شركات الأدوية تختبر فرص التطعيم دون حقنة لعلاج كورونا

تعمل العديد من الشركات على اختبار مجموعة من الأدوية الجديدة المضادة للفايروسات يمكن أخذها عن طريق الفم تقي من كوفيد، ويمكن أن تتكامل مع تأثير اللقاحات، وهو ما يمنح المزيد من الأمل في التغلب على الطفرات القاتلة لفايروس كورونا، وتتقدم شركة فايزر حتى الآن على بقية الشركات من خلال تجاربها السريرية لإنتاج مضاد فايروسي فموي ضد كوفيد بإمكانه تعطيل عملية استنساخ الفايروس لنفسه.
واشنطن – طغت المساعي لتطعيم مليارات من الأشخاص في عام واحد على البحث عن علاجات ضد كوفيد – 19 التي تتقدم بخطى متمهلة، لكن العديد من طرق العلاج الجديدة تشكل مصدرا للأمل.
وتعكف العديد من المختبرات على إنتاج أدوية مضادة للفايروسات يمكن ابتلاعها عن طريق الفم على شكل أقراص.
وكانت شركة فايزر أعلنت مطلع الأسبوع الحالي أنها أطلقت اختبارات سريرية في مراحل متوسطة إلى متقدّمة لحبّة تقي من كوفيد لدى الأشخاص المعرّضين للإصابة.
وتعمل شركات عدة على مضادات فايروسية يتم تناولها بالفم بإمكانها محاكاة مفعول عقار “تاميفلو” بالنسبة إلى الإنفلونزا ومنع تطور المرض إلى مستويات خطيرة.
وقالت فايزر إن الهدف الأساسي للدراسة هو تقييم السلامة والفعالية للدواء في الوقاية من عدوى سارس كوفيد2- المؤكدة وأعراضها خلال 14 يوما.
وأكد رئيس الشركة ميكائيل دولستين “إذا نجحنا، نعتقد أن هذا العلاج يمكن أن يساعد في وقف الفايروس مبكرا – قبل أن تتاح له فرصة التكاثر على نطاق واسع – يحتمل أن يقي من أعراض المرض لدى أولئك الذين تعرضوا للعدوى ويمنع ظهور العدوى لدى آخرين”.
وأضاف دولستين “نعتقد بأن التعامل مع كورونا سيتطلب علاجات فعالة بالنسبة إلى المصابين بالفايروس أو أولئك الذين تعرّضوا له، تتكامل مع تأثير اللقاحات”.
وبدأت فايزر تطوير عقارها “PF-07321332” في مارس 2020 وتجري اختبارات عليه مع “ريتونافير”، وهو دواء مضاد لفايروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الفايروس المسبب لمرض الإيدز) أعيد استخدامه لأغراض أخرى.
وتختبر شركات أخرى أيضا مضادات فايروسية فموية ضد كوفيد، لكن دواء فايزر هو الأول المصمم خصيصا ضد كورونا.
ويعرف بأنه “مثبط للإنزيم البروتيني” وأثبتت فحوص مخبرية بأنه يعطّل عملية استنساخ الفايروس لنفسه.
وفي حال ثبتت فعالية العلاج على أرض التجربة، فيرجّح بأنه لن يكون فعالا إلا في المراحل الأولى من الإصابة.
وبحلول الوقت الذي يتقدّم فيه كوفيد ليتحول إلى مرض شديد، يكون الفايروس توقف عن استنساخ نفسه ويعاني المرضى من استجابة مناعية مفرطة النشاط.
كما يشار إلى أن من بين أكثر الأدوية التي قيد الاختبار تقدما دواء مولنوبيرافير المنتج بالشراكة بين شركة التكنولوجيا الحيوية ريدجباك بايوتيرابوتيكس ومختبر “أم.أس.دي”.
وما زال الدواء يخضع لتجارب على المرضى (سواء كانوا في المستشفى أم لا) وكذلك للوقاية لدى أشخاص كانوا على اتصال مع مصابين. ومن المتوقع أن تُعرف نتائج التجارب بحلول نهاية السنة.
وتعمل شركة أتيا فارماسوتيكالز للتكنولوجيا الحيوية ومختبر روش على تقييم فعالية علاج مماثل يسمى أيه.تي – 527.
وأكدت أخصائية الأمراض المعدية كارين لاكومب خلال مؤتمر صحافي عقدته أخيرا وكالة الأبحاث الفرنسية للأمراض المعدية الناشئة أن سوق مثل هذه العلاجات “الفعالة والتي يسهل تناولها لعلاج الأشكال المبكرة من كوفيد سيكون هائلا على الأرجح”.
ولكنها نبهت إلى أنه من الضروري “اتخاذ الحيطة والحذر” إزاء التصريحات المدوية أحيانا الصادرة عن شركات الأدوية، وانتظار نتائج التجارب الإكلينيكية على المرضى.
ويعود ذلك بشكل خاص إلى أن الأدوية المضادة للفايروسات بشكل عام لم تكن مقنعة جدا حتى الآن في علاج كوفيد.
وتسعى بعض معامل الأدوية إلى تطوير أجسام مضادة أحادية النسيلة طويلة المفعول.
وتطور شركة غلاكسوسميثكلاين أحدها وهو “سوتروفيماب” الذي صنفته في نهاية يونيو المفوضية الأوروبية كواحد من أكثر خمسة علاجات واعدة.
