شراكة بلا مشاكل بين واشنطن وإقليم كردستان العراق بعيدا عن مزاجية ترامب

أربيل (إقليم كردستان العراق)- عكست مكالمة هاتفية جرت بين رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مجدّدا رغبة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الحفاظ على العلاقات المتينة التي تقيمها واشنطن مع الإقليم منذ عقود طويلة مثّلت الولايات المتّحدة خلالها سندا كبيرا للإقليم ولتجربته في الحكم الذاتي.
وجاء ذلك على الرغم مما يواجهه الكثير من حلفاء واشنطن في المنطقة وخارجها من صعوبات في إدارة العلاقة مع ترامب صاحب المزاج الصعب وخصوصا تجاه الحلفاء الذين يستفيدون من بلاده ويتلقون مساعداتها أكثر من استفادتها المباشرة هي منهم.
كما تأتي سلاسة العلاقة بين إدارة ترامب وحكومة الإقليم على العكس من علاقة الإدارة ذاتها بالحكومة الاتّحادية العراقية التي تواجه بعض الضغوط من قبل واشنطن بسبب عدد من الملفات أبرزها الدور السياسي والأمني للميليشيات الشيعية وبعض السياسات الحكومية التي ترى فيها واشنطن خدمة لإيران وعدم التزام بما تسلطه الولايات المتحدة من عقوبات على طهران بهدف إضعافها والحدّ من قدرتها على زعزعة الاستقرار في المنطقة عبر تدخلاتها في شؤون دولها.
ويتلقّى إقليم كردستان العراق مساعدات مالية من الولايات المتحدة تتجه أساسا لتمويل قواته العسكرية والأمنية، كما تحظى سلطاته بدعم سياسي من الإدارات الأميركية المتعاقبة وخصوصا حين تكون سلطاته عرضة لضغوط إيران وحلفائها المحليين في العراق من أحزاب وفصائل شيعية مسلّحة مشاركة في إدارة السلطة الاتّحادية العراقية. لكن الإقليم يوفّر من جهته خيارات للشركاء الأميركيين المهتمين بالتموضع في تلك المنطقة الحساسة ليبقوا على رقابتهم المباشرة لتحركات إيران وأذرعها.
سلاسة العلاقة بين إدارة ترامب وحكومة الإقليم على العكس من علاقة الإدارة ذاتها بالحكومة الاتّحادية العراقية التي تواجه بعض الضغوط من قبل واشنطن بسبب عدد من الملفات أبرزها الدور السياسي والأمني للميليشيات الشيعية
وتحتفظ الولايات المتحدة بعدد محدود من القوات العسكرية في قاعدة حرير بالإقليم، وحينما كانت تتعرض لضغوط قوى عراقية حاكمة لسحب قواتها من البلاد كان قادة رأي وخبراء عسكريون يطرحون أراضي الإقليم كموطن بديل محتمل لتموضع تلك القوات. وبالإضافة إلى ذلك تمثّل القيادة الكردية لواشنطن شريكا سياسيا موثوقا به ومحاورا معتدلا قياسا بتشدّد بعض الشخصيات القيادية العراقية وتعصّبها الطائفي.
وقال روبيو في مكالمته مع بارزاني إنّ إقليم كردستان بالنسبة إلى بلاده “يؤدي دورا مهما في صون أمن المنطقة واستقرارها.” وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس حكومة الإقليم إنّ بارزاني بحث، الجمعة في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة، مع التأكيد على أهمية ترسيخ العلاقات الثنائية. وخلال الاتصال الهاتفي اتفق الجانبان على أهمية تعزيز وتوطيد أواصر الصداقة والتحالف القائم بين إقليم كردستان والولايات المتحدة الأميركية.
وتعتبر علاقات كردستان العراق مع الولايات المتحدة عابرة للإدارات الأميركية وتغير المسؤولين على رأسها. وكان رئيس حكومة الإقليم قد زار واشنطن في فبراير من السنة الماضية في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن حيث أجرى لقاءات متعدّدة ومحادثات موسّعة مع العديد من كبار المسؤولين الأميركيين الأمر الذي أثار حفيظة قوى سياسية حليفة لإيران لطالما نظرت بعين الريبة للعلاقات بين أربيل وواشنطن.
وقالت وسائل إعلام محلية إنّ مكالمة بارزاني-روبيو شهدت أيضا توافقا على ضرورة وأهمية استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر خط أنابيب العراق- تركيا.
وذكرت أن وزير الخارجية الأميركي عبّر “عن بالغ تقدير الولايات المتحدة الأميركية للدور الذي يضطلع به إقليم كردستان، بوصفه ملاذا آمنا لكافة المكونات القومية والدينية، مشيدا بإسهامه الجوهري في صون استقرار المنطقة وأمنها.” كما اتفق الطرفان على أهمية إدامة التشاور والتنسيق بينهما حفاظا على المصالح المشتركة بحسب البيان الحكومي.