"شتاء السعودية" موسم السياحة الداخلية في زمن الحجر

الرياض - تعد رياضة الهايكنغ إحدى الرياضات الممتعة التي حظيت بإقبال كبير من الشباب السعودي لكونها تجرِبة غنية باكتشاف جمال الطبيعة الجغرافية للمملكة وتنوع تضاريسها ومناخها، ويجد هواة هذه الرياضة متنفسا يُسهم في تحسين نمط حياتهم الصحية والترفيهية خاصة مع تفشي فايروس كورونا، وهو الأمر الذي تعمل على تحقيقه الهيئة السعودية للسياحة خلال موسم “شتاء السعودية” الذي انطلق تحت شعار “الشتاء حولك” في العاشر من ديسمبر ويستمر حتى نهاية مارس المقبل في أكثر من 17 وجهة سياحية بالمملكة.

وإذا كانت جبال إيفريست وكليمنجارو والأنديز وغيرها تستقطب آلاف السياح من شتى أنحاء العالم لأجل ممارسة رياضة المشي الجبلي “الهايكنغ”، فإن جبال السعودية بمناظرها الخلابة، وتضاريسها المميزة، وأجوائها الساحرة، تستقطب أيضا عشاق هذه الرياضة على مدار العام.

و”الهايكنغ” رياضة تجعل عشاقها يتأملون الحاضر والماضي، وتعرّفهم على الجهد الذي كان الأجداد يبذلونه، وكيف كانوا يتحملون ظروف الحياة والسفر، كما أن السير في الممرات الجبلية الساحرة في السعودية يعطي صورة عن صحتهم ولياقتهم حيث يتمكنون من تقييم قدرتهم على الاستمرار في المشي، والصعود في الممرات المرتفعة، فقد كانت هذه طريقتهم الوحيدة للسفر والتنقل.

وتعد “أبها” على وجه الخصوص، ومنطقة عسير عموما من أفضل الأماكن لممارسة الرياضات الجبلية والمغامرات؛ لتمتعها بأجواء ساحرة وطبيعة خلابة، فمن ارتفاع أكثر من ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر، يجد عشاق المغامرات ضالتهم لممارسة أنشطتهم المحببة، إضافة إلى زوار المنطقة والسياح المهتمين بتلك الرياضات، حيث يمكنهم استكشاف روائع المنطقة عبر جبال “السودة”، التي تضم أحد مواقع أندية الطيران الشراعي.

من موقع “حافة العالم” الذي يقع على بعد 90 كيلومترا من الرياض في منطقة العيينة ينطلق هواة الهايكنغ  لممارسة رياضتهم، فهو من الأماكن المفضلة لهم في الخريف والشتاء لاعتدال الأجواء فيها، والتخطيط للمغامرات الشيقة والممتعة.

لقد أثبت العلماء أن هذا المكان كان عبارة عن قاع لبحر كبير يغمر شبه الجزيرة العربية حتى بلاد الشام قبل أكثر من 50 مليون عام.

وما يميز التجرِبَة السياحية في موسم “الشتاء حولك” هو توفير منظمي الرحلات لباقات تضم أنشطة مصاحبة تشمل التخييم، وجلسات السمر، وركوب الخيل والجمال، وقيادة السيارات الرباعية التي تعد خيارا رائعا لمن يرغبون في الاستمتاع بالقيادة على الرمال، ومن الأنشطة المصاحبة أيضا التزلج على الكثبان الرملية، وهو ما يجعل منها تجربة سياحية شيقة.

ويهدف موسم “شتاء السعودية” إلى تحويل المملكة إلى أيقونة سياحية عالمية قادرة على أن تُقدم لكل عشاق السفر حول العالم ما يتطلعون إليه من تنوع ثقافي وطبيعي، وخوض العديد من التجارب الواقعية المليئة بالبهجة والفريدة من نوعها لجميع الزوار من داخل وخارج المملكة.

وفتحت هيئة السياحة للعائلات والهواة وغير المحترفين من عشاق رياضة الهايكنغ الممتعة، مسارات ممهدة بين الجبال والمهاد بمسافات قليلة، يمارس فيها أفراد العائلة رياضة المشي محاطين بالطبيعة الساحرة التي تلبي طموحات جميع أفراد الأسر من مواطنين ومقيمين.

