شح المياه يقسو على صغار المزارعين في المغرب

80 في المئة نسبة انخفاض مساحات الري خلال السنوات الثلاث الماضية، وفق وزارة الزراعة.
الجمعة 2023/05/19
شواهد على مخلفات نقص الأمطار

الرباط - يواجه صغار المزارعين في المغرب وضعا صعبا وخاصة الذين يعتمدون على الزراعة البعلية التي تعتمد فقط على الأمطار، وبات مستقبلهم مهددا مع توالي سنوات الجفاف.

ومع اقتراب موسم الحصاد ساد ارتباك في أوساط المزارعين، وسط مطالب للحكومة من أجل تقديم دعم لهم لتجاوز الأزمة، والتي ترتب عليها تسجيل محصول منخفض.

ويقول حسن الوردي، مزارع ببلدة أم عزة في نواحي العاصمة الرباط، إن "الموسم الحالي سجل انخفاضا كبيرا، لأن المنطقة لم تشهد تساقطا للأمطار في المدة التي من المفترض أن يسجل فيها هطول أمطار".

وأوضح خلال حديث مع وكالة الأناضول أن "مزارعي المنطقة يمرون بأوضاع اقتصادية صعبة منذ ثلاث سنوات رغم لجوء بعضهم إلى الاقتراض من البنوك لشراء الأجهزة وتحسين كفاءة الإنتاج".

◙ الاقتصاد المغربي يرتبط أساسا بالزراعة التي تعتمد على مياه الأمطار مصدرا رئيسيا للري فضلا عن كون القطاع يشغل نحو 40 في المئة من القوى العاملة النشيطة

وأكد أن المحصول تغير بسبب الظروف المناخية التي تمر بها المنطقة، إذ جفت المياه في قنوات المياه الجوفية و”عندنا بئران في القرية لم يتبق فيهما ماء، لا ماء من أجل البهائم ولا ماء للشرب، وخسرنا محصول الحبوب والخضروات”.

ويتراوح إنتاج الهكتار واحد حاليا بين 10 و15 بالة (تطلق على حزمة التبن)، مقابل أنه كان يسجل 150 أو 200 بالة في المواسم السابقة.

ودعا الوردي الحكومة إلى إيجاد حلول، دعما للمزارع الصغير والمتوسط لأنهما “ظلا مكتوفي الأيدي، ويعرضان أرضهما للبيع ويهاجران إلى المدينة بحثا عن مصادر عيش أخرى”.

ويرتبط الاقتصاد المغربي أساسا بالزراعة التي تعتمد على مياه الأمطار مصدرا رئيسيا ووحيدا للري، فضلا عن كون القطاع يشغل نحو 40 في المئة من القوى العاملة النشيطة.

وقالت وزارة الزراعة إن “بداية الموسم عرفت ظروفا مناخية غير مواتية، مع تأخير في الأمطار، وعجز كبير في المياه وتوزيع زمني غير موات”.

وإلى غاية أواخر الشهر الماضي بلغ تراكم تساقط الأمطار 207 مليمترات، بانخفاض يقدّر بحوالي الثلث مقارنة مع سنة عادية، وبزيادة 13 في المئة مقارنة بالموسم السابق.

كما سجلت السدود الكبيرة معدلات ملء منخفضة، لاسيما في منطقتي الحوز وتادلة وسط البلاد، إذ بلغت نسبة الامتلاء 33 في المئة، مقابل 31 في المئة في نفس الفترة من الموسم السابق.

وبلغت كمية المياه في السدود ذات الاستعمال الزراعي حوالي 4.48 مليار متر مكعب، مقابل 4.26 مليار متر مكعب قبل عام.

ودافع مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الشهر الماضي عن المخطط الأخضر. وقال عقب انتهاء اجتماع مجلس وزاري إن “الجفاف وزيادة الأسعار ساهما بشكل مباشر في غلاء منتجات زراعية”.