أما الآخر ويُدعى “إيه.زاد.دي7442” هو عبارة عن مزيج من الأجسام المضادة أعدته شركة أسترازينيكا التي كشفت النقاب عن النتائج الأولية لتجاربها في نهاية أغسطس.
العديد من المختبرات تعكف على إنتاج أدوية مضادة للفايروسات يمكن ابتلاعها عن طريق الفم
وتقول شركة الأدوية إنه يمكن أن يكون فعالا في الوقاية من كوفيد لدى المرضى الذين تعد حالتهم الصحية هشة.
كما تعمل شركة كسينوتيرا الفرنسية على نوع آخر من الأجسام المضادة الاصطناعية تُسمى “الأجسام المضادة متعددة النسيلة”. ويقوم منتجها “ايكس.أيه.في – 19” على أجسام مضادة من الخنازير عُدلت لتتوافق مع الجسم البشري. وهذا الدواء في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية.
وكشفت النتائج منذ بداية ظهور الجائحة نجاعة بعض الأدوية وعدم فاعلية البعض الآخر.
ومن بين الأدوية التي أثبتت نجاحها “الكورتيكوستيرويدات” وهو أول علاج أوصت به رسميا منظمة الصحة العالمية في سبتمبر 2020، فقط للمرضى المصابين بأكثر الأعراض خطورة.
وبناء على جميع بيانات التجارب السريرية المتاحة، توصي منظمة الصحة العالمية “بإعطاء الكورتيكوستيرويدات بشكل روتيني” للمرضى الذين يعانون من “شكل حاد أو حرج” من كوفيد.
ويقلل هذا العلاج من الوفيات بين هؤلاء المرضى وربما أيضا من خطر وضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. فهو يجعل من الممكن محاربة الالتهابات التي ترافق الأشكال الحادة للمرض.
وهناك “ساريلوماب” و”توسيليزوماب” وهذه الأدوية عبارة عن أجسام مضادة اصطناعية، تُسمى “أحادية النسيلة” وتنتمي إلى عائلة تسمى “مضادات الإنترلوكين – 6” (أو مضادات IL-6). وقد أوصت بها منظمة الصحة العالمية منذ يوليو 2021 للحالات الأكثر خطورة أيضا.
وتوصي المنظمة بأن يتلقى هؤلاء المرضى “كلا من الكورتيكوستيرويدات ومضادات الإنترلوكين – 6”.
ويقوم توسيليزوماب (الذي يُباع تحت اسم أكتمرا ورو – أكتمرا وتنتجهما شركة روش) وساريلوماب (الذي يُباع تحت اسم كفزارا الذي تنتجه سانوفي)، المطور في الأصل لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، بتثبيط المناعة. وهما يحاربان، مثل الكورتيكوستيرويدات، جموح الجهاز المناعي الذي يبدو أنه مصدر الأشكال الحادة من كوفيد.
وأخيرا “رونابريف” الذي أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدامه وهو مزيج مكون من اثنين من الأجسام المضادة أحادية النسيلة (كاسيريفيماب وإيمديفيماب) ولكن فقط لفئتين من المرضى “المصابين بأشكال غير حادة من كوفيد والمعرضين لخطر كبير للدخول إلى المستشفى”، مثل كبار السن أو الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة (بسبب السرطان أو بعد عملية زرع، على سبيل المثال)، ومن ثم المرضى الذين يعانون من “شكل حاد أو حرج والذين ليست لديهم أجسام مضادة”، أي الذين لم يطوروا أجسامًا مضادة بعد العدوى أو التطعيم.
وتكمن العقبة الرئيسية أمام استخدام هذا الدواء الذي أعدته شركة التكنولوجيا الحيوية ريجينيرون مع مختبرات روش، في ارتفاع كلفة الجرعة الواحدة والتي تبلغ ألفي دولار، وفقًا لمنظمات غير حكومية. وهو ما تأمل منظمة الصحة العالمية بخفضه.
وفي المقابل بددت العديد من العلاجات الأمل منذ بداية ظهور الوباء بسبب عدم فاعليتها، وهذا ما حدث مع دواء هَيدروكسي كلوروكين الذي روج له الباحث الفرنسي ديدييه راول، وريمديسفير الذي اعتُبر في البداية واعدًا جدًا والإيفرمكتين ومزيج لوبينافير – ريتونافير (واسمه التجاري كالتيرا) المستخدم ضد فايروس الإيدز.
وأوضحت كارين لاكومب أن “إعادة توضيع دواء ما هو ما نقوم به بشكل عاجل في بداية انتشار الوباء”. ولكن باستثناء الإنترلوكين – 6، خيبت كل هذه الأدوية أمل العلماء وهو ما يبيّن “محدودية” إعادة توضيع أو إعادة استخدام دواء ما في رأيها.
وأضافت لاكومب “هذا ما يجعلنا ندخل حقبة علاجية مختلفة من خلال تطوير عقاقير خاصة بمحاربة سارس – كوف – 2″، الفايروس المسبب لكوفيد.
وتشترك هذه الأدوية في أنها صُممت في البداية لاستخدام آخر ولكن تم اختبارها ضد هذا المرض الجديد في ما يُسمى “إعادة توضيع” أو استخدام دواء ما لعلاج مرض آخر غير الذي أعد في الأصل لمحاربته، وبمرور الوقت، أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدامها لعلاج كوفيد.