سيارات السباق الكهربائية مختبر لتجربة تقنيات شحن البطاريات بكفاءة

أحدث طراز يجدد حوالي نصف طاقته من تقنية الكبح.
الأربعاء 2024/08/07
لفة احترافية، أليس كذلك؟

تحولت سباقات السيارات الكهربائية إلى مختبر لتجربة تقنيات شحن البطاريات بكفاءة، بعد أن تسللت هذه التكنولوجيا إلى الراليات قبل سنوات، ولا تزال محل متابعة واهتمام من قبل المختصين ورؤساء الفرق المتنافسة، وبشكل أكبر من قبل مصنعي هذه النوعية من المركبات.

لندن- عوّل السائقون الذين انطلقوا بنسبة 60 في المئة فقط من الطاقة الضرورية لإتمام السباق خلال بطولة العالم للفورمولا إي في لندن الشهر الماضي، على مكابحهم عند المنعطفات الضيقة لإنتاج طاقة كافية لإكمال 39 لفة في السباق.

ورغم أن صوت المحركات القوية شكل على مدى سنوات عامل جذب أساسيا لمشجعي رياضات السرعة، إلا أن صمت المحركات الكهربائية يبدو اختبارا جديدا.

ويجدد أحدث طراز من سيارة السباق الكهربائية حوالي نصف طاقته من تقنية الكبح. ووصفه الاتحاد الدولي للسيارات بأكثر سيارات الفورمولا إي كفاءة حتى الآن.

جيمس باركلي: ما نتعلمه من البرمجيات على المضمار يمكننا تطويعه
جيمس باركلي: ما نتعلمه من البرمجيات على المضمار يمكننا تطويعه

وساهمت الفورمولا إي، منذ بطولتها الأولى في العام 2014، في تسريع تطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية، مما يسهل بيعها للمستهلكين. كما تساعد الحوافز الضريبية وتخفيضات الأسعار ومجموعة الخيارات المتوسعة على توسيع السوق.

وقال جيمس باركلي، مدير فريق سباقات جاغوار تي.سي.أس لتومسون رويتيرز، إن “ما نتعلمه على مضمار السباق من خلال البرمجيات يمكّننا من نقل هذه المعلومات إلى فرقنا الهندسية الأساسية لسياراتنا المستقبلية”.

وتؤكد إحصائيات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية أن حوالي خمس السيارات التي بيعت سنة 2023 هي كهربائية. وتتوقع أن يكون لها دور رئيسي في تحقيق أهداف صافي الصفر من خلال تقليل استخدام الوقود وانبعاثات الكربون.

لكن الخبراء يحذرون من الحواجز التي تحول دون اعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع. ولا تكفي هذه الابتكارات وحدها لمعالجة الانبعاثات الناتجة عن النقل التي تتزايد مع نمو الاقتصادات والسكان.

وقالت سيسيليا بريسينو جارمينديا، كبيرة الخبراء الاقتصاديين بقطاع الممارسات العالمية للنقل بالبنك الدولي، إن “اعتماد السيارات الكهربائية هو شرط ضروري، ولكنه غير كاف لإزالة الكربون”.

وأكدت دراسة أجراها باحثون من جامعة ييل وجامعة كارنيغي ميلون أن التقدم التكنولوجي ساهم في زيادة حصة السيارات الكهربائية في الأسواق.

لكن جوليا بالي، نائب رئيس الاستدامة في الفورمولا إي، قالت إن “انتقال الابتكارات المصممة لسباقات الفورمولا إي إلى السيارات الكهربائية العادية يستغرق من أربع سنوات إلى خمس”. وتعمل فرق الفورمولا إي هذا العام على ضمان إعادة شحن المزيد من الطاقة في البطارية عبر الكبح في حالات محددة.

وقال توماسو فولبي، مدير فريق نيسان للفورمولا إي، إن هذا الكبح يمكن أن يساعد في تحسين قيادة السيارات الكهربائية العادية.

وارتفعت سعة بطارية سيارة نيسان ليف بنسبة 181 في المئة منذ انضمام الفريق إلى الفورمولا إي سنة 2014، وهي تُعد من أولى السيارات الكهربائية حيث أطلقت سنة 2010 وأنتجت بكميات كبيرة.

كما عززت جاغوار تي.سي.أس، الفائزة ببطولة هذا العام، مجموعة بطاريات سيارات الدفع الرباعي الكهربائية من جاغوار لاند روفر، استنادا إلى الخبرة في مضمار سباق الفورمولا إي.

◄ أحدث طراز من سيارة السباق الكهربائية يجدد حوالي نصف طاقته من تقنية الكبح. ووصفه الاتحاد الدولي للسيارات بأكثر سيارات الفورمولا إي كفاءة حتى الآن

وستعتمد شركة صناعة السيارات تقنية عاكس كربيد السيليكون التي تسمح بمجموعة نقل حركة أسرع وأخف، والتي طورتها لسيارات سباق جاغوار لاند روفر المستقبلية.

وذكر فولبي أن الفرق تعمل على تجربة الذكاء الاصطناعي لمتابعة الطاقة أثناء السباق. وستكون التكنولوجيا أكثر فائدة في السيارات الكهربائية العادية، حيث لا يتوفر مهندس لإجراء تغييرات على الفور.

