سياسة أرامكو النفطية تنعكس على سعر أسهمها

صافي الدخل بلغ 29.07 مليار دولار وذلك بسبب تأثير انخفاض الكميات المبيعة من النفط الخام وضعف هوامش أرباح أعمال التكرير.
الخميس 2024/08/08
أرامكو ستكون آخر الصامدين

الرياض - أعلنت شركة أرامكو السعودية عن تحقيق أرباح بقيمة 29.07 مليار دولار في الربع الثاني من العام 2024، بتراجع نسبته 3.4 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما تواصل المملكة خفض إنتاجها. ويبلغ إنتاج السعودية حاليا ما يقارب تسعة ملايين برميل يوميا أي أقل من قدرتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يوميا.

وقالت المجموعة العملاقة، خامس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، والمملوكة بشكل كبير للدولة التي تعد أكبر مصدّر للنفط، في بيان على موقع البورصة السعودية "تداول" إنّ "صافي الدخل بلغ 29.07 مليار دولار للربع الثاني من العام 2024"، مشيرة إلى أنّ ذلك بسبب "تأثير انخفاض الكميات المبيعة من النفط الخام وضعف هوامش أرباح أعمال التكرير". وجاء ذلك بعدما تراجع صافي أرباح الشركة في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 14.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

قال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر في بيان "بفضل الله، واصلت أرامكو السعودية تحقيق أداء مالي قوي مع أرباح وتدفقات نقدية قوية خلال النصف الأول من العام، ما انعكس بدوره على تقديم توزيعات أرباح أساسية مستدامة ومتزايدة".

وأعلنت الشركة العملاقة توزيعات أرباح أساسية للربع الثاني من العام 2024 بقيمة 20.3 مليار دولار وتوزيعات أرباح مرتبطة بالأداء بقيمة 10.8 مليار دولار سيتم دفعها في الربع الثالث.

وتقول المحللة الاقتصادية إيرينا سلاف في تقرير لموقع "أويل برايس" الأميركي "كانت تخفيضات إنتاج أرامكو سببا في انخفاض أسهم الشركة خلال الأشهر القليلة الماضية، بينما شهدت شركات النفط الكبرى الأخرى ارتفاعا في أسعار أسهمها. لكن أرامكو ستكون على المدى الطويل 'آخر الصامدين' في مجال النفط".

◙ 9 ملايين برميل إنتاج السعودية يوميا من النفط أي أقل من قدرتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل
◙ 9 ملايين برميل إنتاج السعودية يوميا من النفط أي أقل من قدرتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل

واستعرضت منصة بلومبيرغ مؤخرا بالتفصيل أداء أسهم الشركة الحكومية السعودية، مشيرة إلى أن أسهم أرامكو قد انخفضت بنسبة 17 في المئة منذ بداية العام، بينما زادت إكسون على سبيل المثال 17 في المئة. وشهدت شل ارتفاع أسهمها بنسبة 4.6 في المئة.

لكن التقرير أشار إلى كون أرامكو شركة مختلفة تماما عن إكسون أو شل لأن الدولة السعودية لا تزال تملك أغلب الحصص فيها. ويمكنها بذلك توجيه إستراتيجية الشركة، وهو ما تفعله بالضبط. ويجدر ذكر أن تخفيضات إنتاج أرامكو ساهمت في إبقاء الأسعار فوق مستوى معين، مما ساعد إكسون وشل وبقية شركات النفط الكبرى على الاستمرار في تسجيل أرباح أعلى.

وتشير أخبار حركة الأسهم أيضا إلى أن أرامكو لا تحظى بشعبية خاصة بين مستثمري النفط. لكن الشركة أصدرت مؤخرا طرحا ثانويا للأسهم، وحقق مليار دولار أكثر مما كان مخططا له في البداية. وأبرز بذلك أنها تتمتع بشعبية كبيرة لدى المستثمرين غير السعوديين الذين تمكنوا من الاستيلاء على نصف الأسهم المعروضة.

وقال حسنين مالك، رئيس أبحاث إستراتيجية الأسهم في شركة معلومات السوق تيليمر ومقرها دبي، لبلومبيرغ إن "أرامكو ستكون واحدة من آخر منتجي النفط الدائمين بعد انتقال طويل إلى مصادر الطاقة المتجددة وعائد توزيعات الأرباح أعلى بكثير من نظرائها الرئيسيين في مجال النفط. لكن نموها يعوقه على المدى القريب تحمل السعودية عبء ضبط إنتاج أوبك+ في حين لا تخضع الشركات الكبرى لمثل هذه القيود".

وأوضحت أرامكو في الواقع أنه على الرغم من بعض الاستثمارات في المجالات غير النفطية مثل شركة لوسيد موتورز لصناعة السيارات الكهربائية، إلا أنها تبقى مكرسة لأعمالها الأساسية التي تعتبر أنها ستصمد خلال عملية الانتقال. وتشترك معها في هذه النظرة شركات النفط الوطنية الأخرى في الشرق الأوسط أيضا. وأعلنت الشركة السعودية قبل شهر واحد فقط عن سلسلة من اكتشافات النفط والغاز الجديدة التي أشارت إلى أنها ستستثمر في تطويرها، حتى مع استمرار التخفيضات.

◙ أرامكو تتمتع بأقل تكاليف إنتاج في العالم إضافة إلى وصولها إلى المزيد من موارد النفط والغاز غير المستغلة لتطويرها

وتتمتع أرامكو بأقل تكاليف إنتاج في العالم إضافة إلى وصولها إلى المزيد من موارد النفط والغاز غير المستغلة لتطويرها. ويضاعف هذا صافي أرباحها حتى عندما تنخفض الأسعار الدولية. وكما أشارت مجلة الإيكونوميست في كشف عن الشركة الحكومية السعودية، تعني هذه التكاليف المنخفضة أيضا انخفاض الانبعاثات، والتي يمكن أن تزداد أهميتها في عالم يدقق فيه بعض مستوردي النفط في الأخلاقيات المرتبطة بنفطهم الخام.

وتكمن أكبر نقاط ضعف أرامكو في ملكية الدولة السعودية لأغلبية أسهمها. وتقصر هذه الملكية بالأغلبية تصرفات الشركة على تلك التي من شأنها أن تفيد الدولة فقط. وهي تضغط على الشركة لمواصلة إنتاج أرباح كبيرة لأن الميزانية السعودية تحتاجها لبرنامج التنويع الاقتصادي الطموح الذي يقوده الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد محمد بن سلمان.

وكانت الحكومة هي التي أمرت بالتخفيضات، وهي التي أمرت بتعليق برنامج توسيع الطاقة الإنتاجية خلال السنة الحالية. لكن يمكن للمرء أن يجادل بأن ما يفيد أكبر مساهم في الشركة السعودية سينفع صغار المساهمين أيضا. ويؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى ارتفاع الأرباح، مما يحقق عائدات كبيرة يرحب بها المستثمرون الأفراد مثلهم مثل المستثمرين المؤسسين والسياديين.

يُذكر أن سهم أرامكو خسر17 في المئة خلال الأشهر الـ12 الماضية، وتحرك بتزامن نسبي مع أسعار النفط التي انخفضت بنسبة 10 في المئة خلال 2023. ولا تزال الشركة تسدد أرباحها وتستكشف المزيد من النفط والغاز، وتتوقع أن تبلغ الاستثمارات الرأسمالية لسنة 2024 ما يتراوح بين 48 و58 مليار دولار، مع النمو حتى منتصف العقد الحالي تقريبا.

10