سوريون يخاطرون بحياتهم بحثا عن "بنت الرعد" في البادية

الرقة (سوريا) - تجبر الظروف الاقتصادية الصعبة المئات من السوريين عن البحث عن ثمار الكمأ أو ما يعرف بـ”بنت الرعد”، في البادية السورية، لكن الكثيرين منهم يقضون بسبب الألغام أو هجمات خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية.
ورغم الخسائر البشرية، فإن مغريات البحث عن الكمأ، تتغلب على نفوس الباحثين عنها، بالنظر إلى ارتفاع أسعاره في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعصف بالبلد بعد 13 عاما من النزاع الدامي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 11 من جامعي الكمأ الأحد في هجوم نسب إلى تنظيم الدولة الإسلامية في بادية الرقة، المعقل السابق للتنظيم المتطرف.
وقال المرصد في بيان إن مقتلهم جاء “نتيجة تفجير لغم بسيارة كانت تقل عددا منهم، أثناء رحلة البحث عن الكمأ في بادية الحمى في الرقة” بشمال سوريا.
وأضاف “تبع التفجير هجوم لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية بالأسلحة الرشاشة على تجمع للسيارات لباحثين عن الكمأ”. وأوضح المرصد الذي يتخذ مقرا في بريطانيا لكن له شبكة واسعة من المصادر في سوريا، أن الهجوم أسفر أيضا عن خطف ثلاثة أشخاص.
مغريات البحث عن الكمأ تتغلب على نفوس الباحثين عنها، بالنظر إلى ارتفاع أسعاره في ظل ظروف اقتصادية صعبة
وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة من سوريا اعتبارا من عام 2014، قبل إعلان هزيمته في مارس 2019 على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية التي يمثل الأكراد عمودها الفقري.
ورغم هزيمته، تنتشر خلايا التنظيم الجهادي عبر البادية السورية حيث تنفذ بانتظام هجمات دامية، خاصة خلال موسم الأمطار، بين فبراير وأبريل، وهو الوقت الوحيد من العام الذي يمكن فيه جمع الكمأ.
ومنذ بداية الموسم الحالي لجمع الكمأ سقط العشرات من القتلى نتيجة العبوات الناسفة ومخلفات الحرب وهجمات داعش. وفي وقت سابق من الشهر الحالي قتل أكثر من 18 شخصًا معظمهم من المدنيين، في بادية كباجب بريف دير الزور الجنوبي، بعد محاصرتهم من قبل مسلحين لداعش في المنطقة، في أثناء جمع الكمأ.
وذكر المرصد أن من بين القتلى أربعة من عناصر الدفاع الوطني التابعين للحكومة السورية، كما فقد أكثر من 50 في الهجوم الذي جرى بأسلحة رشاشة.
ويتطلب البحث عن الكمأ موافقات أمنية من الحكومة السورية أو من قوات “سوريا الديمقراطية”. لكن هذه الموافقات لا تحمي صاحبها.
ويقول سوريون إنهم مضطرون للمخاطرة في ظل الأعباء المعيشية، معتبرين أن الكمأ يوفر مدخولا مهما، بالنظر لارتفاع أسعاره.
ووصل سعر الكمأ في بداية الموسم إلى أكثر من 500 ألف ليرة سورية (أكثر من 35 دولارا)، قبل أن ينخفض إلى أسعار تتراوح بين 250 و50 ألف ليرة سورية حالياً.
والكمأ هو نوع من الدرنيات والجذور التي لا ورق لها، ولا ساق وتخرج في الأرض من دون زراعة، وتكثر في أوقات المطر الغزير والرعد الكثير، والتفسير العلمي لتكوّن درنات الكمأ في الأرض يعود إلى البرق وتشكيل العديد من الأكاسيد والمركبات الغذائية فيما يعمل الرعد على ترسيب هذه المركبات إما على صورة جافة بفعل الثقالة الأرضية الجاذبية وإما على صورة محاليل مائية بفعل حبات المطر، وتصل الطبقة السطحية للأرض بعد أن رفع الرعد من قدرتها على تخزين الماء لنمو الكمأ.