سياسة بايدن الخارجية.. انطلاقة "ضعيفة" لا تخلو من أخطاء

واشنطن - أظهرت إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن للعالم أنها ستكون مكملة لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، لكن من دون رجل الواجهة الكاريزمي.
ولم تكن انطلاقة السياسة الخارجية لبايدن في الأيام الأولى من إدارته بالقوة المتوقعة في رأي الخبير السياسي الأميركي كريستيان وينتون.
وبدأ فريق السياسة الخارجية لبايدن بتوجيه أولوياته نحو القوى الصاعدة في آسيا، عوضا عن الشرق الأوسط.
ولا تزال دول الشرق الأوسط تترقب الاستراتيجية التي سيتبناها الرئيس الأميركي الجديد من أجل مواجهة الحرائق التي تنشب في المنطقة، علاوة على الخلافات التي تعصف باستقرارها، بالرغم من أن الرئيس الديمقراطي كان تعهد بتغيير السياسات الأميركية في الشرق الأوسط التي وضعها سلفه دونالد ترامب، بما في ذلك العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران الموقع سنة 2015.
وحرص الرئيس الأميركي مع تسلم منصبه على التواصل مع زعماء أوروبيين وآسيويين، فيما لم يسجل له اتصال مع الدول الحليفة في الشرق الأوسط.
وكانت مكالمات بايدن الأولى مع قادة كندا والمكسيك والمملكة المتحدة، وتحدث مع رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا هذا الأسبوع.
ويضيف وينتون، الذي عمل في السابق مستشارا لإدارتي الرئيسين السابق دونالد ترامب والأسبق جورج دبليو بوش في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية وأحد كبار الباحثين بمركز ناشونال إنتريست، أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب رفضت تمديد معاهدة "نيو ستارت" النووية مع روسيا دون إحداث تحسينات كبيرة. وبدلا من ذلك، كان الرئيس فلاديمير بوتين يأمل في تمديد المعاهدة القائمة لمدة عام واحد. وقد منحه بايدن خمسة أعوام دون مقابل.
وقال وينتون إن بايدن كرر القصة نفسها بقراره الانضمام مجددا إلى اتفاق باريس للمناخ، والذي إذا دخل حيز التنفيذ لن يتطلب سوى القليل من دول مثل الصين، ولكن سيتطلب الكثير من الولايات المتحدة.
ويشير وينتون إلى أن بايدن يدير دفة الأمور وفقا لما يفعله الديمقراطيون غالبا في السياسة الخارجية، مثل الأشخاص الذين يفهمون الدبلوماسية والحاجة إلى التشاور مع "الحلفاء التقليديين".
وشهدت الحدود البرية للولايات المتحدة إجراء أحادي الجانب أيضا، جرى تصميمه بشكل مشابه لتحقيق رغبة معينة لليسار بدلا من محاولة دبلوماسية حقيقية.
وسعى بايدن إلى وقف جميع عمليات الترحيل تقريبا قبل أن يوقف قاض فيدرالي هذا الاجتزاء في قانون الهجرة الأميركي، بالإضافة إلى الوعد بنوع من العفو عن المهاجرين غير الشرعيين، والذي لا يمكن إلا أن يكون نقطة جذب للمزيد.
ويوضح وينتون أنه في حين أن القادة المكسيكيين ملزمون سياسيا بدعم جانب الضعف الأميركي في ما يتعلق بالهجرة علنا، فإن الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في مجلسه الخاص لا يكن في نفسه تقديرا لاحتمال تسبب بايدن في حدوث موجة أخرى من المهاجرين غير الشرعيين، من أميركا الوسطى إلى المكسيك في طريقها إلى الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن يبدأ ذلك دون أي اتصال هاتفي على سبيل المجاملة.
ويرى وينتون أن أكبر الأخطاء في سياسة بايدن الخارجية حتى الآن تتعلق بالصين، فلم يستطع وزير الدفاع لويد أوستن ذكر الصين بالاسم في تصريحاته بعد توليه منصبه، مشيرا بشكل غير مباشر فقط إلى معارضة "المحاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في بحر الصين الشرقي"، والعودة إلى الحديث عن القضايا العالمية كما في عهد أوباما حول "أهمية الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد"، وهو أمر تخيلي.
وعاد المسؤولون في إدارة بايدن أيضا إلى لغة عهد أوباما بشأن تايوان، وبدلا من الوقوف بشكل لا لبس فيه مع الديمقراطية الرأسمالية السلمية التي تهددها بكين بالحرب بشكل فج، عادت الإدارة إلى دعوات "لحل سلمي للقضايا عبر المضيق". ولم يكن بوسع بكين أن تتفق أكثر مع هذا التكافؤ الأخلاقي الضمني واقترحت الفتح السلمي.
وذكر موقع "واشنطن فري بيكون" أن كورت كامبل مسؤول البيت الأبيض المعني بشؤون آسيا، كان حتى أغسطس 2020 "قائدا بارزا في مجموعة غير ربحية تم تمويلها من قبل رئيس مجموعة دعاية صينية تستخدم كواجهة وتشارك مع بعثة أجنبية صينية".
كما تبين أيضا أن ليندا توماس جرينفيلد، مرشحة بايدن لشغل منصب سفيرة الأمم المتحدة، تحدثت في عام 2019 في معهد كونفوشيوس الممول من الصين في جورجيا، وأثنت مرارا على دور بكين في أفريقيا.
وقالت توماس جرينفيلد "لا أرى ثمة سببا يمنع الصين من المشاركة في تلك القيم"، مشيرة إلى القيم التي يجب على الولايات المتحدة تعزيزها في أفريقيا.
كما رأت أن "وضع لا غالب ولا مغلوب ممكن"، وأن "الصين والولايات المتحدة يمكن أن تتعلما الكثير من بعضهما البعض".
وكان بايدن الذي لا يزال يكافح الدولة العميقة، قد أقال مايكل باك، الذي مضى أقل من عام على توليه منصبه المحدد بثلاث سنوات كمدير تنفيذي للوكالة الأميركية للإعلام العالمي.
وكبديل لباك استعان بايدن بكيلو تشاو، البيروقراطية منذ فترة طويلة في إذاعة "صوت أميركا".
وسعت تشاو في الماضي إلى الشراكة مع وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" الناطقة باسم الصين، وألغت مقابلة رفيعة المستوى مع الرئيسة التايوانية تساي إنج ون، وهي مقربة أيضا من الرئيس التايواني السابق ما ينج جيو، الذي فضل إعادة توحيد تايوان مع الصين. وكأول عمل لها، طردت تشاو رؤساء ثلاث شبكات إذاعية يُفترض أنها مستقلة، سعت إلى أن تكون صارمة مع الصين وإيران وروسيا.
ووفقا لوينتون فإن هناك تساؤلات تطرح نفسها عما ستجلبه الأيام القريبة التالية من إدارة بايدن.