سيطرة إيلون ماسك على تويتر تفتح الباب لمراقبة المستخدمين وتتبّعهم

كاليفورنيا (الولايات المتحدة)- حذر نشطاء وجماعات في مجال الحقوق الرقمية من التسريح الجماعي الذي قرره إيلون ماسك ضمن إدارته لموقع تويتر، بمن في ذلك خبراء حقوق الإنسان العاملون في المراكز الإقليمية، ما يعرّض منتقدي الحكومات والشخصيات المعارضة للخطر.
ويتخوّف الخبراء من احتمال أن يعني تغيير الأولويات وخسارة العمال ذوي الخبرة أن تويتر سيخضع لطلبات المسؤولين المتزايدة التي ترِد من مختلف أنحاء العالم وتدعوه إلى الحد من المنشورات الناقدة وتسليم بيانات المستخدمين.
وقالت آلي فونك مديرة الأبحاث للتكنولوجيا والديمقراطية في “بيت الحرية” (Freedom House)، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، “كان من المفترض أن يتم التركيز على جعل المنصة أكثر أمانا لمستخدميها”.
ومؤخّرا سرّح تويتر حوالي نصف موظفيه البالغ عددهم 7500، بعد صفقة شراء أبرمها ماسك بقيمة 44 مليار دولار. وقال ماسك إن “التزام تويتر القوي بتعديل المحتوى لن يتغير”.
وكان رئيس قسم السلامة والنزاهة في منصة تويتر يوئيل روث قد قال إن “قدرة المنصة على إدارة المضايقات وخطاب الكراهية لم تتأثر ماديا بتغييرات الموظفين”. وغادر روث تويتر بعد تصريحاته.
ومع ذلك أثار خبراء حقوقيون مخاوف بشأن خسارة فرق الحقوق والأخلاقيات والتخفيضات الكبيرة في المقار الإقليمية، بما في ذلك المقار الموجودة في آسيا وأفريقيا.
كما تنتشر مخاوف من زيادة المعلومات الكاذبة والمضايقات مع خسارة الموظفين من ذوي المعرفة بالحقائق واللغات المحلية.
وقالت مارلينا ويسنياك، المحامية التي عملت في تويتر في مجال حقوق الإنسان وقضايا الحوكمة حتى أغسطس، إن “الخطر حاد خاصة بالنسبة إلى المستخدمين الموجودين ضمن الأغلبية العالمية (الأشخاص غير البيض وأولئك الموجودون في جنوب الكرة الأرضية) وفي مناطق الصراع”.
وقالت نيغات داد، وهي ناشطة باكستانية في مجال الحقوق الرقمية تدير خطّا هاتفيا لمساعدة النساء اللاتي يواجهن التحرش على وسائل التواصل الاجتماعي، إن “تأثير تقليص عدد الموظفين أصبح محسوسا بالفعل”.
وعندما كان يتم انتحال شخصية المعارضات السياسيات أو الصحافيات أو الناشطات في باكستان على الإنترنت أو يتعرضن لمضايقات كانت مجموعة داد تعتمد خطا مباشرا على تويتر.
لكن منذ أن أمسك إيلون ماسك بزمام الأمور لم يستجب تويتر لطلبات الناشطة الباكستانية التي تدعو الموقع إلى إزالة مثل هذا المحتوى عالي الخطورة إزالة فورية، حسب ما أكدته داد التي تنتمي إلى مجلس الثقة والأمان التابع لمستشاري الحقوق المستقلين في تويتر.
وقالت “أرى تغريدات إيلون وأعتقد أنه يريد فقط أن يكون تويتر مكانا لجمهور الولايات المتحدة، وليس منصة آمنة لبقية العالم”.
وبينما هو بصدد إعادة تشكيل تويتر يجد ماسك نفسه في مواجهة أسئلة صعبة حول كيفية التعامل مع مطالب الإزالة الواردة إليه من سلطات مختلف البلدان، خاصة البلدان التي طالب المسؤولون فيها بمحو محتوى الصحافيين والنشطاء الذين ينتقدونهم.