لكن للسيارات الكهربائية ممارسات غير مستدامة رغم اعتبارها أكثر أمانا بيئيا من السيارات التقليدية. ويُذكر من هذه العيوب تعدين الليثيوم للبطاريات.

وتبحث فورمولا إي عن طرق لإطالة عمر البطارية وتقليل نفايات الإطارات وتطوير شحن فائق السرعة.

وتحدث بالي عن إعادة تدوير البطاريات المستخدمة في سيارات الفورمولا إي، وإعادة إدخال معادنها في خلايا البطاريات الجديدة كل موسمين. واعتبر أن “المغير الحقيقي لقواعد اللعبة هو بنية الشحن التحتية التي لا تتوفر بما يكفي وبالسرعة الكافية”.

وانبعث الكثير من الدخان في ختام الموسم على حلبة إكسل في لندن في الحادي والعشرين من يوليو الماضي، من إطارات سيارات الفورمولا إي المسرعة على المسار. وانتشرت رائحة المطاط المحترق تحت المدرجات. لكن تلوث الهواء بقي أقل بكثير مما تنتجه سيارات السباق التقليدية.

وساهمت الفورمولا إي في تعميم السيارات الكهربائية، وعرض قابليتها للقيادة وسرعتها على المستهلكين، إضافة إلى تغذيتها الأبحاث في مجال التكنولوجيا الجديدة أيضا.

وأكدت وكالة الطاقة الدولية نمو مبيعات السيارات الكهربائية خلال السنوات الخمس الماضية، وبلغت حوالي 14 مليونا في 2023، أي أكثر من ستة أضعاف العدد المسجل في 2018.

لكن هذه المبيعات لا تتركز سوى في ثلاث مناطق، حيث تباع 95 في المئة من السيارات في الصين والولايات المتحدة وأوروبا.

وكان الافتقار إلى بنية الشحن التحتية وسعر السيارات الكهربائية الأعلى، التي يمكن أن تكلف 70 في المئة أكثر من نظيرتها التقليدية، وفقا للبنك الدولي، أديا إلى إبطاء اعتمادها في الجنوب العالمي.

وقالت بريسينو جارمينديا إن “أكبر مشكلة نواجهها للمضي قدما تكمن في كيفية التعامل مع إزالة الكربون من النقل في البلدان النامية، حيث تتزايد الانبعاثات”.

جوليا بالي: نقل ابتكارات فورمولا إي يستغرق من 4 إلى 5 سنوات
جوليا بالي: نقل ابتكارات فورمولا إي يستغرق من 4 إلى 5 سنوات

وأكدت حاجة هذه البلدان إلى الاستثمار في بنية الشحن التحتية وكهربة النقل العام. وحددت وكالة الطاقة الدولية أن نقاط الشحن العامة على مستوى العالم نمت بنسبة 40 في المئة خلال 2023، مع تجاوز الزيادة في أجهزة الشحن السريع تلك البطيئة.

لكن آشلي نونيس، الباحثة في جامعة هارفارد، أكدت أن بنية الشحن التحتية تمثل مشكلة للمجتمعات ذات الدخل المنخفض المكتظة بالسكان.

وقالت إنه “يستحيل ببساطة بناء محطة شحن لكل شخص، ويستحيل ذلك أكثر عندما تكون المناطق كثيفة السكان لغياب المساحات الكافية”.

ويعد التحول إلى المركبات النظيفة الطريقة الأكثر مباشرة لمعالجة انبعاثات النقل، خاصة مع توقع نمو الطلب على السيارات.

لكن الحكومات تحتاج أيضا إلى تكييف التخطيط الحضري للحد من الازدحام المروري، وإلى الاستثمار في تحسين النقل العام وكهربته، وتحويل الشحن البري إلى سكك الحديد والقوارب.

ويشتد تنافس المصنعين لرفع سقف قدرات المركبات النظيفة لتنافس السيارات التقليدية في مدى السرعة والقوة، وهو ما تجلى في طرح تويوتا باكورة نماذجها التي تعمل بالهيدروجين السائل المخصص للسباقات مع بدء التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري.

وفي مطلع يونيو العام الماضي، ظهرت كورولا المتواضعة التي تعمل بالهيدروجين لأول مرة أثناء سباق أقيم على حلبة بالقرب من جبل فوجي في اليابان، وهي جزء من خطوة لجلب التقنية المتقدمة إلى عالم السباقات وإثبات عزم تويوتا على تطوير سيارات نظيفة.

وكانت سباقات السيارات تتحرك لتترك وراءها هدير الغازات التي تستهلك الكثير من الوقود. وقد أعلنت شركة هوندا موتور المنافسة لتويوتا العام الماضي أنها ستعود إلى سباقات الفورمولا واحد قائلة إن “اللوائح الجديدة هي فرصة للبحث في التقنيات الجديدة”.

كما قدمت شركات صناعة المركبات الأخرى، بما في ذلك جنرال موتورز الأميركية، التزامات مماثلة، مما يعني أن السنوات المقبلة ستشهد تحولا دراماتيكيا في عالم سباق السيارات.

15