تقول أبرار العبيسي وهي ضمن فريق ومؤسسة الهايكنغ في الرياض عن مغامرات الهايكنغ، “إن المشاعر التي تنتاب الإنسان خلال ممارسته لرياضة الهايكنغ هي مشاعر جديدة تتأثر بالمكان وظروفه”، موضحة أن “تلك الرياضة لاقت الكثير من الاستحسان والقبول ومشاركة العديد فيها من فتيات وشباب، فهي لا تقتصر على جنس معين، فكل أسبوع تشارك معنا فتيات من مختلف الأعمار وبعد انتهاء الهايكنغ نبدأ معهن فقرات وأنشطة ترفيهية مختلفة”.

ويشكل منتزه الشرف بمحافظة تنومة في منطقة عسير، أحد المواقع السياحية الجديدة التي افتتحها الاتحاد السعودي للتسلق والهايكنغ في الخامس من مارس 2020، ليصبح بذلك محطة جديدة لمحبي هذه الرياضة الممتعة، وسط أحضان الطبيعية الساحرة التي تنعم بها هذه المنطقة والأجواء الشتوية اللطيفة، وأما “سودة عسير” فهي من أعلى القمم الجبلية في المملكة وأهم الأماكن الجاذبة لهواة الهايكنغ، لإطلالاتها الأخاذة وموقعها المتميز.

ويعد “جبل دكا” في منطقة الشفا بالطائف، أحد أبرز المناطق والوجهات السعودية لممارسة رياضة الهايكنغ، وهو امتداد لسلاسل جبال الحجاز التي ترتفع على سطح البحر بـ2500 متر تقريبا، وهو ما يجعلها من الأماكن المفضلة التي يحرص المشغلون السياحيون على تنظيم عدد من باقات الأنشطة السياحية فيها؛ لوجود المناطق الطبيعية الخلابة، والأجواء المميزة التي تحفّز الأشخاص على استكشافها وخوض المغامرات فيها.

ومن عشاق هذه الرياضة الناشط البيئي والأستاذ الجامعي عبدالله بن سليمان الفهد، الذي يحرص من خلال حساباته الشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على تعريف مستخدمي المواقع الإلكترونية بتلك الرياضة وإسداء النصائح للراغبين في ممارستها حيث ذكر على حسابه في تويتر في سلسلة تغريدات العديد من فوائد رياضة الهايكنغ ومنها مساهمتها في تقوية القدرات الذهنية لممارسيها، وأنها تجعل ممارسها يشعر بالمزيد من السعادة، وتساهم في تقوية علاقاته بالآخرين، وتشعل لديه روح الإبداع، بالإضافة إلى حرق المزيد من السعرات الحرارية في جسم الممارس لها، وتحسين قدراته على الاتزان.

إن قيود السفر والسياحة الدولية التي فرضها وباء كورونا، جعلت أنظار الشباب السعودي من عشاق السفر تتجه إلى اكتشاف جمال السياحة الداخلية في بلادهم، فمنذ أن أطلقت الهيئة السعودية للسياحة موسم صيف السعودية “تنفّس” في أواخر يونيو الماضي، أعلنت خطة متكاملة لجذب السياح إلى الداخل بدلا من السفر إلى الخارج، لتتواصل عملية الاستقطاب في موسم “الشتاء حولك”.

وكانت منطقة أبها ضمن قائمة الوجهات العشر لرياضة الهايكنغ التي حددتها هيئة السياحة، معيدة بذلك شريان “الحياة السياحية”، من خلال تنشيط “سياحة المغامرات”، خاصة مع بدء توافد عُشاق رياضات الهايكنغ والطيران الشراعي والمظلي، والقفز العمودي، والتي تتّخذ من أعالي الجبال موقعا للانطلاق نحو سلسلة من المشاهدات المختلفة والبهية لسفوح جبال عسير المعروفة بطبيعتها ومناظرها الساحرة.

وتنتظر هذه الجبال أن تستقطب أيضا آلاف السياح على مدار العام بعد انتهاء وباء كورونا، خاصة من عشاق هذه الرياضة، وهواة الأنشطة والألعاب الأخرى الأكثر إثارة ومغامرة ومتعة، مثل الطيران الشراعي وغيره.