سياسات أردوغان تُبقي تعافي الليرة في دائرة المجهول

أنقرة - يسود اعتقاد لدى متداولي الليرة التركية، الذين تأثروا بانهيار سعرها بنسبة 25 في المئة هذا العام، بأن العمل المقبل سيكون مختلفا بعد التحول المفاجئ للرئيس رجب طيب أردوغان إلى سياسات أكثر تقليدية، لكن المحللين يرون أن تعافي العملة في ظل السياسة الراهنة أمر مستبعد.
وبلغت أزمة العملة ذروتها بقرار أردوغان إقالة محافظ البنك المركزي تشيتن كايا بسبب فشل السياسات النقدية في مواجهة التباطؤ الاقتصادي واستقالة صهر الرئيس براءت البيرق من منصب وزير الاقتصاد ورفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
وساعدت هذه الخطوات الليرة على تقليص تراجعها للعام الثامن على التوالي، لكن المستثمرين يريدون الآن دليلا على أن التحول في الاتجاه هو أكثر من مجرد مناورة مؤقتة.
ويرى محللون أن انخفاض الليرة هو دليل على العقد الماضي المزعج الذي شهدته تركيا، حيث أدت الاضطرابات السياسية والعقبات السياسية إلى تآكل الثقة في الاقتصاد البالغ 750 مليار دولار.
ووفقا لمجموعة غولمان ساكس، لدعم العملة المتدهورة، باعت البنوك التركية أكثر من 100 مليار دولار هذا العام وحده، عندما تم تداول الليرة عند أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.57 مقابل الدولار الشهر الماضي، بينما كان سعرها عند 1.5 للدولار في عام 2010.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى فيكتور زابو، كبير مديري الدخل الثابت في أبردين لإدارة الأصول في لندن، قوله إن التحول في السياسة النقدية “سيستمر على الأرجح لبعض الوقت فلا توجد احتياطيات متبقية للاستفادة
منها ولا انتخابات تقترب ومع ذلك، إذا تطورت الأمور، فهناك دائما خطر حدوث تحول في السياسة”.
ونجمت أحدث نوبة ضعف في الليرة عن مثل هذا المحور عندما فاجأ المركزي المتعاملين في أكتوبر الماضي بإبقاء أسعار الفائدة معلقة بدلا من رفعها، حيث يضع أردوغان علاوة على النمو خلق فرص العمل وخفض التضخم محددا لذلك، وقد أزعج الأسواق المحلية مرارا بوجهة نظر غير تقليدية مفادها أن المعدلات الأعلى تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
وبعد أن انخفضت الليرة إلى مستوى قياسي في بداية نوفمبر الماضي، أدى تغيير أردوغان لفريقه الاقتصادي إلى ارتفاعها بأكثر من 10 في المئة في عدة أيام. في حين أن العملة كانت مقيدة بالنطاق إلى حد كبير، إلا أنها لا تزال على المسار الصحيح لأسوأ انخفاض هذا العام في الأسواق الناشئة بعد البيزو الأرجنتيني.
وقال أولريش لوشتمان، رئيس استراتيجية العملة في كوميرزبانك أي.جي في فرانكفورت “ما نراه في سعر صرف الليرة الحالي هو أمل كبير في أن السياسة النقدية ستأخذ مسارا تقليديا مستقبلا”، لكن “الاختبار الحقيقي سيأتي عندما تضر السياسة النقدية من حيث الأداء الاقتصادي الحقيقي”.
وفي أعقاب مواجهة النمو المتراجع في 2018 فشل المسؤولون في الحفاظ على سياسة صارمة في أعقاب ذلك الانهيار، مما مهد الطريق في نهاية المطاف للتراجع هذا العام. وقال لوشتمان إن “الأمر سيكون مختلفا هذه المرة ويصعب التنبؤ به أكثر من أي وقت مضى”.
وعززت الليرة مكاسبها الأربعاء بعد أن قال محافظ المركزي الجديد، ناجي أغبال، إنه سيشدد السياسة بشكل أكبر لكبح التضخم وكذلك تكوين الاحتياطيات من النقد الأجنبي، لكن ذلك يعتبر تحركا ظرفيا لأن الغموض الذي يحيط بالاقتصاد سيدفعها إلى التراجع مرة أخرى.
ومع ذلك، يقول بيوتر ماتيس، محلل العملات في روبو بنك ومقره لندن إن الليرة يمكن أن ترتفع العام المقبل، وقد تزيد حتى أقل من 7 لكل دولار.
وقال إن ذلك سيأتي طالما حافظ أردوغان على دعمه للفريق الاقتصادي الجديد وحصول تغير في سياسة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن تجاه أنقرة.