◙ قطاع تربية الماشية أكبر متضرر
◙ قطاع تربية الماشية أكبر متضرر 

وأوضح أنه لا يمكن عزل الواقع عن السياق الراهن، باعتبار أنه قبل 5 سنوات كان الجميع يتحدثون عن الوفرة، قبل أن يعاني البلد منذ ثلاث سنوات من توالي الجفاف، ما خفض مساحات الري بنحو 80 في المئة، أي من 6 مليارات متر مكعب إلى مليار متر مكعب فقط.

وتزامنا مع تخوف المزارعين، توقعت وزارة الزراعة خلال الأسبوع الماضي أن يبلغ المحصول 55.1 مليون قنطار (5.5 مليون طن) لهذا الموسم.

وجاءت كمية المحصول المرتقب أقل من التوقعات التي اعتمدتها الحكومة في موازنة 2023، بحوالي 7.5 مليون طن.

وقال محمد نظيف، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن “المزارع الصغير يعاني نتيجة سياسة زراعية متبعة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، وزادت تداعياتها خلال السنوات الأخيرة”.

وفي تصريح للأناضول عبر نظيف عن أسفه على وضعية المزارعين لأنهم يعانون من إشكالات أولها الجفاف. وتساءل “هل أصحاب القرارات قاطنون في المغرب، ويحملون هم المزارع الصغير؟ وهل فعلا يدركون وضعية عيشه؟”.

ودعا في الوقت ذاته إلى إيقاف عمليات التصدير باعتبارها فرصة اغتناء لفئة معينة، وتقديم دعم خاص لصغار المزارعين.

وقال "نحن نعاني من شح المياه وكمية كبيرة منها يتم الاعتماد عليها في المنتجات الزراعية المعدة للتصدير، مثل الأفوكادو والطماطم، عوض أن نوظفها في تحقيق الأمن الغذائي".

وأضاف "نستورد حبوب الطماطم وجميع المكونات من أجل زراعتها، وبعد ذلك نقوم بتصديرها، بحيث إننا نصدر الطماطم وعرق العمال".

◙ صغار المزارعين تضرروا من تداعيات الجفاف ومن قلة المراعي التي يعتمدون عليها كثيرا ما يجعل الرهان على الماشية صعبا مع استمرار موجة الجفاف

وتابع "هناك إمكانية تدارك ما يمكن تداركه، لكن يجب أن تكون القرارات بيد أناس يحملون هم صغار المزارعين، وفعلا لديهم إرادة إنقاذ ما يمكن إنقاذه".

وتضرر صغار المزارعين من تداعيات الجفاف على مستوى أغنامهم، ومن قلة المراعي التي يعتمدون عليها كثيرا، ما يجعل الرهان على الماشية صعبا مع استمرار موجة الجفاف.

ووسط انتظار المواطنين لعيد الأضحى أعلنت وزارة الزراعة أنه “بلغ ترقيم الأغنام والماعز المعدة للتضحية 2.25 مليون رأس، أي ثلث العدد المستهدف لهذه المناسبة”.

وأشارت إلى أن عدد الوحدات المحتملة لتسمين وتحضير الأغنام والماعز لمناسبة العيد يبلغ حوالي 214 ألف وحدة.

وشددت على أن الموسم الحالي “يتميز بغطاء نباتي مقبول على مستوى المراعي لاسيما في الجنوب والمناطق الجبلية، رغم بعد توالي السنوات الجافة”.

وأكدت أن “قطاع الإنتاج الحيواني شهد تحسنا ملحوظا مقارنة بالعام الماضي، إثر تحسن الظروف المناخية وتنفيذ برنامج التخفيف من آثار تأخر تساقط الأمطار الذي انطلق في مارس 2022”.

وأردفت “يضم هذا البرنامج توزيع الشعير المدعم والأعلاف المركبة المدعمة لصالح مربي الماشية، فضلا عن دعم توريد الماشية عبر تهيئة وتجهيز نقط الماء”.

10