وكتب ماسك على تويتر في مايو الماضي أنه سيتبع “قوانين البلدان التي يعمل فيها تويتر”.
وقال أحدث تقرير عن الشفافية على تويتر في النصف الثاني من 2021 إنه تلقى ما يقرب من 50 ألف طلب إزالة قانوني لحذف المحتوى أو منعه من العرض داخل بلد الطالب.
وذكر التقرير أن الكثير من هذه المطالب استهدفت المحتوى غير القانوني مثل إساءة معاملة الأطفال أو الاحتيال، لكن البعض الآخر يهدف إلى قمع النقد المشروع. وأشار إلى حدوث “زيادة مطردة” في المطالب ضد الصحافيين ووسائل الإعلام.
وأضاف أن الإدارة تجاهلت ما يقرب من نصف المطالب، حيث لم يتبين أن التغريدات انتهكت قواعد تويتر.
وقال بيتر ميسك، المستشار العام لمجموعة الحقوق الرقمية أكسس ناو، إن “الالتزام بالقوانين المحلية لا ينتهي دائما باحترام حقوق الإنسان. تحتاج إلى سياقات محلية لاتخاذ هذه القرارات الصعبة، وتحتاج إلى عيون على الأرض”.
وأثار تغيير القيادة والتسريحات مخاوف أكثر بشأن المراقبة في الأماكن التي كان فيها تويتر أداة رئيسية للتعبئة بالنسبة إلى النشطاء والمجتمع المدني.
ويمكن أن يُطلب من منصات الوسائط الاجتماعية تسليم بيانات المستخدمين الخاصة عن طريق أمر صادر عن محكمة أو إثر اتخاذ إجراءات قانونية أخرى.
وقال موقع تويتر إنه سيرفض الطلبات “غير المكتملة أو غير الملائمة”، حيث أظهر تقرير الشفافية الأخير أنه رفض أكثر من نصف طلبات معلومات الحساب في النصف الثاني من 2021 أو ضيَّق نطاقها.
وعانت فرق تويتر خارج الولايات المتحدة من تخفيضات كبيرة في العاملين، إذ ذكرت تقارير إعلامية أن 90 في المئة من الموظفين في الهند أقيلوا، إلى جانب معظم الموظفين في المكسيك وتقريبا جميع موظفي المكتب الأفريقي الوحيد للشركة في غانا.
وأثار ذلك مخاوف بشأن المعلومات المضللة عبر الإنترنت وخطاب الكراهية حول الانتخابات المقبلة في تونس خلال ديسمبر ونيجيريا في فبراير وتركيا خلال يوليو، وكلها شهدت عددا من الوفيات المرتبطة بالانتخابات أو الاحتجاجات.
وقالت منظمات مجتمع مدني إن ما يصل إلى 39 شخصا قتلوا في أعمال عنف انتخابية أثناء الانتخابات الرئاسية النيجيرية سنة 2019.
وقال بيتر ميسك إن تعيين مشرفين على المحتوى يتحدثون لغات محلية “ليس رخيصا… لكن يمكن أن يساعدك على عدم المساهمة في الإبادة الجماعية”، في إشارة إلى خطاب الكراهية على الإنترنت الذي قال نشطاء إنه أدى إلى أعمال عنف ضد الروهينغا في ميانمار وضد الأقليات العرقية في إثيوبيا.
وتقول المنصات إنها استثمرت بكثافة في الاعتدال والتثبت من الحقائق.
وقال كوفي يبواه، الباحث في الحقوق الرقمية في غانا، إن موظفي تويتر المفصولين أخبروه بأنه تم تسريح كامل فريق الإشراف على المحتوى الأفريقي.
وتابع يبواه “كان تعديل المحتوى مشكلة من قبل، لذلك فإن أحد الشواغل الرئيسية الآن هو الانتخابات المقبلة في دول مثل نيجيريا. سنواجه مشكلة كبيرة في التعامل مع خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والمغلوطة”.
• اقرأ أيضا:
هل ينهي مالك تويتر الجديد سيطرة الجيوش الإلكترونية على الهاشتاغات العربية