سياسات تونسية متفائلة حيال إحكام السيطرة على التضخم

البنك المركزي يتمسك باتباع سياسة نقدية حذرة وذلك من خلال الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير.
الاثنين 2025/02/24
العرض موجود والإقبال محدود

تونس - بدت السلطات التونسية متفائلة حيال قدرة سياساتها المتبعة على إحكام السيطرة على التضخم بشكل أكبر بنهاية الربع الأول من هذا العام، بعد أن تسبب ارتفاع الأسعار في الضغط على القدرة الشرائية مع زيادة غير مسبوقة في التكاليف منذ ثلاث سنوات.

وتوقعت وزارة التجارة وتنمية الصادرات في أحدث تقييم لها الأحد، تواصل تراجع نسبة التضخم خلال شهري فبراير ومارس 2025 وتسجيل انخفاضات إضافية في أسعار المواد الاستهلاكية الحساسة بالتزامن مع شهر رمضان.

وكانت نسبة التضخم قد تراجعت خلال شهر يناير الماضي إلى حدود 6 في المئة بعد أن كانت في حدود 6.2 في المئة الشهر السابق له، ونحو 7.8 في المئة بنهاية العام 2023.

وشهدت السوق المحلية ارتفاعا في معدلات التضخم منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في أواخر فبراير 2022، حيث وصلت إلى 10.1 في المئة خلال 2022 على أساس سنوي، ولكنها بدأت في التقهقر منذ مطلع العام الماضي.

وبررت وزارة التجارة المنحى التنازلي المتواصل لهذه النسبة إلى ما يقارب 23 شهرا (منذ مارس 2023) بحسب وثيقة صادرة عنها وأوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، بتواصل الجهود المبذولة للحد من وتيرة ارتفاع الأسعار وترشيدها.

وبنت الوزارة توقعاتها لتسجيل تراجع في نسب التضخم في الشهرين الحالي والمقبل ارتكازا إلى قراراتها بتجميد الزيادات في أسعار المواد المسعرة من قبلها وترشيد الزيادات في أسعار المواد الحرة أو تجميدها.

واستندت في مؤشراتها أيضا إلى تواصل موسم التخفيضات الشتوية (الصولد) إلى أواخر الشهر الحالي، مع إمكانية التمديد فيه إلى منتصف مارس المقبل، مع اعتماد تخفيضات استثنائية بالتنسيق مع تجار الملابس والأحذية بخصوص مشتريات عيد الفطر.

◙ المنحى التنازلي مرده الجهود المبذولة للحد من وتيرة ارتفاع الأسعار وترشيدها
◙ المنحى التنازلي مرده الجهود المبذولة للحد من وتيرة ارتفاع الأسعار وترشيدها

كما ارتكزت تحاليل الوزارة على تمديد العمل توافقيا بالأسعار القصوى للحوم الدواجن والبيض بالتنسيق مع القطاع والانخراط في تخفيضات تلقائية من طرف المهنيين في قطاع اللحوم الحمراء خلال فترات نهاية الأسبوع.

وفضلا عن ذلك، التدخل لاعتماد أسعار تفاضلية للحوم المبردة الموردة من شركة اللحوم لا تتجاوز 35.5 دينارا (11.26 دولارا) للكيلوغرام من لحوم الأبقار و38.2 دينارا (12.12 دولارا) للكيلوغرام من لحوم الضأن.

وعلاوة على ذلك، العمل على تنظيم عروض إضافية خاصة باللحوم المحلية بنقاط البيع التابعة للوزارة في حدود 34.5 دينارا (10.94 دولار) للكيلوغرام للحوم الأبقار و42 دينارا (13.32 دولارا) بالنسبة للكيلوغرام من لحوم الضأن.

ومن ضمن عوامل تراجع التضخم لشهري فبراير ومارس، تتجه الوزارة بتسقيف هوامش الربح والأسعار القصوى لعدد من المواد على غرار الفواكه الجافة وكل مادة من شأنها أن تشهد شططا في الأسعار أو زيادات غير مبررة في مستوياتها.

واعتبرت وزارة التجارة أن المساهمة في تركيز نقاط بيع من المنتج إلى المستهلك بمختلف الولايات (المحافظات) وتزويدها بالمنتجات الضرورية، وإطلاق المغازات التجارية لعروض خاصة بشهر رمضان، من شأنها أن تكبح ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

وفي خضم هذه السياسات، يتمسك البنك المركزي باتباع سياسة نقدية حذرة في ظل المخاطر التضخمية في السوق المحلية، وذلك من خلال الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير عند 8 في المئة.

وكان المركزي قد اتخذ سلسلة من الزيادة في الفائدة بعد أشهر من الحرب في شرق أوروبا، وكانت أكبرها نهاية العام 2022 بمقدار 75 نقطة أساس عندما كانت الأسعار في ذروتها، مما ترك التونسيين في وضع صعب مع التهام التضخم جزءا كبيرا من الرواتب.

وتظهر مؤشرات نمبيو، وهي منصة أميركية تتابع الأوضاع المالية والمعيشية للمواطنين في مختلف بلدان العالم، أن الأسرة التونسية المكونة من أربعة أفراد تصل تكاليف مصاريفها الشهرية إلى 3722 دينارا (1203 دولارات) باستثناء الإيجار.

في المقابل، تقدر التكاليف الشهرية للفرد الواحد بنحو 338.5 دولارا دون إيجار مسكن، وهذا يعني أن ثمة عجزا على مستوى الدخل، وهو ما يجعل الناس يواجهون صعوبات، وبالتالي تدهورا في قدرتهم الشرائية.

وتبدو تونس في أمس الحاجة إلى تحفيز اقتصادي يجعلها قادرة على النهوض من أزمة معقدة تواجهها، ودفعت بتصنيفها إلى مستويات متدنية رغم المحاولات الحكومية المضنية لدفع عجلات نمو الناتج المحلي الإجمالي.

11