شبكة إخبارية تنقل ما يجري في إدلب بلسان أميركي ناقم على ترامب

عبدالكريم يتنقل بحرية في مناطق خطرة على المراسلين الأجانب، وعلاقات الصحافي مع الفصائل تطرح أسئلة حول تحيزه.
الاثنين 2018/09/24
تغطية الخبر السوري مغامرة محفوفة بالمخاطر

بيروت - يستعين الأميركي بلال عبدالكريم بخارطة لمحافظة إدلب السورية من أجل أن يشرح باللغة الإنكليزية لمشاهديه في مقطع فيديو قصير الاتفاق التركي الروسي الأخير حول آخر معاقل الفصائل المقاتلة في سوريا حيث يعيش منذ سنوات.

وعكف عبدالكريم (47 عاماً) -واسمه الأصلي داريل لامونت فيلييس قبل اعتناقه الإسلام- خلال السنوات الست الأخيرة، على نقل أخبار المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا من حلب سابقاً إلى إدلب حالياً.

ويبث أخباره من مناطق استهدفتها الغارات أو من خطوط الجبهات الأمامية، أو يجري مقابلات مع مقاتلين من الفصائل ومن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتمكن من إنشاء شبكة علاقات مع الفصائل وهيئة تحرير الشام أتاحت له التنقل بسهولة في منطقة يتجنبها المراسلون الأجانب خشية عمليات الخطف. وأثار الأمر اتهامات له بأنه “مروج للجهاديين” أو “متعاطف” معهم وخصوصاً مع هيئة تحرير الشام التي تصنفها واشنطن تنظيماً “إرهابياً”.

وينفي عبدالكريم عبر تطبيقات سكايب وواتساب وفيسبوك ذلك، متهما في المقابل الحكومة الأميركية بمحاولة اغتياله في سوريا، ما دفعه إلى رفع دعوى ضدها.

ويصف عبدالكريم نفسه بأنه “الرجل الأسود والأصلع في وسط سوريا”، ويبث الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تويتر إلى يوتيوب وفيسبوك حيث لديه 80 ألف متابع.

بلال عبدالكريم عمل مع محطات تلفزيونية مهمة بينها {سي.أن.أن}، قبل أن يؤسس في 2015 شبكة "أخبار من الأرض"

وفي فيديو بثه قبل أيام على صفحته “أخبار من الأرض”، يخرج عبدالكريم لتحليل الاتفاق الروسي التركي الذي ينص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب تجنبها عملية عسكرية لقوات النظام.

وينظر عبدالكريم مرتدياً بزة رسمية إلى الكاميرا، ويتوجه إلى المشاهدين بالقول “في هذا الاتفاق، هذا الاتفاق تحديداً، لا يستطيع أحد القول إن الفصائل ليست فائزة”.

ونشأ عبدالكريم قرب منطقة البرونكس في مدينة نيويورك. وكان أكثر ما يحب القيام به هو مشاهدة فيلم “روكي” للممثل الأميركي سيلفستر ستالون وتناول الوجبات في المطاعم الإيطالية.

واعتنق عبدالكريم الإسلام قبل نحو 15 عاماً، لينتقل في العام 2002 إلى الشرق الأوسط قبل أن يتزوج في مصر وينجب أطفالاً يرفض الكشف عن مكانهم لأسباب أمنية.

وفي العام 2012، ومع تحول حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى نزاع مسلح، انتقل إلى سوريا قادماً من ليبيا.

وعمل في بادئ الأمر مع محطات تلفزيونية مهمة بينها “سي.أن.أن”، قبل أن يؤسس في 2015 شبكة “أخبار من الأرض” مع تزايد “الشكوك” حول مواقفه السياسية، على حد قوله.

ويوضح “لدي علاقات عمل جيدة مع كل الفصائل، وهذا لا يعني أنني أتفق مع كل شيء تقوم به (هذه الفصائل) أو أنها تتفق مع كل ما أقوم به”.

ويبدأ عبدالكريم يومه عند الساعة الرابعة والنصف صباحاً مع صلاة الفجر، قبل أن يخرج للتحقق من أن أحداً لم يزرع في سيارته عبوة ناسفة، ثم ينطلق إلى عمله الذي تحدده مجريات الأحداث.

صحافي أميركي على خطوط الجبهة في إدلب
صحافي أميركي على خطوط الجبهة في إدلب

قد يجد نفسه أحياناً يتنقل على متن دراجة نارية إلى خطوط الجبهة الأمامية واضعاً في قميصه مذياعاً صغيراً من دون أن يرتدي سترة حماية، أو قد يقتصر يومه على شرب كأس من الشاي مع مقاتلين متشددين.

ويقول عبدالكريم “أذكر أنني خضت نقاشات عميقة جداً مع عناصر في تنظيم القاعدة حول أميركا والأميركيين والنظام الديمقراطي”.

وعرض أن يلعب دور الوسيط بين القوى الغربية والمقاتلين في إدلب، مشددا على أن “ليست لديهم أنياب ترشح دماً ولا يريدون أن يأكلوا أطفال أميركا”.

وعبدالكريم ليس الأميركي الوحيد في إدلب، بل يقول “يوجد بعض الأميركيين هنا وجميعهم من المقاتلين”.

ويصر عبدالكريم على البقاء في إدلب حتى اللحظة الأخيرة. ويتذكر تجربته في مدينة حلب حيث كان برفقة الآلاف من المقاتلين المعارضين والمدنيين الذي خرجوا من أحياء المدينة الشرقية في نهاية العام 2016 إثر عملية عسكرية ثم اتفاق مع القوات الحكومية. وفي حال تكرر السيناريو ذاته في إدلب، يقول عبدالكريم “سأكون بين آخر المغادرين”.

وبعد 16 عاماً على مغادرته الولايات المتحدة، يشتاق عبدالكريم إلى أمور بسيطة جداً بينها التحدث باللغة الإنكليزية وحبوب الإفطار المليئة بالسكر. لكنه يخشى اليوم أنه لم يعد يعرف بلده أساساً بعد وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في 2016. ويقول “يبدو أن أميركا اليوم ليست أميركا التي نشأت فيها”.

وأكثر من يربط عبدالكريم اليوم ببلاده شقيقتُه والدعوى التي رفعها في العام 2017 ضد ترامب وعدد من المسؤولين الأميركيين متهماً إياهم بمحاولة اغتياله خمس مرات. ويروي أنه في إحدى المرات “جرى استهداف سيارتي بغارة من طائرة مسيرة”، مضيفاً “طارت السيارة من مكانها وسقطت على جانبها”.

ويطالب عبدالكريم الحكومة الأميركية بالكفّ عن استهدافه. ويتهم واشنطن بـ”تشويه” الحقائق في سوريا، مشيرا إلى أن “على الأميركيين أن يعلموا ماذا تفعل حكومتهم”. ويقول الرجل الملتحي “أنا لست في أميركا لأن ما أقوم به في سوريا هو باعتقادي الأمر الصحيح”. ويضيف “إذا كان باستطاعتي القيام بشيء يساعد الناس على رؤية الحقيقة، فلِمَ أعود إلى أميركا اليوم؟”.

18