سوق العقارات الساخنة في دبي يستعد للتباطؤ

توقعات بأن يكون عام 2024 نقطة تحول في نشاط القطاع ليصبح أقل ازدهارا من 2023.
الخميس 2023/12/28
كيف يحدد المهندس ارتفاع المبنى أثناء التصميم؟

ينضم الكثير من المشترين للعقارات في دبي إلى المستأجرين والمحللين والمطورين في محاولة التنبؤ بما إذا كان السوق قد بدأ أخيرا في التحول من الموجة الساخنة مع تسليم عدد كبير من المساكن الجديدة، وتزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي في الإمارة.

دبي - تظهر علامات في سوق العقارات في دبي بأنه يستعد للتباطؤ خلال المرحلة المقبلة عقب فورة من الصفقات، والتي كانت أحد محركات نشاط القطاع مما ساعد في تحفيز النمو الاقتصادي للإمارة.

ويجسد الزوجان المصريان كريم يوسف ودينا حبيب اللذين اشتريا أول عقار لهما قبل تسعة أشهر هذا التحول حيث يدرسان بيع شقتهما المكونة من غرفتي نوم في منطقة جميرا مقابل قسط بنسبة 26 في المئة على مبلغ 1.7 مليون درهم (460 ألف دولار).

ويأمل الزوجان، اللذان أمضيا ثماني سنوات في الإيجار في الإمارة، في الحصول على عقار أكبر لعائلتهما المكونة من ثلاثة أفراد بنفس السعر أو أقل.

وقال يوسف “لسنوات، كنا ندفع الرهن العقاري لشخص آخر لأننا كنا خائفين من الشراء في سوق ترتفع وتنخفض، والآن، نعتقد أن السوق ربما وصل إلى ذروته، ولذلك نخطط لبيع وشراء منزل بحديقة في العام المقبل عندما نأمل أن تنخفض الأسعار قليلاً”.

وتبدو هذه الحالة واحدة من بين مئات الآلاف من أصحاب المنازل الذين يحاولون التنقل في سوق الإسكان النشط في دبي، والذي تفوق في أدائه على معظم الأسواق الأخرى حول العالم هذا العام.

تيمور خان: لا حجة مقنعة على المدى القريب تفسر انخفاض النشاط
تيمور خان: لا حجة مقنعة على المدى القريب تفسر انخفاض النشاط

وحتى الآن، كان الازدهار مدعوما بتدفق المستثمرين الأثرياء مثل الروس الذين يسعون إلى حماية أصولهم، وأصحاب الملايين في العملات المشفرة، والهنود الأثرياء الذين يبحثون عن منزل ثان.

كما اجتذب تعامل الحكومة مع الأزمة الصحية ثم اعتماد سياسات أكثر انفتاحا في مسألة التأشيرات المزيد من المشترين الأجانب.

ومنذ يناير 2020، ارتفعت الإيجارات في الإمارة بنحو 42 في المئة، في حين قفزت أسعار المنازل بنسبة 33 في المئة تقريبا، وفقا لشركة الاستشارات العقارية سي.بي.آر.إي غروب.

وشهدت إيجارات الفلل بعضا من أكبر الزيادات لتصل الآن إلى متوسط يبلغ حوالي 88.4 ألف دولار سنويا.

ودفعت هذه الزيادة العديد من المستأجرين مثل يوسف وزوجته إلى المخاطرة وشراء عقار لتجنب الارتفاع المتكرر في الإيجارات أو دفعهم خارج المدينة.

وبعد أن قام مالك العقار بزيادة إيجار منزلهما المكون من غرفتي نوم بنسبة 16 في المئة على مدى ثلاث سنوات، اشترى الزوجان الشقة التي يحاولان الآن بيعها.

ومرّ سوق العقارات في دبي منذ فترة طويلة بفترات ازدهار وكساد حادة، مع حدوث واحدة من أكثر فترات الركود دراماتيكية في عام 2009، بعد سنوات من النمو المدفوع بالديون. وترك الانهيار بعضا من أكبر مطوريها على حافة الإفلاس.

ولكن منذ 2011 انتعشت الأسعار قبل أن تتراجع مرة أخرى في 2014 بعد أن أضر انهيار أسعار النفط باقتصادات الشرق الأوسط.

ومنذ ذلك الحين، أدخلت حكومة دبي سلسلة من الإصلاحات للمشترين والمطورين للحد من التقلبات، بما في ذلك زيادة الدفعات المقدمة المطلوبة للقروض العقارية إلى 20 في المئة.

براثيوشا غورابو: الأسعار ستكون معتدلة ولكن لن تنخفض كثيرا العام المقبل
براثيوشا غورابو: الأسعار ستكون معتدلة ولكن لن تنخفض كثيرا العام المقبل

ومع ذلك، فإن بيع عقار “على أمل الحصول على عقار مماثل في العام المقبل بسعر أقل يعد رهانا محفوفا بالمخاطر”، كما قال تيمور خان رئيس الأبحاث في سي.بي.آر.إي.

ويتوقع خان أن ترتفع الأسعار بشكل معتدل بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المئة العام المقبل، لكنه لا يرى “حجة مقنعة تفسر سبب انخفاض الأسعار في ظل استمرار الزيادة السكانية والاقتصاد في النمو”.

وحاليا على الأقل، هناك القليل من الأدلة في المدينة على أن السوق بدأ في التباطؤ. وتسد الاختناقات المرورية الطويلة الطرق السريعة الرئيسية حتى في عطلات نهاية الأسبوع.

