سوق الحويش.. ذاكرة أهل النجف المهددة بالزوال بأمر العتبة المقدسة

كُتّاب ومثقفون يطلقون حملة على مواقع التواصل لحماية السوق الأثري.
الأربعاء 2023/04/05
محاولات لإلغاء هوية

يرفض ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هدم سوق الحويش التاريخي في مدينة النجف بقرار من العتبة العلوية لتوسعة مرقد الإمام علي، فبهدمهِ سيُهدمُ تاريخٌ حافل للعراقيين ومزار للمثقفين والكتاب.

بغداد - أثار قرار السلطات المحلية في مدينة النجف، جنوبي العراق، هدم سوق الحويش التاريخي، بهدف توسعة مرقد الإمام علي القريب منه، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات لهدم السوق التراثي القديم.

ونشرت العتبة العلوية عبر صفحتها الرسمية على موقع إنستغرام صورا ومقاطع فيديو تظهر أعمال هدم في محيط مرقد الإمام علي بن أبي طالب، وقالت إنها “تباشر بتوسعة الصحن الشريف من الجهة الجنوبية بمساحة 6000 متر مربع".

وعن طبيعة الأعمال في المساحة الجديدة للتوسعة قال رئيس قسم الشؤون الهندسية المهندس مصطفى محبوبة في تصريح “بتوجيه من الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة باشرت الكوادر الهندسية بأعمال الإزالة للمحال التجارية في المحيط الخارجي للصحن الشريف ضمن مشروع التوسعة الجديد”، مضيفا أن “هذه الأعمال هي تهيئة لمشروع توسعة الصحن الشريف للـ90 متراً المحيطة به".

وتصدر هاشتاغا #نرفض_تهديم_سوق_الحويش و#سوق_الحويش مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، حيث شهدت غضبا واسعاً من عزم العتبة العلوية هدم سوق الحويش التراثي الذي يزيد عمره عن 700 عام. وكتب مغرد:

 

وعلق آخر:

 

واعتبر ناشط:

 

ورأى معلق:

jasem_neama@
كم من المليارات دفعت لأصحاب العقارات من أجل توسعة مرقد مذهب وحوله شعب يتضور جوعا وخوفا وصاحب المرقد ساكن عند الخالق.

 

وقالت العتبة في منشورها إنه تمت المباشرة بهدم العقارات بتاريخ 11 شعبان، الموافق لـ5 – 3 – 2023 وبثلاثة محاور، المحور الأول والأهم، وهو المتمثل في الجبهة الشرقية من الحرم الطاهر، والذي سيوفر مساحة 1500 متر مربع، سيضاف إلى المنطقة المقابلة لباب الساعة، والمجاورة للسوق الكبير.

والمحور الثاني في التوسعة يشمل المنطقة المقابلة لباب القبلة وباب الفرج، أما المحور الثالث والأخير في التوسعة فهو من الجهة الشمالية المتمثلة في المنطقة المقابلة لباب الطوسي.

واتهم ناشطون العتبة العلوية بمحاولة إلغاء هوية النجف وتاريخها، ورأوا أنه يمكن القيام بإجراءات أخرى لتوسعة المرقد دون الإضرار بالسوق وهدمه، لا استسهال التخريب وإزالة الأماكن التراثية والمعالم الأثرية.

وجاء في تغريدة:

 

وكتب ناشط:

 

وأطلق العديد من الناشطين، خصوصا من الكتاب والمثقفين والقراء، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن الشعبي والتحرك لمنع هدم السوق. ومن بينهم الرئيس الأسبق لاتحاد أدباء النجف الشاعر فارس حرّام، الذي دعا إلى التحرك العاجل، وقال في تغريدة:

 

ولخص حرّام الموضوع قائلا "القصة إنّ العتبة العلوية اشترت (ولا تزال تشتري) أملاك المدينة القديمة لغرض توسعة المناطق المحيطة بمرقد الإمام علي (ع)، وسوق الحويش يقع ضمن هذه المناطق، ومن ثم سيناله ما سينال تلك المناطق من الهدم".

وينقل بعض سكان منطقة الحويش أن سعر شراء المتر الواحد من تلك المباني بلغ ستين مليون دينار عراقي. وتساءل حرّام بقوله "من لا يبيع؟".

وأضاف موضحاً “بناءً على ما تقدم يكون تعامل العتبة العلوية مع الموضوع من الناحية القانونية صحيحاً لا غبار عليه. لكنّه من الناحية الثقافيَّة لا يمكن وصفه بأقل من جريمة ثقافيّة نكراء".

وذكرت وسائل إعلام محلية أن مدير قسم الإعلام في العتبة العلوية بمحافظة النجف، أبوالحسن محيي الدين، انتقد هذا الحراك ضد العتبة، وأكد على “قانونية” العمل و”رضا” الناس به.

وأضاف محيي الدين، أن التوسعة التي تجريها العتبة العلوية اكتملت في الجهتين الشمالية والشرقية بشكل قانوني وبلا أية مشاكل، لكن المشكلة أُثيرت حول الجهة الغربية التي فيها سوق الحويش.

وقال إنه “لا يزال فيها من لا يقبلون البيع، وهي محال أو دور فيها ورثة، وبينهم من باع حصته وبانتظار البقية وهم قلة جدًا”، إذ أن هناك “مكاتب ومحال شملت بمسافة التوسعة 90 مترًا بداية من جدار الصحن، وبالمقابل هناك من لم يشمل وسيبقى بعمله دون ضرر". ولفت إلى أن "المفاوضات مستمرة مع من لم يبيعوا إلى حد الآن من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي".

ونوه إلى أن أغلب أصحاب محال سوق الحويش وأهالي الدور وافقوا على البيع بطرق رضائية وقانونية وبمبالغ استحصلوا عليها كما يريدون وهو عكس ما يجري في جميع العتبات، وبعد إرضاء صاحب الملك بالمبلغ المالي الذي يريده للبيع تمنح العتبة مدة بين 4 إلى 6 أشهر للإخلاء والتسليم للجنة المختصة من العتبة.

ومن جهته كشف النائب عن محافظة النجف عدنان الزرفي عن موقف للمرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني من هدم سوق الحويش.

وقال الزرفي إنه "سبق أن قامت المحافظة بتأهيل سوق الحويش ضمن تخصيصات النجف عاصمة للثقافة الإسلامية”. وأكد أن "المرجع السيستاني في ذلك الوقت حينما تم إعمار السوق قد لمسنا منه إصرارًا ودعمًا للمحافظة على السوق بحلته التاريخية".

لكن بالنسبة إلى الناشطين والمثقفين والقراء الذين اعتادوا ارتياد السوق فإنه يشكل لهم جزءا من تاريخهم وذاكرتهم ويرفضون أي مساس به. وقال بعضهم “قد يكون تعامل العتبة العلوية مع الموضوع من الناحية القانونية صحيحاً. لكنّه من الناحية الثقافية لا يمكن وصفه بأقل من جريمة ثقافيّة نكراء".

5