير تتحرك لتسريع وتيرة الإنشاءات الحالية والدخول في المراحل اللاحقة للمشاريع، للاستفادة من حالة الزخم العقاري المتوقع حدوثها في المناطق الساحلية.

وتكمن أهمية المشروع، الذي ستشرع في تنفيذه شركة أي.دي.كيو القابضة الإماراتية مطلع 2024، في تحويل رأس الحكمة على مساحة 170 مليون متر مربع إلى مدينة من مدن الجيل الرابع.

ومن المقرر أن يضم مساحات سياحية وسكنية وتجارية وترفيهية ومنطقة حرة وأخرى استثمارية، وتشمل المنطقة أيضا مرسى لليخوت ومطارا.

ويشير نمط الجيل الرابع إلى المدن الساحلية التي توفر بيئة عمرانية متطورة ونموا اقتصاديا مستداما، وبنية تحتية عالمية، وأنظمة نقل عام وخدمات ومنشآت تعليمية متطورة، وبيئة صحية وجودة حياة مناسبة وتوفير مسكن ملائم لفئات المجتمع.

حسام صبري: الشركات رفعت مخصصاتها لسرعة تنفيذ المشاريع
حسام صبري: الشركات رفعت مخصصاتها لسرعة تنفيذ المشاريع

ومن المتوقع أن تغير المدينة المشهد العام في الساحل الشمالي، لأنها تمتد على أكثر من 50 كيلومترا، بدءا من منطقة الضبعة إلى محافظة مرسى مطروح، وتحولها إلى مركز سكني وسياحي وتجاري.

وقررت شركة سوديك للتطوير العقاري تخصيص أكثر من 320 مليون دولار، لإنجاز أعمالها المتعلقة بالإسكان عقب الإعلان عن صفقة رأس الحكمة، ما يزيد بنحو 66 في المئة عن الاستثمارات المخصصة لمشاريع العام الماضي.

واعترف رؤساء شركات إسكان في تصريحات خاصة لـ”العرب” أن الصفقة غيّرت خططهم وتخلوا عن البطء في إنجاز المشاريع، للتمكن من الترويج لها وبيعها والدخول في مشاريع رأس الحكمة أو بالقرب منها، للاستفادة من انتعاشة السوق عقب الإعلان عن تفاصيل الصفقة.

وذكرت سوديك أنها ستعيد فتح مبيعات الوحدات العقارية بمختلف المشاريع، بعد فترة إيقاف بسبب عدم استقرار السوق وتسعير الوحدات. ويعد ذلك مؤشرا على تغيير معنويات المطورين تجاه السوق، وبدأ معدل الزيادات في أسعار الوحدات في الانخفاض بعد إعلان الحكومة عن صفقة رأس الحكمة.

وأعلنت شركة مدينة مصر للإسكان والتعمير أن هناك تفاؤلا لدى القطاع وغالبية الشركات، بشأن نتائج الصفقة وأهميتها في دعم النمو داخل السوق مع طموح بعض المطورين أن يكون لهم دور في تطوير هذه المنطقة.

وخطت العديد من شركات الفترة الماضية خطوات بغرض التحوط ضد تقلبات الأسعار عبر شراء المواد الخام بكميات تغطي كامل مشاريعها في العام الجاري، لكن الصفقة غيرت ملامح السوق كليًا.

ومن نتائجها المباشرة توحيد سعر الصرف وتقويض دور السوق الموازية للعملة، وحثت على تسريع الاتفاق بين القاهرة وصندوق النقد الدولي، وهي خطوات تدفع لهبوط أسعار الخامات، مقارنة بسعر الصرف الحالي وقيمته قبل تحريره.

ويظهر الأثر الأكبر لصفقة رأس الحكمة على قطاع العقارات في الأجل القصير فيما يخص زيادة معدلات العمران، لكن ما يتعلق بالأسعار فاستجابتها للهبوط ستكون بطيئة وقد تستغرق وقتا لتظهر بصماتها بوضوح.