وما يعزز ذلك قوائم الانتظار أمام المحلات التجارية الكبرى، وارتفاع معدلات التحاق الطلاب بالمدارس بنسبة 12 في المئة هذا العام، وهي أكبر زيادة منذ عام 2007.

لكن محللين بدأوا يحذرون من أن 2024 قد يمثل نقطة تحول. وفي وقت سابق هذا الشهر قال بنك مورغان ستانلي إنه يرى “استمرارا للرياح المواتية” للسوق ويتوقع أن يكون العام المقبل “أقل ازدهارا من عام 2023”.

وبينما تستمر الإيجارات في الارتفاع إلى مستويات مذهلة، فإن معدل الارتفاع يتباطأ في بعض الأحياء الأكثر شعبية في المدينة.

وفي نوفمبر الماضي، ارتفع متوسط الإيجار بنسبة 19.2 في المئة، وهو أقل قليلا من النمو المسجل في أكتوبر بنسبة 19.7 في المئة، وفقا لشركة سي.بي.آر.إي.

في المقابل، انخفضت المعاملات بنسبة 13 في المئة في نوفمبر بمقارنة سنوية، ويرجع ذلك أساسا إلى انخفاض المبيعات على المخطط بنسبة 26.4 في المئة مع بيع المشاريع الجديدة ونفاد مخزون المطورين. ومع ذلك ارتفعت مبيعات المنازل القائمة بنسبة 5.1 في المئة.

وتتوقع براثيوشا غورابو، رئيسة قسم الأبحاث والاستشارات في شركة العقارات كوشمان آند ويكفيلد كور، أن تكون الأسعار معتدلة ولكن لن تنخفض في العام المقبل.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى غورابو قولها إن النمو السكاني سيدعم السوق و”إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة، فإن ذلك سيشجع مشتري الرهن العقاري”.

Thumbnail

وبحسب تقديرات بنك الاستثمار الأميركي مورغان ستانلي فإن القروض العقارية تثمل حاليا حوالي ربع جميع المعاملات العقارية في دبي.

ورجحت وكالة ستاندرد آند بورز الشهر الماضي ارتفاع أسعار المنازل بنسبة 5 إلى 7 في المئة العام المقبل قبل أن تنخفض من 5 إلى 10 في المئة خلال عام إلى 18 شهرا، حيث يؤثر عدم اليقين الاقتصادي العالمي وزيادة المعروض من المنازل الجديدة على السوق.

وقالت تاتيانا ليسكوفا المديرة المساعدة لتصنيفات الشركات في وكالة التصنيف الائتماني “لا توجد علامات كبيرة على تحول الدورة بالفعل، لكننا نعلم أن المشترين يقلصون حجم العقارات قليلا، لذا فإن متوسط حجم العقارات يتقلص”.

وأضافت أن “الجزء الأكبر من السوق يقترب من حد معين من حيث القوة الشرائية”.

وبعد عام قياسي في المبيعات وعمليات الإطلاق الجديدة، بدأ المطورون أيضا في التكيف. وتتوقع وكالة ستاندرد آند بورز تسليم 40 ألف عقار في دبي العام المقبل ونفس العدد في عام 2025.

وهذا عدد كبير مقارنة بالسنوات السابقة حيث يتراوح بين 15 و30 ألف منزل. ونتيجة لذلك، يتوقع مورغان ستانلي أن يتحول تركيز المطورين إلى الأرباح مع تنفيذ مثل هذه الأعمال المتراكمة الكبيرة، رغم أن الشركات عادة ما تقدم عقارات أقل من المتوقع.

ويثير سجل دبي من دورات الازدهار والكساد القلق بالنسبة إلى محمد العبار، مؤسس شركة إعمار العقارية، التي شيدت أطول ناطحة سحاب في العالم وتمثل حوالي 30 في المئة من سوق دبي.

وسجلت الشركة زيادة في الإيرادات المتراكمة من مبيعات العقارات في سوقها المحلية بنسبة 60 في المئة عن العام السابق إلى 59.6 مليار درهم (16.26 مليار دولار) اعتبارا من مطلع أكتوبر الماضي.

وتستغل إعمار، التي من المقرر أن تسجل أعلى أرباح سنوية منذ عام 2012، اقتصاد المدينة المزدهر كفرصة لإدارة شؤونها المالية، لكن العبار يظل حذرا. ويعد تنفيذ المشروع وصحة الميزانية العمومية للمقاولين من بين أكبر اهتماماته. وقال العبار في مقابلة أجرتها معه بلومبرغ مؤخرا إن “الإمارات تحلق”، لكنه أشار إلى أن “هذا هو الوقت المناسب للتفكير في الخطأ الذي يمكن أن يحدث”.

ولا يعتقد حسين سجواني، مؤسس شركة داماك العقارية، إحدى أكبر شركات التطوير العقاري المملوكة للقطاع الخاص في دبي، أن سوق الإمارة يشهد نشاطا محموما حتى الآن ويتوقع أن تستقر الزيادة في الأسعار.

ومع ذلك، يجد سجواني أيضا صعوبة في التنبؤ بما قد يحدث في العام المقبل. وقال في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ في وقت سابق من هذا الشهر إن الأسعار قد تتقلب “حوالي 10 في المئة صعودا أو هبوطا”.

10