سياسات أردوغان تفاقم العجز التجاري التركي

محاولات تركيا تحفيز الاقتصاد لا تزال تسير في الطريق الخاطئ.
الثلاثاء 2021/08/03
الحلول تكاد تكون منعدمة

تؤكد الأوضاع الاقتصادية المتردية في تركيا أن السياسات التي يقف خلفها الرئيس رجب طيب أردوغان لتخفيف البعض من المشكلات المتنوعة التي يعاني منها البلد منذ فترة، لم تسفر عن أي نتائج إيجابية لتخفيف ركود الطلب والنموّ، وهو ما قد يزيد التحديات أمام الحكومة لتعديل أوتار المؤشرات السلبية.

أنقرة - تتزايد الدلائل على أن محاولات تركيا تحفيز الاقتصاد لا تزال تسير في الطريق الخاطئ على الرغم من مطاردتها للحلول الممكنة لتفادي ما هو أسوأ.

وكشفت آخر البيانات الصادرة عن وزارة التجارة أن عجز تركيا التجاري زاد في يوليو الماضي بواقع 52.4 في المئة على أساس سنوي، ليصل إلى حوالي 4.3 مليار دولار وفقا لنظام التجارة العام.

وبينما ارتفعت الصادرات بنحو 10.2 في المئة إلى نحو 16.4 مليار دولار بعد أن تضررت في ربيع العام الماضي مع تأثير جائحة كوفيد – 19 على التجارة مع أكبر شركاء أنقرة، سجلت الواردات ارتفاعا بنحو 17 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 20.72 مليار دولار.

وبعد أن تضررت التجارة بشدة في نفس الفترة قبل عام جراء الجائحة، قفزت صادرات تركيا في يونيو الماضي بنحو 46.9 في المئة وارتفعت الواردات 38.7 في المئة مقارنة مع يونيو 2020.

وفقا لما ذكره معهد الإحصاء التركي الجمعة الماضي، فقد انكمش العجز التجاري في النصف الأول ككل بنحو 11.4 في المئة إلى 21.2 مليار دولار.

وباءت محاولات أنقرة لإعطاء صورة متفائلة عن وضعها الاقتصادي بالفشل خصوصا بعد مضاعفة كورونا لأزماتها، حيث أكد الخبراء والمؤسسات الدولية أن البلد يعاني من اقتصاد عليل حتى قبل أن ينتشر الوباء في العالم.

52.4 في المئة ارتفاع العجز في يوليو 2021 رغم أنه انكمش في النصف الأول من العام

وفي حين سجل التبادل التجاري لتركيا مع روسيا ارتفاعا بنحو 40 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لكن يبدو أنها تراجعت بشكل ملحوظ مع معظم الدول العربية من العام الماضي.

وتمكنت الدول العربية من خفض العجز التجاري مع تركيا من حوالي 21.2 مليار دولار في عام 2019، إلى أقل من 9 مليارات دولار خلال العام الماضي، بنسبة انخفاض 57.3 في المئة.

ويعيش الاقتصاد التركي أزمة مركبة تعود إلى عدة أسباب من أبرزها تراجع سعر صرف العملة المحلية، فيما تسعى الحكومة لإعادة عجلة الاقتصاد إلى النمو باتخاذ إجراءات متعددة لا تخلو من المجازفة.

وتراجعت الليرة الضعيفة بنحو 14 في المئة هذا العام بعد أن لامست أدنى مستوى لها على الإطلاق في يونيو الماضي، مما أدى إلى ارتفاع التضخم بسبب الواردات التركية الكبيرة.

وفي ظل زيادة الاحتياج لتمويل خارجي وحجم الودائع الكبير بالعملات الأجنبية محليا وانخفاض الاحتياطيات الاحترازية يبقى الاقتصاد عرضة للصدمات والتغيرات في مستويات الثقة في الداخل والخارج.

ووفقا للبنك الدولي، فإن وقع الأزمة الاقتصادية في تركيا أدى في نهاية المطاف إلى تفاقم الدين العام الخارجي الذي وصل إلى مستويات كبيرة تجاوزت أكثر من حوالي 445 مليار دولار.

وأبقى البنك المركزي التركي منتصف الشهر الماضي سعر الفائدة دون تغيير عند 19 في المئة، في خطوة لم تكن مفاجئة بالنسبة إلى الكثير من المحللين، وسط قلق من أن يشهد التضخم تقلبات أكبر خلال هذا الصيف.

الصورة
تركيا تتآكل بسبب سياسات أردوغان

ورغم أن أسعار الاستهلاك في تركيا ارتفعت خلال الأشهر الماضية بشكل غير متوقع إلى 17.5 في المئة، إلا أن المركزي لم يقدم أي مؤشر واضح على أن التيسير النقدي متوقع في الفترة المقبلة. وهو يتوقع تباطؤ التضخم اعتبارا من نهاية الربع الثالث ليصل إلى 12.2 في المئة بنهاية العام.

ويقول محللون إن هذا الوضع سيعرقل على الأرجح نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد الذي يعاني من عدة صدمات رغم مكابرة المسؤولين، وعلى رأسهم أردوغان، بأنه يتعافى. ومن المتوقع أن يظل التضخم مرتفعا مع تسارع وتيرة انخفاض الاحتياطيات النقدية.

ومع أن صندوق النقد الدولي توقع نموا قويا للاقتصاد التركي مع نهاية العام الجاري، إلا أنه حذر من مخاطر استمرار تراجع الاحتياطيات عن مستوياتها المنخفضة التي سجلتها سابقا.

وقال الصندوق في تقرير نشر الشهر الماضي بعد زيارة ما يعرف ببعثة مراجعة المادة الرابعة للبلاد، إن “من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا بنحو 5.75 في المئة في عام 2021 على أن تتباطأ وتيرة النمو العام المقبل”.

وتشير التقديرات الرسمية إلى انخفاض حجم الاقتصاد التركي إلى حوالي 717 مليار دولار العام الماضي مقارنة مع نحو 760.8 مليار دولار في العام السابق.

وانخفض إجمالي الاحتياطيات التركية لأقل بكثير من مستوى الاكتفاء المتعارف عليه، بينما يعتبر صافي الاحتياطيات النقدية الدولية سالبا عند استبعاد مقايضات العملات الأجنبية مع البنك المركزي.

التقديرات الرسمية تشير إلى انخفاض حجم الاقتصاد التركي إلى حوالي 717 مليار دولار العام الماضي مقارنة مع نحو 760.8 مليار دولار في العام السابق.

وأشار الصندوق إلى انحسار القدرات المالية لتركيا في ظل الالتزامات قصيرة الأجل والضغوط المحتملة لتجديد الديون في الوقت الذي تزيد فيه تراجعات الليرة من الضغوط غير المالية على الموازنة العامة للشركات والبنوك.

وثمة مخاطر محلية محتملة من التيسير السابق لأوانه في السياسات النقدية والائتمانية أو الأخطاء السياسية، التي قد تزيد من تآكل المصداقية والاحتياطيات الاحترازية.

في المقابل، تشمل المخاطر الخارجية ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة وتراجع مستويات تقبل المخاطر عالميا، والتي يمكن أن تكشف نقاط ضعف الاقتصاد وأثر تباطؤ وتيرة التطعيم والتطورات الجيوسياسية السلبية.

ويطالب المديرون التنفيذيون لصندوق النقد أنقرة ببذل المزيد من الجهود لكبح نمو الائتمان في البنوك الحكومية ومراقبة مطلوبات البنوك المقومة بالعملات الأجنبية.

11