خخ

وقدر خبراء المدة اللازمة لظهور أثر الصفقة على أسعار الوحدات ما بين 12 و18 شهرا نتيجة إجراءات التحوط لدى الكثير من الشركات، إذ اشترت الحديد بكميات كبيرة، سعيا لتأمين مخزونها وتفاديا للشراء بأسعار مرتفعة.

وقال رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين فتح الله فوزي في تصريح لـ”العرب”، إن “صفقة رأس الحكمة عززت انتعاش قطاع العقارات”.

وأضاف “ستغير الصفقة ملامح القطاع الفترة المقبلة، وتؤدي لفورة استثمارية من شأنها تنشيط المجال وخروجه من حالته الراكدة، وبداية لتوفير أراض عديدة لمشروعات السياحة والتعليم”.

وأوضح أنها ستكون بداية انطلاق لترفيق أراض جديدة وطرحها للاستثمار في المنطقة محل المشروع والمناطق المجاورة، وتفتح قنوات جديدة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية والتأثير على الأسعار مرهون بتكاليف المطورين وأسعار الخامات المستخدمة.

وأكد فوزي قدرة الشركات المصرية على منافسة نظيرتها الخليجية، وهو تنافس مشروع في صالح المقبلين على الشراء، وينعكس ذلك على زيادة المعروض، واصفا تأثير المشروع على القطاع كحالة العاصمة الإدارية عندما شرعت الدولة في تأسيسها.

فتح الله فوزي: رأس الحكمة تحقق فورة استثمارية بقطاع العقارات
فتح الله فوزي: رأس الحكمة تحقق فورة استثمارية بقطاع العقارات

ويترتب عن مشروع رأس الحكمة ذي المواصفات العالمية تحفيز المطورين على تقديم منتجات عالية الجودة، ما يفرز قاعدة صحية من التنافس تمثل إضافة جديدة للقطاع، وتنشيط حركة في هذا المجال بنحو كبير.

وتعزز الصفقة من تكرار تجربة تدشين العلمين الجديدة حيث نشطت معدلات الإنشاءات في بعض الأماكن المجاورة لها عقب تأسيسها، فضلا عن تنوع الأسعار، ما يوفر فرصة لإتاحة خيارات السكن أمام المستهلكين.

وأوضح الخبير العقاري حسام صبري أن الإعلان عن مشاريع جديدة يدعم قطاع العقارات، خاصة في الساحل الشمالي، وقامت بعض الشركات الأيام الماضية بزيادة الأموال المخصصة للتنفيذ.

وأشار لـ”العرب” إلى أن ذلك ظهر بوضوح لدى الشركات الكبرى الراغبة في التخلص من الوحدات المتاحة لديها والدخول في أخرى جديدة قبل أن تخرج مشاريع رأس الحكمة للنور، كي تُظهر خدماتها وتنوعها قبل المشروع الجديد.

ويسعى كبار المطورين إلى بدء تنفيذ مشاريع جديدة على المتوسط الفترة المقبلة ليستفيدوا من فرق الأسعار في الخامات المتوقع أن تتراجع مع هبوط الدولار مستقبلا، وبين أسعار الوحدات مرتفعة الثمن لتحقيق أرباح أكبر.

ويتم الترويج لرأس الحكمة هذا العام، وفق المخطط الذي ستضعه أي.دي.كيو، وتستهدف مستثمرين مصريين وعربا، ما يمنح المشروع فرصة كبيرة لتصدير العقار ويجعل لديها القدرة لاستقطاب أعلى المكاتب والكيانات العالمية في مجال الإنشاءات والعقارات.

ومن خلال التخطيط الأفضل والتنفيذ المنظم لتصدير العقارات يمكن أن تبدأ مصر في تحقيق ما يتراوح بين 10 إلى 15 مليار دولار، وهي أعلى قيمة من الإيرادات التي تحصل عليها البلاد من بعض مصادر العملة الصعبة، حسب تقديرات مجلس تصدير العقار المصري.

وبلغت مساهمة القطاع نحو 18 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي البالغ 9.8 تريليون جنيه (320 مليار دولار) بنهاية 2022، كما تسعى القاهرة إلى زيادة مساحة عمران أراضيها من 7 إلى 14 في المئة، في ضوء رؤية 2030.

11