سيرة الواقف لخمسين عاماً وراء الكاميرا وفي رصيده أكثر من 200 فيلم تسجيلي

الفنان محمود عبدالسميع صور أكثر من 200 فيلم تسجيلي منذ عام 1966 حتى الآن تُعبر عن قضايا اجتماعية وبيئية ومناسبات تاريخية.
الأربعاء 2019/01/02
مسيرة لم تكن سهلة في عالم السينما

نادرا ما نجد من يهتم بسير جنود الخفاء في الأعمال السينمائية، من يقفون خلف الكاميرا، وصناع الصورة الفنية الحقيقيون، وإن تناولت بعض الدراسات سير بعض المخرجين، فإنه لم يتم التطرق إلى سير المصورين السينمائيين بنفس الاهتمام رغم دورهم المحوري.

ضياء حامد

القاهرة – يأتي كتاب “محمود عبدالسميع- ما وراء الصورة” للكاتب والناقد وليد سيف إبحارًا في كواليس صناعة الصورة السينمائية من خلال أحد كبار مبدعيها، محمود عبدالسميع، وإبحارًا في عالم هذا المبدع وكيف تشكلت موهبته مع إلقاء الضوء على مشاهد أساسية من حياة ارتبطت بإبداعه.

بدأ محمود عبدالسميع العمل كمدير تصوير قبل تخرجه من كلية الفنون التطبيقية عام 1966 من خلال العمل في الأفلام التسجيلية والتجريبية في شركة فلمنتاج برئاسة سعدالدين وهبة، وكان أول أفلامه فيلم “الإيقاع” و”صناع النغم” إخراج صبحي شفيق، ولم يعمل مساعدا مع مصورين آخرين. كما اشتهر باستخدام الكاميرا المحمولة على اليد، وكان هذا استخداما جديدا في السينما المصرية سنة 1968.

صوَّر أكثر من 200 فيلم تسجيلي منذ عام 1966 حتى الآن تُعبر عن قضايا اجتماعية وبيئية ومناسبات تاريخية، وأفلاما عن شخصيات وفنانين في مجالات متنوعة وأفلاما عن الحضارة المصرية في كل العصور، وكان أول مصور سينمائي يدخل جبهة القتال (حرب الاستنزاف يوليو 1969) وأثناء وقف إطلاق النار حتى انتصارات حرب أكتوبر، حيث صور أكثر من 17 فيلمًا تُعبر عن تلك الفترة.

اللقطة الأولى التي يطلعنا عليها له كطفل صغير يذهب إلى سينما النصر بقويسنا، ويشاهد فيلم ريا وسكينة فينبهر بالصورة وحركة الضوء المؤثرة، وينجذب إلى عالم السينما السحري، ويعود من قويسنا إلى بيجيريم القرية التي يعيش بها ويظل يتساءل في نفسه ما منبع هذا السحر، وكيف يتحقق؟

تشبعت عين عبدالسميع وروحه بمشاهد من ريف الصعيد والدلتا؛ حيث تنتقل الأسرة مع الأب من بلد إلى بلد وأخيرا يحط الرحال في القاهرة حيث رافقت الأسرة كلها ابنها الأكبر الذي يدرس بكلية الفنون الجميلة.

في كواليس صناعة الصورة السينمائية
جولة في كواليس صناعة الصورة السينمائية

يزداد ارتباطه بعالم السينما؛ فلا يكتفي بالقراءة بل يحرص على حضور أي ندوة في السينما يسمع عنها، كما جمعته الصداقة بمجموعة من الشباب المحبين للسينما في نفس عمره، ومنهم ممدوح شكري زميله بالثانوية العامة الذي كان يحلم بدراسة الإخراج بمعهد السينما، وكذلك أحمد متولي الذي كان يعمل بشركة مقاولات لخاله في نفس العمارة.

مسيرة عبدالسميع لم تكن سهلة في عالم السينما حيث لم يقبل مباشرة للدراسة بمعهد السينما وقتها، لكنه واصل حلمه ليصبح من أهم المبدعين في عالم الصورة السينمائية.

كان محمود عبدالسميع يميل إلى الأفلام التي تتحدث عن المجتمع ومشاكله ولا يميل إلى الأفلام ذات الطبيعة التوثيقية الخالصة دون رؤيا أو وجهة نظر أو فكرة أو مضمون.

في يوليو 1969 في مركز الثقافة السينمائية، وكان اسمه مركز التعاون السينمائي العربي وقتها، تكونت جماعة السينما الجديدة وجماعة السينمائيين التسجيليين وجماعة السينمائيين العرب وجماعة مديري التصوير السينمائي، وكان عضوا مؤسسا فيها جميعها.

وأثناء حرب الاستنزاف، قابله فؤاد التهامي وسأله هل يمكن أن تسافر الجبهة لتصور أفلاما هناك عن المقاومة وحرب الاستنزاف؟ تحمس للسفر إلى الجبهة وسافر في يوليو 1969، وكان أول تصريح لكاميرا سينما تذهب إلى الجبهة هي كاميرته.

نجاحات محمود وإنجازاته في عالم الصورة جعلته الاسم الذي يرشحه المركز لأي مخرج جديد لديه رؤية جديدة ويسعى لتحقيق صورة مختلفة لأفلامه، وخاصة من الدارسين بالخارج، ومنهم حسين فهمي الذي تحمس كثيرًا للعمل معه بعد أن اطلع على أفلامه، وقاموا بالإعداد الكامل لتصوير فيلم من إخراج حسين فهمي الذي اعتذر في آخر لحظة لتعاقده على بطولة فيلم “خلي بالك من زوزو” واتجاهه كلية للتمثيل.

وكانت أول تجربة لعبدالسميع في السينما الروائية مع المخرج علي رضا، الذي رآه في قمة الوعي بلغة الكاميرا وعندما رآه لاحقا كمدير للتصوير في أحد الأفلام، قال باعتزاز “لقد تحققت توقعاتي”.

جدير بالذكر أن كتاب “محمود عبدالسميع- ما وراء الصورة” لمؤلفه وليد سيف، صدر مؤخرا عن صندوق التنمية الثقافية بالقاهرة.

15