سوق سوداء على الإنترنت للنباتات النادرة المهربة

باحثون يعملون على كشف مواقع اللصوص والتجار بشكل غير قانوني.
الاثنين 2021/09/20
تزايد الإقبال على النباتات الممنوعة

يستغل المهربون والمجرمون سوق الإنترنت الذي يشهد إقبالا واسعا خاصة في المدن المتطورة لعرض بضائعهم النادرة والمهربة مثل القطع الأثرية والحيوانات النادرة وحتى النباتات المهددة بالانقراض، فقد راجت مؤخرا سوق سوداء على الشبكة العنكبوتية لبيع النباتات الريَّانة وأنواع من الصبار الملون.

برلين - عثرت شبكات الجريمة والتهريب الدولية على مجال جديد لتحقيق أرباح غير مشروعة، فبعد تضييق الخناق عليها في الاتجار بالحيوانات، خاصة المعرضة للانقراض مثل الخرتيت، لجأت هذه العصابات إلى ميدان جديد يلقى إقبالا عالميا متزايدا وهو تهريب النباتات النادرة، وقد شجعت منصات التواصل الاجتماعي على هذا الاتجاه.

وحظيت صورة لنبات نادر غريب الشكل على أكثر من عشرة آلاف مشاركة على منصات التواصل، وتراكمت التعليقات تحت الصورة المنشورة بسرعة فائقة، ومن بينها تعليق يقول “أود أن أحصل على نبات مثل هذا”، ويقول تعليق آخر “أين أحصل على نبات مثله؟”، وبعد مرور بضعة أسابيع على نشر هذه الصورة، تم ضبط مجموعة من المهربين بجنوب أفريقيا وبحوزتهم هذا النبات المعرض للانقراض، والذي يحظر القانون الاتجار به.

ويشكو بيتر فان فيك، وهو عالم نبات يعمل بشكل وثيق مع معهد جنوب أفريقيا الوطني للتنوع الحيوي، قائلا “نتلقى كل يوم تقريرا جديدا بشأن سرقة النباتات”.

النباتات النادرة تحظى ب 3.5مليار مشاهدة على تيك توك، و 12.3 مليون تدوينة خاصة على إنستغرام

وعلى مستوى العالم، تعد جنوب أفريقيا موطنا لثلث النباتات الريَّانة التي تخزن المياه في أوراقها اللحمية، ومعظمها خاضع لحماية القانون.

وبدعم من منصات التواصل الاجتماعي، راجت التجارة في النباتات بشكل غير مشروع، وبدرجة تضارع الصيد غير القانوني للخرتيت، وذلك نتيجة دخول شبكات الإجرام الدولية فيها، كما يوضح فان فيك.

ومن السهل تحديد حجم الأرباح التي يمكن تحقيقها في هذا المجال أيضا، فمثلا صور النباتات النادرة على منصة تيك توك حظيت بـ3.5 مليار مشاهدة، ونشرت على منصة إنستغرام 12.3 مليون تدوينة خاصة بالنباتات النضرة.

وقد يبدو الأمر كله وكأن له علاقة بحب النباتات ورعايتها والصور الجميلة، ولكن تكمن خلف ذلك دائما تجارة في السوق السوداء لبعض أكثر النباتات ندرة في العالم.

وكلما كان النبات مهددا بالانقراض، زاد الطلب عليه وارتفع سعره، فمثلا النبات الذي كان سعره يبلغ منذ عامين يورو واحدا، ارتفع ثمنه حاليا ليصل إلى 1700 يورو، وفقا لما يقوله فان فيك، الذي يضيف أن “الأمر أصبح يشبه عملة البيتكوين المشفرة، أي أنه سوق تمت إقامتها بشكل مصطنع وأخذت حجما مبالغا فيه”.

