شبهة فساد بشأن منح للدراسة تسلط المزيد من الضغوط على الدبيبة

طرابلس - أعلن مكتب النائب العام في ليبيا الخميس فتح تحقيق في مزاعم فساد مرتبطة بمنح للدراسة في تركيا أثارت موجة سخط شعبي بعدما نُشرت أسماء الطلاب المستفيدين وبينهم العديد من أقارب مسؤولين في الحكومة، وهو ما يسلط المزيد من الضغوط على حكومة عبدالحميد الدبيبة التي تواجه محاولات من مجلسي النواب والدولة لاستبدالها بحكومة جديدة.
وقال مكتب النائب العام في إيجاز صحفي إن “سلطة التحقيق تتقصى في تجاوز مبدأ المساواة بين المواطنين والإخلال بحق الأولوية في الحصول على المنافع، حيث نظرت النيابة في البلاغات المتعلقة بالتفويضات المالية بمبلغ يتخطى 14 مليون يورو لصالح 1895 طالبا موفداً للدراسة في جمهورية تركيا”.
وتم إيقاف أي إجراءات تتعلق بالتفويضات المالية موضوع البحث تمهيداً لإجراء مراجعة جنائية تهدف إلى توضيح عدالة الإجراءات الإدارية والمالية المتعلقة بها.
الحالة الأكثر إثارة للدهشة هي طالبة تبلغ من العمر 74 عامًا من أقارب قائد مجموعة مسلحة نافذة في طرابلس
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية وثائق مالية لم يتسن التأكد من صحتها، لمنح الطلبة الليبيين الموفدين للدارسة في تركيا، حيث أظهرت تلقي العديد من طلاب أقارب مسؤولين في الحكومة منحاً دراسية بطرق يعتقد أنها تنطوي على مخالفات مالية وإدارية.
وتسبّب الأمر في موجة سخط شعبية عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وارتفاع صوت المطالبين بالتحقيق وتحديد الطلبة الذين تم حذف أسمائهم الكاملة وألقابهم بغرض التمويه ونفي صلة قرابتهم بهؤلاء المسؤولين الحكوميين.
والمثير في قائمة الطلبة التي تداولتها مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي بشكل واسع، على سبيل المثال، تلقي منح مالية كبيرة لشقيقين يبلغان من العمر 57 و70 عامًا، يرافقهما 10 و15 فردًا من عائلاتهم على نفقة الدولة.
لكن الحالة الأكثر إثارة للدهشة هي طالبة تبلغ من العمر 74 عامًا من أقارب قائد مجموعة مسلحة نافذة في طرابلس.
وفي أعقاب قرار النائب العام أعلن الدبيبة تشكيل “لجنة تحقيق مكلفة بمراجعة قوائم المستفيدين والتحقق من آليات الاختيار المطبقة من قبل وزارة التعليم العالي”، وإعداد قائمة الطلاب المستفيدين الجدد في غضون 10 أيام، بحسب بيان صحفي.
وتعتمد الجامعات الخاصة التركية شروطا ميسرة من أجل قبول الطلبة الليبيين، ففيما تشترط الجامعات الحكومية معدلا لا يقل عن 80 في المئة في الشهادة الثانوية، بالإضافة إلى شهادة ما يسمى بـ”اليوس” تتضمن معدلا لا يقل تقريبا عن 85 في المئة، تكتفي الجامعات الخاصة التركية بأن يكون المعدل 50 في المئة في شهادة الثانوية بالإضافة إلى اللغة دون الحاجة إلى شهادة “يوس” أو “سات”.
ولا تعتمد الجامعات التركية على نتيجة شهادة الثانوية العامة لقبول الليبيين في جامعاتها ما يعني أن معدل شهادة الثانوية العامة لا يؤثر على حرية الطالب في اختيار الفرع الذي ترغب به، لذلك يستطيع الطالب الليبي الحاصل على معدل جيد أو مقبول الحصول على القبول الجامعي بالتخصص الذي يُريد.
في أعقاب قرار النائب العام أعلن الدبيبة تشكيل لجنة تحقيق مكلفة بمراجعة قوائم المستفيدين والتحقق من آليات الاختيار المطبقة من قبل وزارة التعليم العالي
كما أن تكاليف الدراسة المنخفضة في تركيا تناسب معظم الطلاب الليبيين الراغبين في الالتحاق بالجامعات التركية مقارنة مع الدول المتقدمة كما في أوروبا وأميركا، حيث تقدر تكاليف الدراسة في الجامعات الحكومية بما يقارب 500 إلى 2000 دولار سنوياً وذلك حسب التخصص والجامعة، بينما تقدر تكاليف الدراسة بالجامعات الخاصة بين 4000 إلى 8000 دولار سنوياً. وتختلف هذه الأرقام باختلاف التخصص الجامعي والجامعة المُراد الدراسة فيها.
وتعتبر تكاليف المعيشة مقبولة بالنسبة إلى الخدمات التي يجدها الطالب الليبي خلال دراسته في تركيا، حيث يتراوح متوسط إنفاق الطلاب الليبيين في تركيا حوالي 400 دولار شهرياً شاملة تكاليف السكن وغيرها.
كما يحصل الطالب على تخفيض يصل حتى 50 في المئة في مختلف المجالات، تحديداً المواصلات والمرافق الترفيهية بمجرد إبراز البطاقة الجامعية.
وتعد ليبيا الغنية التي يصل إنتاجها اليومي من النفط إلى 1.2 مليون برميل، وإيرادات شهرية تناهز 1.5 مليار دولار من مبيعات النفط، واحدة من أكثر الدول التي تعاني من فساد إداري ومالي على مستوى واسع.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، عانت ليبيا من الانقسامات والصراع السياسي، وتتنافس فيها حكومتان على السلطة، واحدة مقرها طرابلس (غرب) برئاسة الدبيبة منذ مطلع عام 2021، وأخرى عينها مجلس النواب في مارس العام الماضي.