شراكة سعودية كورية أساسها الاستثمار المتبادل

توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 8 مليارات دولار تستهدف قطاعات استراتيجية في مقدمتها التمويل والتصنيع والبناء والبتروكيماويات والإعلام.
الخميس 2019/06/27
استدامة الاقتصاد محور اهتمام ولي العهد السعودي

عززت السعودية من شراكاتها الاستراتيجية مع كوريا الجنوبية أمس بتوقيع حزمة واسعة من الاتفاقيات الاقتصادية، التي تهدف لتقوية وتنويع آفاق التعاون، في وقت تسعى فيه الرياض لتعزيز الإصلاحات وتنويع الاقتصاد.

سول - اعتبر محللون أن الاتفاقيات، التي أبرمتها السعودية خلال أول زيارة يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا الجنوبية تشكل نقلة كبيرة في الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، وستعطي دفعة قوية لتطوير المجالات القابلة للاستثمار المتبادل.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن البلدين وقعا بحضور الأمير محمد بن سلمان ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي- أمس 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 8 مليارات دولار.

وتستهدف الاتفاقيات قطاعات استراتيجية في السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ضمن خطط التوسع في شرق آسيا، وفي مقدمتها التمويل والتصنيع والبناء والبتروكيماويات والإعلام.

ويشتمل الاتفاق الاقتصادي على العديد من الاتفاقات بين عملاق النفط السعودي أرامكو وشركات كورية من بينها الشركة الكورية الوطنية للنفط وشركة هيونداي للصناعات الثقيلة وشركة هيونداي لصناعة السيارات.

وتندرج الاتفاقيات ضمن “رؤية 2030″، التي تعمل الرياض من خلالها على وضع أرضية صلبة لتوسيع قاعدة الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصناعية الكبرى، وهو ما سيتيح لها تنويع اقتصادها وتعزيز قدرتها أكثر بعيدا عن إيرادات النفط.

وأكد ولي العهد السعودي خلال لقائه برئيس كوريا الجنوبية أن الشراكة مع سول تمثل فرصة لتحقيق قيمة مضافة لدعم وتنمية القدرات والتعاون بين البلدين.

إبراهيم العمر: شراكاتنا ستعزز المزايا التنافسية والفرص النوعية
إبراهيم العمر: شراكاتنا ستعزز المزايا التنافسية والفرص النوعية

وقال “توجد إمكانيات هائلة وشراكة بين المملكة وكوريا الجنوبية غير مستغلة وفرص لزيادة التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين، بالإضافة إلى تطوير القدرات الدفاعية وتحقيق ازدهار اقتصادي من خلال البناء المشترك للصناعات وتطوير رأس المال البشري وتحسين جودة الحياة بين الشعبين”.

ورحب رئيس كوريا الجنوبية بهذه الشراكة الاستراتيجية. وقال إن السعودية “هي أكبر سوق للبناء وأكبر مستثمر في البلاد من بين دول الشرق الأوسط، كما أنها أكبر شريك تجاري في المنطقة”.

وتعتبر السعودية أكبر مزود بالنفط لكوريا الجنوبية الفقيرة من الموارد، ومعظم الاتفاقات المبرمة والبالغ قيمتها 6 مليارات دولار، مخصصة لاتفاق بين شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو ونظيرتها الكورية أس أويل لبناء مصفاة ومنشآت معالجة مشتقات النفط في كوريا الجنوبية.

ووقعت أرامكو مذكرة تفاهم مع أس أويل للتعاون في تأسيس مشروع وحدة التكسير بالبخار وإنتاج مشتقات الأوليفينات والذي يتوقع أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2024. وقد دشنت شركة النفط السعودية المشروعين العملاقين بحضور الأمير محمد بن سلمان.

وارتفعت لافتة عملاقة ترحب بولي العهد السعودي على مقر شركة أس أويل، ثالث أكبر شركة كورية جنوبية لمصافي النفط، والتي تملك أرامكو غالبية أسهمها.

وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر، إنه “تم التوقيع على اتفاقية بشأن مشروع لتحويل النفط إلى كيميائيات والذي يتوافق مع الهدف المنشود نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز القوة الاستثمارية للمملكة”.

وأوضحت أرامكو في بيان أن المرافق الجديدة تتضمن أحدث التقنيات المستخدمة في أعمال التكرير، والتي زادت حصة أس أويل من 8 بالمئة إلى 13 بالمئة من تصنيع المنتجات البتروكيميائية عالية القيمة مثل البروبيلين والبنزين.

وبالتزامن مع زيارة ولي العهد، عقد ملتقى الشراكة السعودي الكوري، الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووكالة كوريا لتشجيع التجارة والاستثمار، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية والخاصة من الجانبين.

ونسبت وكالة الأنباء السعودية لمحافظ الهيئة إبراهيم العمر قوله إن “الملتقى يعزز الرصيد الكبير للعلاقة الاقتصادية بين البلدين”.

ولفت إلى أن فرص التعاون الواعدة بين الشركات من البلدين، ستعزز استغلال الميزات التنافسية والفرص النوعية في عدد من المجالات والقطاعات المستهدفة.

ويعتبر الملتقى خطوة متقدمة نحو تنفيذ الرؤية السعودية الكورية 2030، التي تم إطلاقها قبل عامين لتوسيع نطاق التعاون بين البلدين.

وسيركز البلدان في شراكتهما من خلال هذه الرؤية على قطاعات الطاقة والتصنيع والبنية التحتية الذكية والرقمنة وتطوير الكوادر البشرية، إضافة إلى الرعاية الصحية وعلوم الحياة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وتشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع قيمة المبادلات التجارية بين البلدين بنهاية 2018 بنحو 21 بالمئة ليصل إلى 30 مليار دولار، وقد شكلت صادرات السعودية غير النفطية لكوريا 56 بالمئة.

وتعد كوريا أهم الشركاء التجاريين للسعودية، وتأتي ضمن المراتب العشر الأولى في الاستيرد والتصدير.

وتظهر البيانات كذلك أن هناك حوالي 120 مشروعا سعوديا كوريا مشتركا بقيمة تقترب من المليار دولار، منها 20 بالمئة مشاريع صناعية.

ومنذ الإعلان عن برنامج الإصلاح في أبريل 2016، حققت الرياض نحو 45 بالمئة من إجمالي 500 إصلاح اقتصادي.

وتضمنت الإصلاحات التملك الكامل للاستثمار الأجنبي خاصة بوجود بنية تحتية متكاملة ومتطورة من الحقوق القانونية وحماية أكبر لرجال الأعمال.

ونتيجة لهذا فقد حققت الرياض المرتبة الرابعة ضمن مجموعة العشرين، وفقا لتقرير سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.

11