ويشير فان فيك إلى أن النباتات الريَّانة التي تنمو غالبا في أشكال هندسية جميلة أو غير عادية، تلقى طلبا عاليا خاصة في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

ويطور الباحثون في حدائق النباتات الملكية في كيو بإنجلترا خوارزميات تعمل بالذكاء الاصطناعي، للمساعدة في تصفح مواقع الإنترنت بحثا عن معلومات حول التجارة غير المشروعة في النباتات المعرضة للخطر.

وتتمثل فكرة الباحثين في استخدام مزيج من الخبرة بالنباتات وعلم الجريمة وتكنولوجيا الاتصالات، لتحليل السلوكيات على شبكة الإنترنت والكشف عن مواقع اللصوص وتجار النباتات بشكل غير قانوني.

ويمثل هذا سباقا مع الزمن لحماية هذه النباتات، وفي تشيلي أصبحت التجارة غير القانونية في نبات كاكتي، وهو نوع من الصبار له أزهار ملونة، وفائق الندرة، واحدة من أكثر الأنشطة التي تجلب الأرباح لشبكات الإجرام في هذه الدولة، ويوضح عالم النباتات بابلو جيوريرو من جامعة كونسبسيون في تشيلي أنه تتراوح حصيلة هذا النشاط غير المشروع ما بين خمسة مليارات دولار و33 مليارا سنويا.

ويقول كريستيان سالاس مدير قسم الغابات بمدينة أنتوفاجستا في تشيلي إن هواة جمع النباتات يرغبون بشكل خاص في الحصول على نبات صبار كاكتي الذي يوجد في منطقة معينة فقط.

وقبل عام عثر شرطي على هذه النوعية من نبات الصبار الذي ينمو بصحراء أتاكاما في تشيلي، أثناء حملة أمنية في مقاطعة أنكونا الإيطالية.

العملة الافتراضية تسهل البيع والشراء
العملة الافتراضية تسهل البيع والشراء

وقال سيمون شيشيني، من الشرطة الإيطالية “تمت مصادرة نحو ألف نبات من هذه النوعية… كان يباع الواحد منها بمبلغ يتراوح بين 2000 إلى 5000 دولار”.

كما عانت المكسيك بشدة من تهريب نباتات الصبار.

وذكرت سلطات البيئة المحلية أن المكسيك تنفرد بوجود 518 نوعا من الصبار، من إجمالي الأنواع التي يبلغ عددها على مستوى العالم 1400 نوع.

وفي إقليم كيب فلورال بالمنطقة الجنوبية الغربية من دولة جنوب أفريقيا، وهي منطقة أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في قائمة التراث العالمي لديها، وكذلك في منطقة ناماكيوالاند بأقصى الشمال، والتي تشتهر بالتنوع الحيوي، تنمو العشرات من أنواع النباتات التي لا يمكن العثور عليها في البرية بأي موقع آخر في العالم.

ولا يزال المهربون لا يبالون بالأضرار التي ألحقوها بثروة هذا الإقليم الطبيعية، وصادرت السلطات العام الماضي قرابة 150 كيلوغراما من النباتات المحمية، وفقا لما ذكرته منظمة “كيب نيتشر” البيئية الحكومية.

ويحذر فان فيك قائلا إن “ما نراه حاليا هو الخسارة السريعة والشاملة لأنواع كاملة من النباتات”.

وفي منطقة ناماكيوالاند أسفرت عملية مداهمة قامت بها الشرطة في منتصف 2020 عن إلقاء القبض على أربعة مهربين متلبسين في جانب من طريق ريفي، وهم يحاولون بيع مجموعة من النباتات الخاضعة للحماية، تضارع قيمتها 134 ألف دولار.

ويمكن لهذه النباتات البقاء على قيد الحياة فقط بعد انتزاعها من الأرض برعايتها داخل حضانات نباتية ترعاها أطقم مدربة.

وقال ضابط الشرطة كاريل دو توا، الذي يرأس وحدة خاصة لمكافحة تهريب النباتات، لمحطة “كيب توك” الإذاعية “هذه هي المأساة الكبرى، لأن الحياة البرية فقدت إلى الأبد”.

 
20